لماذا نستخدم الأمر في كلامنا ؟!!

كما تحدثنا عن سبب استخدامنا لأسلوب الاستفهام ، وأغراضه البلاغية في المقال السابق.
نتكلم اليوم عن أسباب استخدامنا لاسلوب الأمر ، وما أغراضه البلاغية .؟!
هناك الأمر المباشر الحقيقي نطلب فيه الإجابة عن أمر نقصده من المخاطب ، نحو :
قلْ الحق . ويا أيها القائدان قودا شعبيكما إلى الإصلاح والتغيير  ، وأنتم ياجماهير الشعب أعطوا أصواتكم لمن يستحقها .

وهكذا تخاطب بفعل الأمر المفرد ، والمثنى ، والجمع . بغرض الحقيقة المطلوبة في الأمر .
ويخرج الأمر عن معناه الحقيقي ليؤدي أغراضا متنوعة تختلف من أسلوب إلى آخر حسب مقتضى الحال في البلاغة
1- فنحن نستخدم الأمر للدعاء :
ويعرف الغرض في هذه الحالة إذا كان الدعاء موجها من الأدنى إلى الأعلى ، كما جاء في القرآن الكريم على لسان سيدنا إبراهيم عليه السلام
( ربِ اجعلْ هذا البلد آمنا ، وارزقْ أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر  )
وقال المتنبي يخاطب سيف الدولة قائلا :
أخا الجودِ أعطِ الناسَ ما أنت مالكُ = ولا تعطينَّ الناس ماأنا قائل 
2- ونأمر لنتمنى :
إذا كان الأمر لغير العاقل كقول امريء القيس:
ألا أيها الليل الطويل ألا انجلِ = بصبح وما الإصباحُ منكَ بأمثلِ
3- ونأمر لننصح ونرشد المخاطب :
عندما لا يكون هناك إلزام في الأمر بالتنفيذ ، ولكن الرغبة في النصح والتوجيه للخير ، مثل قول المصطفى عليه الصلاة والسلام :
لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ( إن أردت أن تسبق الصِّديقين ، فَصِلْ منْ قطعكَ ، وأعطِ منْ حرمك ، واعفُ عمنْ ظلمكَ )
ويقول أبو العتاهية :
واخفض جناحكَ إنْ مُنِحْتَ إمارةً = وارغبْ بنفسكَ عنْ ردى اللذَّات 
4- ويكون الأمر للالتماس : 
حين يكون رفيق لرفيقه ، أو نِدٍ لندِّه
مثل قول صديق لصديقه
عَرِّجْ على الزَّهرِ يا نديمي = ومِلْ إلى ظلِّه الظليلِ
فالروض يلقاك بابتسام   = والريحُ تلقاك بالقبول
5- ويخرج الأمر إلى غرض التهديد والوعيد :
مثل قوله تعالى : ( قلْ تمتعوا فإن مصيركم إلى النار )  وقوله سبحانه ( اعملوا ما شئتم )
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا لمْ تَسْتَحِ فاصنعْ ما تشاء ) 
6- كما يأتي الأمر البلاغي للتبشير :
كقولك فليفرحوا بفضل الله القريب .
7- ويخرج الأمر أيضا إلى التعجيز :
مثل قول الله تعالى :( يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا لاتنفذون إلا بسلطان )
أو تحديه للكفار في قوله جلَّ وعلاَ :( فاتوا بسورة من مثله ، وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين ..)
ويقول الشاعر:
أروني بخيلا طال عمرا ببخلِه = وهاتوا كريما مات من كثرة البذل

وهكذا نرى أن أسلوب الأمر ليس مقصودا به في كل الأحوال الإجابة إلى طلب حقيقي من المخاطب يقصد إليه مباشرة بدون خروج
إلى أهداف وأغراض متعددة من وراء استخدام فعل الأمر المباشر أو اسم فهل الأمر مثل :
مَهْ عازلي في حب ليلى ولا تقلْ = جُننتَ فهل كنت يوما بعاشقِ؟
فقد خرج أسلوب الأمر هنا مثلا في استخدام اسم فعل الأمر ( مَهْ ) بمعنى : تمهلْ ؛ إلى غرض اللوم والعتاب كغرض بلاغي حسب
الحال التي ورد فيها .


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

البلاغة والمجاز

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )