التخطي إلى المحتوى الرئيسي

نظرة إلى أحداث ذكرى ثورة يناير2011


الدين والعلم والعدل
الإسلام دين يرفع من شأن العلم والعلماء ؛ فالله ربُّ العالمين هو (عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ) كما ورد في الآية 94 من سورة التوبة ، وهو سبحانه القائل :( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ )آية 61 آل عمران ، وجعل اولو العلم في الإسلام هم ـ مع الله والملائكة ـ القائمون بالقسط ؛ (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) آل عمران آية 18
 وهم الأكثر خشية لله عندما يكتشفون أسرار الإبداع الإلهي والقدرة في الكون المخلوق لله قال تعالى : (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) فاطر آية 28 ومن هذا المنطلق العلمي لمنهج الإسلام الحنيف يأتي التحاكم والاحتكام بين الحاكم والرعية وبين الرعية وبعضهم البعض بالبرهان والدليل والعلم المقنن الواضح قال تعالى في سورة الأنعام آية 143 ( ۖ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) وقال أيضا في نفس السورة الآية 148 (قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا ۖ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ) وفي سورة الأحقاف الآية4
(ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَٰذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)
وبهذا العلم يؤسس الإسلام للعدل في الأحكام ويجعله أساس الحكم الصالح في كل المعاملات والعلاقات الاجتماعية والبشرية حتى مع من نختلف معهم في الفكر بل ومع من نكره حيث يقول الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) المائدة آية 8 ، فالتنوع بين البشر والاختلاف بينهم في الديانات والأفكار والأراء سنة كونية إلهية بين مخلوقات الله ، يحكمها العدل القائم على العلم والحوار بالحسنى والحجة والبرهان ، لا بالتخريب والتدمير وإعلاء الصوت الواحد وإقصاء الآخر ، وإنما بالأفضلية في الاحتكام إلى العلم والعدل والتقوى ، والرضا بما انتهجه الإسلام لفض النزاعات بين الناس والعودة إلى الوحدة وعمارة الكون ، كما أمر الله تعالى بعد عبادته وتقواه ، في سورة المائدة :
(وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ۖ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ۚ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) أية 48
 والعجيب أن الناس يقرأون القرآن الكريم ، ويمرون على آياته الحكيمة دون تدبر أو تأمل وعمل بأحكامها ، وما زال الاختلاف قائما إلى يوم الدين
قال تعالى في سورة هود الآية 118 (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ)
فلنختلف ولنقل رأينا مستندا إلى علم ومعرفة يقينية ودليل قاطع يحكم بالحجة على الطرف الآخر أن يقبل الرأي الصائب دون تناحر وسفك دماء لأننا بذلك نرجع إلى عهود الجاهلية الأولى ، ونتأخر عن أمم تعمل بمباديء الإسلام ولا تدين به فتقدمت وسبقتنا ، بإهمالنا لشرع ربنا وأحكامه وتوجيهاته ، فلا حول ولا قوة إلا بالله

لغة الإسلام في إقرار ( المواطنة )

الكتابة باللغة العربية في المواثيق والعهود الإسلامية ، سجلت لنا أسمى معاني المواطنة في التاريخ
الإسلام والمواطنة
فالوطن الذي يعيش فيه الإنسان و يجمع طوائف مختلفة من الأعراق والأديان والأحزاب والاتجاهات المتعددة ، أقره الإسلام مجتمعا يضم مواطنين متنوعين جنسا ودينا ولغة وفكرا منذ عام 10 هجرية ،
وقنن له مباديء وأسسا تعطي كامل حقوق المواطنة لأفراده
ويذكر علماء التاريخ والسيرة أنه عندما جاء وفد نجران سنة 631م ، 10 هجرية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فتح لهم مسجد النبوة ليؤدوا مناسكهم التعبدية في صلاة عيد الفصح ،
وكتب لهم عهدا باللغة العربية يوضح لهم وللمسلمين بعده صلى الله عليه وسلم علاقة الدولة الإسلامية بمواطنيها النصارى وغيرهم
أعطاهم فيه حق المواطنة ، ومما جاء في كتابه :

( لنجران وحاشيتها وسائر من ينتحل النصرانية في أقطار الأرض جوار الله وذمة محمد رسول الله ؛ على أنفسهم وأموالهم وملتهم وبِيَعِهم وكل ما تحت أيديهم أن أحميَ جانبهم ، وأذُبُّ عنهم ، وعن كنائسهم ، وبيعهم وبيوت صلواتهم ، ومواضع الرهبان ، ومواطن السُيَّاح ، وأن أحرس دينهم وملتهم أينما كانوا بما أحفظ به نفسي وخاصتي وأهل الإسلام من ملتي ؛ لأني أعطيتهم عهد الله على أن لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين ، وعلى المسلمين ما عليهم ؛ حتى يكونوا شركاء فيما لهم وفيما عليهم )

المراجع :
1- الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدية ( تحقيق : د. محمد حميدالله الحيدر أبادي )طبعة 1956 القاهرة
2- الإسلام في عيون غربية ( الدكتور محمد عمارة ) طبعة دار الشروق


المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

البلاغة والمجاز

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )