ذكرى المولد النبوي الشريف

في ذكرى مولدك سيدي يا رسول الله نتعلم ونستخلص من سيرتك العبر والأمثال العليا والدروس الصالحة للاقتداء بسيرتك العطرة وما بعثت به من مكارم الأخلاق ، التي أنارت هذا الكون بصفاتك وسلوكك الكريم ، فلا ريب أن يصفك الله جل في علاه بصفتين من اسمه سبحانه وتعالى يحملان إلى أمتك مدى محبتك لأمة الإسلام والتوحيد لله رب العالمين ، قال الله في محكم آياته عنك يا حبيبي يا رسول الله : ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم ، حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم ، فأن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليك توكلت وهو رب العرش العظيم ( آية 128 و129 آخر سورة التوبة فهو الرءوف الرحيم بأمة الإسلام في كل مكان وكل زمان ، وكيف لا ؟!!، وقد كان لكل نبي دعوة مستجابة أعطاه الله إياها في الدنيا ، أما أنت رسولنا خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم فقد ادخرت دعوتك لأمتك يوم القيامة ، ساعة الحساب ودخول الجنة بعد شهادة كل نبي على أمته أمام رب العزة جل وعلا سبحانه وتعالى ، فيقول محمد حين يسأل فيقول لمولاه :( أمتي أمتي ) ، فتكون أول أمة من الأمم يدخلون الجنة ، ومنهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ببركة شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم لهم ، ــ اللهم اجعلنا منهم يا رب العالمين ــ ، إن عطر ذكر محمد عليه الصلاة والسلام إذا أردنا أن نعدد صفاته الحميدة ومكارم أخلاقه العالية لا يمكن أن نوفيه حقه فيها في هذا المقال المتواضع لعظمة مناقبه وأقواله وأفعاله لهذه الأمة ولكننا سنلخص بعضها إضافة إلى ما سبق في عجالة حتى لا نطيل على القاريء الكريم : 1- تدبر وصف الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم في أخلاقه :( وإنك لعلى خلقٍ عظيم .)........ 2- دعوته لدين الله كانت منه لأمته عن إيمان عميق في النفس والوجدان لذلك زكاها الله وانتشرت وذاعت وهزمت الباطل مهما كانت سلطته وصولجانه ، فقد بدأ بقلة مؤمنة وخلال سنوات قليلة هزت قصور الأكاسرة والأباطرة وأضاءت كل مكان بلغته بالحق المبين وكم تحمل المصطفى في تلك السنوات من العناء والكيد والأذي من أقرب الناس إليه في مكة المكرمة والطائف على يد أبي جهل لعنه الله وأبي لهب وعتاة المشركين في البلد الحرام. 3- هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة وقبلها هجرة المؤمنين إلى الحبشة فرارا من عذاب المشركين كفار مكة لهم كانت درسا في أروع ألوان الجهاد في ترك بيوتهم وأموالهم لينجوا من تعذيب الكفار . 4- ماأنعم الله عليه بفتح مكة بجيش لا قبل لأهلها بمواجهته ورجاله المؤمنين من الصحابة رضوان الله عليهم ، وما فعله معهم من التسامح والعفو حين قال لهم : ما تظنون أني فاعل بكم : قالوا خيرا أخ كريم وابن أخ كريم ، فرد عليهم صلى الله عليه وسلم بقوله : اذهبوا فأنتم الطلقاء ، من دخل داره فهو آمن ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن .... . 5- تأمل حين جمع قومه في مكة ليدعوهم إلى دعوة الإسلام وتوحيد الله وترك عبادة الأوثان وقال لهم : ماذا تقولون لو أني أخبرتكم أن قافلة من الناس قادمة خلف هذا الجبل ؟ قالوا : ما جربنا عليك كذبا حيث كانوا يعلمون صدقه منذ ولادته وطفولته وحياته فيهم بصفتين مشهورتين ( الصادق الأمين ) ، وتأمل كيف رد عليه أبو جهل عليه لعنة الله : تباً لك ألهذا جمعتنا ؟ بعد دعوته لهم بترك عبادة الأصنام وعبادة الله الواحد القهار . 6- أما عن أمانته فعند هجرته إلى المدينة ترك عليا بن أبي طالب في فراشه ليرد الأمانات التي عنده إلى أصحابها ، ومنها ما كان اليهود يودعونه عنده لاتصافه بالأمانة وصدق الوعد ... 7- انظر كيف تعامل مع الأنصار الذين اتبعوه في المدينة المنورة وكيف أنهى حرب الأوس والخزرج فيها وآخى بين المهاجرين والأنصار في محبة ورحمة وتعاون على الخير ... 8- أن جميع من كتبوا عن تاريخ سيرة محمد منذ ولادته ورضاعته عند حليمة السعدية وكيف هاجر من الغار مع أبي بكر الصديق بعد أن باضت الحمامة على باب الغار وجاء الكفار الذين اجتمعوا من كل قبيلة رجلا ليضربوه ضربة رجل واحد فيتفرق دمه بين القبائل وقال له الصديق أبو بكر والله يا رسول الله لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا ، فقال له رسول الله : ما بالك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما إن الله معنا ، فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة لذين كفروا السفلى و كلمة الله هي العليا ا ؟..... 9- تذكر وصاياه في غزوات المسلمين ونشرهم الدعوة في قوله : لا تقطعوا شجرة ولا تقتلوا راهبا في صومعته ، وكيف كان يعامل الأسرى ، ويقدر الشباب في اختيار أسامة بن زيد لقيادة الجيش في وجود الصديق أبو بكر والفاروق عمر بن الخطاب وهم يودعونه لمهمته المرسل إليها رضوان الله عليهم جميعا 10 - كيف كان يعامل من يخدمه أما قرأت وعرفت ما قاله خادمه كعب بن مالك عنه : خدمت رسول الله صلى الله عليه عشر سنين فما قال لشيءٍ فعلته لم فعلته ولا لشيء تركته لم تركته ، وما قاله للصحابي صهيب عندما ترك كل ماله لكفار مكة ليهاجر خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ليلحق به عندما قالوا له : لقد جئتنا صعلوكا فقيرا فاغتنيت عندنا والله لن نتركك تهاجر حتى تترك لنا مالك ، ولما أتى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة قال له : ربح البيع ربح البيع ياصهيب ، وكيف فضل زيد بن حارثه بقاءه مع النبي صلى الله عليه وسلم ولم يرجع مع أبيه فسماه صلى الله عليه وسلم زيد بن محمد ، ونزلت الآية الكريمة لنسبة الولد إلى أبيه : ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله ، فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم ، وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ، ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورا رحيما ) آية 5 سورة الأحزاب ... 11- كيف كان حسان بن ثابت شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم يدافع عنه بشعره المناصر للدعوة الإسلامية ؟ ، وكم من الشعراء بعده مدحوا رسول الله وأخلاقه ومن الكتاب الذين ألفوا الكتب والمراجع في سيرته ولم يوف كل هؤلاء حقه من التكريم والتقدير والثناء لأن الله تعالى أثني عليه بما لا يستطيع أحد أن يقدم ذرة من محبته سبحانه وتعالى لنبيه ومصطفاه وخاتم أنبيائه عليهم جميعا الصلاة والسلام ..... والله أعلم

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

البلاغة والمجاز

تصريف الأفعال في اللغة الفارسية