من سمات المقامات الأدبية
المقامات فن من فنون الكتابة العربية ابتكره بديع الزمان الهمذاني، وهو نوع من القصص القصيرة تحفل بالحركة التمثيلية، ويدور الحوار فيها بين شخصين، ويلتزم مؤلفها بالصنعة الأدبية التي تعتمد على السجع والبديع.
وتدور مقامات الحريري بمجملها حول اِبتزاز المال عن طريق الحيلة من خلال مغامرات بطلها أبي زيدِ السروجي التي يرويها الحارث بن همام. لغتها مسبوكة متينة، لا تخلو من بعص التصنع ،ومن النماذج الإبداعية للمقامات ما حدَّثَ بِه عيسى بن هشام قال :لمَّا قفلت من الحج فيمن قفل، ونزلت حُلوان مع من نزل، قلت لغلامي : أجِدُ شعري طويلا ، وقد اتسخ بدني قليلا ، فاختر لنا حمَّاما ندخله وحجَّاما نستعمله ، وليكن الحمام واسع الرقعة نظيف اليقعة طيب الهواء كعتدل الماء ، وليكن الحجام خفيف اليد حديد المُوسي نظيف الثياب قليل الفضول ؛ فخرج ملِيًّا وعادبطيًّا ، وقال : قد اخترته كما رسمت فأخذْنا إلى الحمام السَّمت وأتيناه فلم نرَ قوامه ولكنني دخلته ودخل على أثري رجل وعمد إلى قطعة طين فلطخ بها جبيني ووضعها على رأسي ثم خرج ، ودخل آخرُ فجعل يدلكني دلكا يكد العظام دلكا ويغمزني غمزا يهد الأوصال ، ويُصَفِّرُ صفيرا يرش البزاق ، ثم عمد إلى رأسي يغسله وإلى الماء يرسله وما لبث أن دخل الأول فحيَّا أخدع الثاني بمضمومة قعقعت أنيابه وقال : يا لكع مالك ولهذا الرأس وهو لي ؟! ثم عطف الثاني على الأول بمجموعة هتكت حجابه وقال : بل هذا الرأس حقي وملكي وفي يدي ، ثم تلاكما حتى عيِيَا ، وتحاكما لِما بقيا ....) ثم خرجت من الحمام فحمدت الله على نجاتي منهما بسلام .)
ونستخلص بعض السمات الفنية لفن المقامات من خلال قراءتنا لتلك المقامة العجيبة :
1- وجود المحسنات البديعية كالسجع وانتشار الألغاز والأحاجي بها
2- كثرة الاستعارات والنزعة الوعظية الوصفية في الأحداث
3- الميل للفكاهة والنقد الاجتماعي ووجود الحمامات خارج المنازل
4- قرب أسلوب المقامة من القصة في بعض العناصر وقد يكون بها من الشعر وسط الأسلوب النثري المصنوع .
تعليقات