رؤى في تنزية آيات من سورة التوبة

كثيرا ما حاول أعداء القرآن الكريم ، الطعن في آياته الإلهية ، عندما فسروها حسب أهوائهم الشيطانية
ولكن علماء الإسلام الأفاضل تصدوا لكل هذه المطاعن الكاذبة بالرد الحسن والتفسير البياني الواضح
لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد .
ومن قراءتي المتأنية في كتاب :
تنزيه القرآن عن المطاعن
للقاضي عبد الجبار
والذي أهداه إلي أخ كريم زارني حبا في الله مع صديق عزيز ، يعمل أستاذا في إحدى جامعات أمريكا 
وهو الدكتور المهندس / عبد الحميد مظهر ، ومهدي الكتاب الأخ الكريم المستشار عبدالرؤوف النويهي
وفي سورة ( التوبة ) أو ( براءة )
ذكر المؤلف رحمه الله سبعة وعشرين مطعنا ورد علي كل واحد بالحجة والمنطق والبرهان فدحض كل افتراء منها.

وقد اخترت أن أعرض بعضها بإيجاز وتصرف ، وهذا لايغني عن ضرورة اقتناء الكتاب وقراءته كله ففيه فوائد جمة .
فقد قال بعض المفترين على الله تعالى عن الآية رقم ( 31 ) من السورة الكريمة والتي جاء فيها : 
اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ)
كيف يصح ذلك وليس في النصارى من يتخذ أحبارهم أربابا ، وإنما يقولون هذا في عيسى
فقط ؟!!
ويرد القاضي عبدالجبار بقوله :( أن المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في معناه ( إنهم لما أطيعوا فيما أمروا به ، ونهوا عنه وصفوا بأنهم اتخذوا أربابا )
وذلك صحيح فيهم فنحن نقول لمالك العبد بأنه ربه إذا أطاعه فالأمر على سبيل المجاز مستقيم ، فلقد بيَّن الله تعالى بعد ذلك بقوله :
(وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31)
والطاعة والعبادة لاتحق إلا لله ، ثم قال تعالى :
( يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ) فوصف باطلهم بهذا الوصف وعقب عليه بقوله ( وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32)ثم قال:
هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (33)
فهذا هو الدين الحق الذي يظهره الله على كل الدين كله لأنه يتم نوره بقدرته تعالى .
أما معظم الرهبان والأحبار فطاعتهم محرمة لأن كثيرا منهم يأكلون أموال الناس بالباطل، ويصدون عن سبيل الله. إلا من رحم ربي .
ونتكلم عن مطعن آخر وهو مادار حول الآية الكريمة التي يقول الله تعالى فيها :
(إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا.............)(37)
قال أعداء الحق : إن هذا الكلام ـ أو النص ـ يعتبر كأن الله ينص على أنه خلق الكفر فيهم ،والجواب أهم كانوا يؤخرون الحج من شهر إلى شهر ، فبيَّن الله تعالى أنهم يُضِلُّون بذلك ، لا إن الله تعالى يفعله ، فالإضلال منسوب إليهم هم وليس إليه تعالى .
فعلى المسلم أن يعي جيدا أن ما يختلقه الطاعنون على القرآن إنما يقصدون إدخال الشك على قلوب ضعاف الإيمان ، الذين لا يتلون كتاب الله ويتدبرون آياته ومعانيها وتكاملها من أول الكتاب الكريم إلى آخره فنحن نؤمن بالكتاب كله ، لا ببعضه كما ينتقي المنافقون أجزاء لوضع مطاعنهم عليها دون أن يعرفوا الحق الكامل المترابط الذي يتضمن الحكمة الإلهية المعجزة. فهم مثلا عندما طعنوا على قوله تعالى :
(الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا...........)(97)
قائلين أنها كالمتناقضة مع قوله تعالى :
(وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ..)(99)
نقول لهم : إن الكلام إذا اتصل دلَّ آخره على أوله ، فالمراد بذلك أن بعض الأعراب ، ويحتمل كما جاء في بعض التفسيرات ؛ أهنم منْ امتنع عن المهاجرة فقد كان يقال : مهاجر وأعرابي، وبين ذلك قوله تعالى :
(وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100)فميزهم من الأعراب الذي أرادهم بالآية التي طعنوا عليها رقم (97).
وهكذا ندعو الله أن نكون من المدافعين عن القرآن الكريم ، وأن يكون لنا نورا على الصراط.




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

البلاغة والمجاز

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )