حالات عِدَّةِ الرجل قبل الزواج
بسم الله الرحمن الرحيم ..
قال الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم :( الآية 235 من سورة البقرة ) / فَلاَ تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ ....)
ومن يتدبَّرُ هذه الآية الكريمة ومضمونها يعلم أنها تبدأ بنهي الرجال عن القيام بعقد القران أو التزَوّج بالمرأة من النساء إلا بعد استكمال عِدَّتهن في حالات سبع نوضحها بالدليل الشرعي فيما يلي إن شاء الله :
عُرِفَ عند كثير من الناس أن العَدَّةَ تكون للنساء ؛ المطلقات أو المتوفى عنهن أزواجهم ، وهذان النوعان يكون الطلاق رجعيا أو بينونة صغرى بعد الطلاق الأول والثاني ، وكذلك للمتوفى عنهن أزواجهن وتسمى المرأة كذلك مبْتُوتَة صغرى أو مبتوتة كبرى إمَّا بعد طلاق مرة أو مرتين ( صغرى ) ، وإمَّا مبتوتة ( كبرى) أي بعد طلاق بائن بينونة كبرى بمعنى ثالث طلاق لها من زوجها .
لكن ما نريد أن نُبَيِّنَهُ هنا هو حالات عدَّةِ الرجال ، وهي مرتبطة بِعِدَّةِ أزواجِهِم ؛
قال تعالى في الآية (228) من سورة البقرة :
( وَٱلۡمُطَلَّقَٰتُ يَتَرَبَّصۡنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَٰثَةَ قُرُوٓءٖۚ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكۡتُمۡنَ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ فِيٓ أَرۡحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤۡمِنَّ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَٰلِكَ إِنۡ أَرَادُوٓاْ إِصۡلَٰحٗاۚ وَلَهُنَّ مِثۡلُ ٱلَّذِي عَلَيۡهِنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَيۡهِنَّ دَرَجَةٞۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
الحالة الأولى لعِدَّةِ الِرَّجُلِ:
وإذا كانت المرأة المطلقة تَعْتَدُّ بعد وضعها لمولودها إن كانت حاملا مدة ثلاثة قروء ( حَيْضات) ، في طلاقٍ رجعي أو بائنٍ أي بعد ثلاث طلقات من زوجها ، فإن أراد زوجها إرجاعها لعصمتهِ فهو أولى وأحق بها من أي رجل يريد الزواج بها ؛ أو العقد عليها للزواج . لأنَّ حُكْمَ العِدَّةِ أن الزوجين * يَخْتَبَرَان فيها عواطِفَهُما ومصالحهما قَبْلَ الفُرْقَة النهائية .......* ولكل من الزوجين حقوقٌ وواجبات لا تَسْعَدُ الأُسْرَةُ إلا بِتَحْقِيقِها جميعا .( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ) ....* للرجل مَنْزَلَةٌ زائدة على المرأة ؛ فمنْ زَعَمَ أنهما متساويان فقد أخطأَ ، وخالف كلام الحق سبحانه وتعالى الأعلم بحالهما ( وللرجال عليهن درجة ).
أَمَّا إذا لم يتراجعا ، فيكون للبائنة بينونةٍ كبرى بعد الحيضات الثلاث عدتها انتهت وأن تقبل رجلا غير زوجها البائن عنها فيعقد عليها ويتزوجها ؛ وهذه عدة الزوجين معا في هذه الحالة
الحالة الثانية لعِدَّةِ الرجل :
عِدَّةُ المُتَوَفَّىْ عنها زوجها وردت الآية ( 234) من سورة البقرة لتوضحها قال تعالى:
وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوۡنَ مِنكُمۡ وَيَذَرُونَ أَزۡوَٰجٗا يَتَرَبَّصۡنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرۡبَعَةَ أَشۡهُرٖ وَعَشۡرٗاۖ فَإِذَا بَلَغۡنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡكُمۡ فِيمَا فَعَلۡنَ فِيٓ أَنفُسِهِنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٞ
وتكون عدة الرجل الراغب في الزواج منها هي مدة انقضاء نفس عدتها المذكورة في الآية الكريمة السابقة ، وعلى ولي المرأة أن يأمرها بالإحْدَادِ وهو ترك الزِّينَةِ كلها من اللباس والطِّيبِ والحُلِيّ والكُحْلِ والخِضَابِ بالحِنَّاءِ مَا دَامَتْ في عِدَّتِهَا لأنََّ الزينة داعِيَةٌ إلى الأزواج بعد موت زوجها حتى تنتهي عدتها وعدة من يرغب فيها من الرجال كذلك ..... هكذا قال الإمام السعدي في تفسيره للآية .
ثم تُلْفِتُ الآية التالية ( 235)إلى سياق عِدَّةِ الرجال الراغبين فيها في فترة العدة فيوجههم توجيها قائما على أدب النفس ، وأدب الاجتماع ، ورعاية المشاعر والعواطف ، مع رعاية الحاجات والمصالح : ( وَلَا جُنَاحَ عَلَيۡكُمۡ فِيمَا عَرَّضۡتُم بِهِۦ مِنۡ خِطۡبَةِ ٱلنِّسَآءِ أَوۡ أَكۡنَنتُمۡ فِيٓ أَنفُسِكُمۡۚ عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمۡ سَتَذۡكُرُونَهُنَّ وَلَٰكِن لَّا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّآ أَن تَقُولُواْ قَوۡلٗا مَّعۡرُوفٗاۚ وَلَا تَعۡزِمُواْ عُقۡدَةَ ٱلنِّكَاحِ حَتَّىٰ يَبۡلُغَ ٱلۡكِتَٰبُ أَجَلَهُۥۚ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ مَا فِيٓ أَنفُسِكُمۡ فَٱحۡذَرُوهُۚ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٞ
الحالة الثالثة لعدة الرجل :
يَعْتَدُّ الرجلُ المُطَلِّقُ زوجَتَهُ مُدَّةَ عِدَّتِهَا إذا أراد أن يتزوجَ بنت أختها ثلاثة قروء سواء كان الطلاق رجعيا أو طلاقا بائنا بينونة كبرى ، لأنها بمثابة أخت الزوجة تماما .
الحالة الرابعة لِعِدَّةِ الرجل :
يعْتَدًّ المُطَلِّقُ زوجَتَهُ مُدَّةَ عِدَّتِهَا إذا أراد أن يتزوج بنت أخيها ثلاثة قروء سواء كان الطلاق رجعيا أو بائنا بينونة كبرى ، لأنها بمثابة ( العمَّة )َ في سورة النساء آية 23
ويجب أن تنتهي عدة الزوجة المطلقة قبل أن يتزوج بنت أخيها .
حُرِّمَتۡ عَلَيۡكُمۡ أُمَّهَٰتُكُمۡ وَبَنَاتُكُمۡ وَأَخَوَٰتُكُمۡ وَعَمَّٰتُكُمۡ وَخَٰلَٰتُكُمۡ وَبَنَاتُ ٱلۡأَخِ وَبَنَاتُ ٱلۡأُخۡتِ وَأُمَّهَٰتُكُمُ ٱلَّٰتِيٓ أَرۡضَعۡنَكُمۡ وَأَخَوَٰتُكُم مِّنَ ٱلرَّضَٰعَةِ وَأُمَّهَٰتُ نِسَآئِكُمۡ وَرَبَٰٓئِبُكُمُ ٱلَّٰتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ ٱلَّٰتِي دَخَلۡتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمۡ تَكُونُواْ دَخَلۡتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡكُمۡ وَحَلَٰٓئِلُ أَبۡنَآئِكُمُ ٱلَّذِينَ مِنۡ أَصۡلَٰبِكُمۡ وَأَن تَجۡمَعُواْ بَيۡنَ ٱلۡأُخۡتَيۡنِ إِلَّا مَا قَدۡ سَلَفَۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُورٗا رَّحِيمٗا
الحالة الخامسة لِعِدَّةِ الرجل :
المدة للمرآة المُحْرِمَةِ للعمرة حتى تنتهي من عمرتها ، إذا إراد الرجل أن يتزوجها فلا بد أن يعتدَّ ولا يعقد عليها أويتزوجها إلا بعد أن تتحلل من عمرتها تماما .
الحالة السادسة لعِدَّةِ الرَّجُلِ :
مدة أحرام المرأة للحج تعتبر في عدة حتى تقضي حجها ولا يجوز للرجل أن يعقد عليها أو يتزوجها إلا بعد أن تتحلل من حجتها تماما فهو كذلك في عدة مثلها .
الحالة السابعة لِعِدَّةِ الرجل :
الرجل المتزوج من أربعة نساء ؛ يحرم عليه زواج امرأة خامسة ، فإذا طلق إحداهنَّ وأراد أن يتزوج من امرأةُ أخرى فَلَهُ عِدَّةٌ مثل عدة التي طلقها من زوجاته سواء كان الطلاق رجعيا أو بائنا بينونة كبرى ؛ وذلك لاحتمال أن يتراجعا عندما تضع حملها منه إصلاحا لذات البين وتحقيق مصالح الأسرة والأولاد حتى تنتهي عدتها كاملة ، فيصبح انتهى من عدته ليتزوج امرأة أخرى لتكون الرابعة بعد تمام عدة من قبلها وعدم الوفاق بينهما .
والله أعلى وأعلم .
تعليقات