كان زمان ( المروءة ، والشهامة ) قيم أخلاقية .
أين ذهبت تلك المكارم والقيم اليوم ؟! ؛ لقد غابت أو نَدُرَ وجودها فقليل من الناس من الشاكرين المتمسكين بالقيم والمباديء النبيلة والأخلاق الرفيعة .
والخير فيَّ وفي أمتي إلى يوم القيامة والحمد لله ، فقد نصادف في الحياة مواقف رجولية نشعر فيها بأناس لهم أخلاق ثابتة تعلموها من السلف الصالح ، في تعاملهم مع الآخرين ، ومثل هؤلاء ليس من الضروري أن يكونوا رجالا فقط ؛ بل من النساء ومختلف الأعمار ، وهم يوصفون بأنهم أصحاب شهامة ومروءة ، نتعلم منهم تلك القيمة النبيلة والأخلاق الحميدة ، والأديان السماوية تحثُّ الناس على التحلي بتلك الفضائل وبخاصة قيم الإسلام الرفيعة فتعالوا نتعرف على نماذج من تلك الصفة الخلقية النادرة في أيامنا فقد روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :( مَنْ عاملَ الناس فلم يظلمهم وحدثهم ولم يكذبهم ، ووعدهم فلم يخلفهم فهو ممن كملت مروءته ، وظهرت عدالته ، ووجبتْ أخوته ، وحرمت غيبته .) .................
وقال الحكيم العربي ربيعة الرأي : المروءة سِتُّ خِصَال ؛ ثلاث في الحضر ، وثلاث في السفر ؛ فأما التي في الحضر : فتلاوة القرآن ، وعمارة مساجد الله، واتخاذ الإخوان في الله ، وأما التي في السفر : فبذل الزاد ، وقله الخلاف لأصحابه ، والمزاح في غير معاصي الله .)........ ومن أقول الحسن البصري رحمه الله :( من مروءة الرجل أربعة ؛ صِدقُ لسانه ، واحتماله عثرات إخوانه ، وبذل المعروف لأهل زمانه ، وكف الأذى عن أباعده وجيرانه ) .................... وسئل أحد رجال الدين من الدهاقين : ما المروءة فيكم ؟ قال : أربع خصال ؛ أولها أن يُعْتَزَلَ الذنب فإنه يُذِلُّ ، ويُبْعِدُ المروءة والثانية أن يصلح المرء ماله ولا يفسده فإن من أفسد ماله واحتاج إلى مال غيره فلا مروءة له ، والثالثة أن يقوم لأهله فيما يحتاجون إليه فإن احتاج أهله إلى الناس فلا مروءة له ، والرابعة أن ينظر إلى ما يوافقه من الطعام والشراب فليذفقْ ولا يتناول ما لا يوافقه فإن ذلك من كمال المروءة في الدين .).................وروي عن قيس بن ثابت بن ساعدة أنه كان يقدم على قيصر فيكرمه فقال له قيصر : ما أفضل العقل عندكم ؟ قال : معرفةُ المرء نفسه . قال : ما أفضل العلم ؟ قال :وقوف المرء عند جهله !! قال فما أفضل المروءة ؟ قال : استبقاء الرجل ماء وجهه ........................
وقيل لبعض الحكماء : ما المروءة ؟ قال باب مفتوح ، وطعام مبذول ، وإذار مشدود ، يُعْنى بالقيام في حوائج الناس .) ، وتتحقق الشهامة والمروءة في العفة عما في أيدي الناس ، والتجاوز عما يكون منهم ..وقال أحد الصحابة :( جالسوا أهل الدين فإن لم تقدروا عليهم ، فجالسوا أهل المروءة من أهل الدنيا ؛ فإنهم لا يرفثون في مجالسهم .)............................
وجماع المروءة متمثل في قوله سبحانه وتعالى :( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي .) فكنت ترى الصبي ذا المروءة والشهامة يتخلى عن مكانه في وسيلة المواصلات للكبير طواعية منه وبدافع قيمة الشهامة في نفسه ، وترى المرأة تدفعها الشهامة والمروءة إلى السؤال عن جارتها وبذل الخير لها في غير مِنَّةٍ أو تعالٍ عليها .، وترى الرجل يعين أخاه على ظهر بعيره ، ويعبر به الطريق وهو لا يعرفه من باب المروءة المتأصلة فيه ، وترى الطالب في الجامعة يدفع عربة أخيه من ذوي الاحتياجات الخاصة بدافع الشهامة والمروءة .....................................
وروى عن الحسن البصري رحمه الله أن حَجَّاماً قَصَّ له شاربهُ فأعطاه درهما ــ وكان كثيرا في زمانه ــ فسُئلَ عن ذلك فقال : لا تضيقوا فَيُضَيِّقُ عليكم ، وكان إذا سمع رجلا يتكلم بالدانق ــ وهو جزء من الدرهم ــ يقول : لعن الله الدانق ومن يتكلم بالدوانق ، ومن تكلم بها وهو ذو فضل فلا مروءة له ولا دين لمن لا مروءة له .
تعليقات