الكلمة شعاع / فن التحدث باللسان

قلب الإنسان شمس حياته ، ونبض انطلاقات تتعانق مع فكره وعقله تنصهر فيه الكلمات ، وقبل أن تشرق أشعتها على خارج نفسه هادئة أو محرقة على صاحبها أن يضع لها حدودا تنيرها دون أن ترتد إليه فتوقعه في المهالك والمتاعب ، وتحيل حياته شقاءُ ، حاسب نفسك على الكلمة قبل أن تنطقها ، وتخَيَّر لكل كلمة أشعة الخير والعطاء والتواصل الطيب التي تنطلق بها مع أخواتها من الأشعة المشرقة من داخل نفسك على لسانك الناقل لأحساسيك ومشاعرك وأفكارك ( لسانك حصانك إن صنته صانك ، وإن هنته هانك ) .....وينبغي على العاقل أن يكون كلامه بالوزن وفي موضعه ولا يتكلم بما لا يعنيه حتى لايفوته ما يعنيه ................ روى سماك بن حرب عن أبي لفاقة العدوي قال : أخَذتُ بَكْراً ودخلت المدينة ، وأنا أريد بيعه ، فمر بي أبو بكر الصديق رضي الله عنه فقال : يا أعرابي أتبيع البكر ؟!...فقلت نعم يا خليفة رسول الله .قال : بكم تبيعه ؟ قلت : بمائة وخمسين ...قال : تبيعه بمائة ؟! فقلت : لا عافاك الله ..... قال : لا تقل ( لا عافاك الله ) ولكن قل : عافاك الله . لا ....... انظر إلى شعاع الكلمة التي نطق بها الأعرابي ، وما يحمله من فكر ومعنى ، وكيف علمه الصديق رضي الله عنه حدّ الكلام حيث رأى في شعاع الكلمة دعاء بنفي العافية عن المتلقي وإن لم يقصد صاحبها وكان نبض قلبه بغير نية الإساءة لكن ضابط العقل ترك الكلمة تخرج فتلفح بحرارتها وجه الصديق ،رضي الله عنه ، ولقد سأل معاذ بن جبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا : أإنا لمحاسبون بما نتكلم به يا رسول الله ؟! فقال عليه الصلاة والسلام : ثكلتك أمك يا معاذ ؛ وهل يَكُبُّ الناسَ على وجوههم في النار إلا حصائد ألسنتهم ، إن الكلمة لينطق بها صاحبها لا يُلقِ لها بالا فتهوي به في النار سبعين خريفا .)................ فلتكن كلمتك شعاعا من النور ، وسئل بعض المتقدمين عن رجل قيل له : أتؤمن بفلان النبي ( وسمَّاه باسم لم يعرفه الرجل ) فلو قال : نعم ؛ فلعله لم يكن نبيا فقد شهد بالنبوة لغير نبي ولو قال : لا ..فقد جحد نبيا من الأنبياء ، فكيف يصنع ؟!! قال : ينبغي أن يقول : إن كان نبيا فقد آمنت به ، بنى حجته على حديث أبي هريرة الذي قال فيه : كان أهل الكتاب يقرأون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم ولكن قولوا : آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل ...) تلك لباقة الحديث وأشعة النور ............... قال حكيم لعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وكان الخليفة الخامس رأى سكرانا فأراد أن يأخذه فيعزره ؛ فشتمه السكران ، فرجع عمر عن أخذه ، ولما سئل عن ذلك قال : لأنه أغضبني فلو عزَّرْته لكان ذلك لغضب في نفسي ولا أحب أن أضرب مسلما لحميَّةٍ في نفسي .)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

البلاغة والمجاز

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )