تهذيب سيرة ابن هشام للدكتور عبد السلام هارون (تاريخ إسلامي 1)

 تعريف بالمؤلف : د. عبد السلام هارون رحمه الله .

كان المرحوم أستاذا للأدب المقارن بجامعة القاهرةِ كلية دار العلوم ، وهو من خريجي جامعة الأزهر الشريف ، وله مؤلفاتٌ عديدة من أهمِها ( مُدخَلٌ إلى النقد الأدبي ومدارسه ، وأُسُسِه في الوطن العربي ) ، وقد درستُ على يديه عامين بجامعة القاهرة كلية دار العلوم هما 1963 و 1964 م ، وتعلمت وأفدت منه كثيرا من مباديء النقد الأدبي ، وقد ذكر المؤلف في مقدمته لكتاب تهذيب سيرة بن هشام تمهيدا لمؤلفي وَ كُتَّابِ السِّيَرِ ، فبدأهم بِعُرْوَةَ بن الزُّبيرِ بن العوام عام 921 هـ ، وإبَان بن عثمان سنة 105هـ ، وَ وَهْب بن منبه عام 110 هـ ، وَ شُرَحْبيل بن سعد عام 123 هـ ، وابن شهابِ الزُّهَرِيّ عام 124 هـ ، وعبد اللهِ بن أبي بكر بن حَزْمِ عام 135 هـ ، والذين لم يَتَبَقَّى من كتبهم إلا أشْلاءَ ذُكِرَتْ في بعضِ كُتُبِ التاريخ مثل :( كتاب تاريخ الطبري ) وقطعَة من كتاب وهب بن منبه في متحف هيدنبرج بألمانيا  بأوربا . ثم أَعْقَبَ المؤلف د. عبد السلام هارون ذلك بطبَقَةٍ أخرى من أشهرهم : 

( موسى بن عُقْبَةَ 141 هـ ، و مُعَمَّر بن راشِد 150 هـ ، و محمد بن اسحق 152هـ  وكان أطول السِّيَرِ وأوْثَقَها في عصر التأليف العلمي في عهد العباسيين الزَّاهي ، وكان جَدَّه مَدَنِيّا قُرَشِياً حفيدَ عبد المطلب بن عبد مناف ، وعاش بالإسكندرية سنة 115 هجرية ، ثم مات ببغْدَاد سنة 152 هجرية وكان هدف كتابه ( صَرْف المُلُوكِ عن الاشتغال بكتب لا يحصل منها شيءٌ  إلى الاشتغال بِمَغَازي رسول الله صلى الله عليه وسلم  ، ومبعثِه ومبتدإِ  الخَلق .

ثم جاء ابن هشام بعده فهَذَّبَ تلك السيرةِ الطويلة في أمانةٍ وصدقٍ في إرجاع المصدر إلى قائلهِ في حِرْصٍ شديد ؛ وتلاهم مجموعة من المؤلفين ؛ كَزِيَاد البّكَّائي ، والواقِدِي ، وابن هشام ، وَ صاحِب كتاب الطبقات : محمد بن سعد 230 هـ .......

والد المؤلف ( عبد السلام هارون )



كان عالما أزهريا له مؤلفات في السيرة النبوية كانت تُدَرَّسُ زمانا في المعاهد الأزهرية الدينية ومنها : ( تلخيص الدروس الأولية في السيرة المحمدية ) في ثلاثين فَصْلاً ... الطبعة رقم 24 من مؤسسة الرسالة ببيروت لبنان ألفها عام 1976م، ابتدأَ الكتاب بذكر نَسَبِ الرسول عليه الصلاة والسلام الذَّكِيّ بداية من محمد إلى آدم عليهما السلام مروراً بالقبائل العربية التي يلتقي فيها نسبه الشريف مع كثير من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم جميعا مثل قبائل : قُصَيّ ، و لُؤَيّ ، وكِلاب ، وَ مُضَر ، وعَدنان ، وذكر المؤلف فصلا من إسماعيل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وشرح رؤيا ربيعةَ بن نصر في إرهاصات مقدم محمد عليه الصلاة والسلام بالحق المُبين ، وتَعَرَّضَ لتاريخ اليمن والحبشة وأبرهةَ وأصحاب الفيل في سَرْدٍ تفصيلي دقيقٍ ، ثم عَدَّدَ أولاد بني هاشم ، وتحدث عن حفْرِ زمزم ، ورؤيا عبد المطلب ونذره بذبحِ ولده ، وما رأته آمنة عند حَمْلِها برسول الله وولادته ورضاعه ، وحديث حليمة السَّعْديَّةِ وَ شَقّ صدرهِ ، وموتُ أبيهِ ، وكفالةُ جَدّهِ ، وعمه ، ورؤيا بحيرى الراهب في تجارة محمد التي مرّ بها إلى الشامَ مع جده ، وحرب الفِجارِ بين قيس وعيلان ، والتي اشترك فيها عليه السلام بالنَبْلِ على أعمامهِ وكان ابنُ عشرين سنةٍ ، وزواجه من خديجة ، وحديث ورقة بن نوفل ، وبناء الكعبة ، و اختلاف قُريش حول وضع الحَجَر في مكانه حتى جاء محمد عليه السلام وارتضوا حُكْمَهُ ، ثم تحدث عن صفاته صلى الله عليه وسلم في الإنجيل ، َوبَعْثِهِ ونزول القرآن الكريم ، وما لقيه من قومه ،وقول الوليد بن المغيرةَ في القرآن ، وعُتْبَةَ بن ربيعةَ في أمْرِ محمدٍ ليرجع عن دعوته ، وما فعلهُ أبو جهل من إقبالهِ على ضربه بالحَجَر وهو يصلي بالحِجْرِ في الكعبةَ ، ثم يبوس يديه في رجوعه مرعوبا من الجمل الذي رآه كأنه يريد أن يعضه ويأكله فيتراجع عما كان ينويه أمام المشركين ممن جمعهم معه ، وعدوان المشركين على المسلمين الأوائل ، وقيامهم بالهجرة إلى الحبشة فرارا بدينهم ، وطلَبُ قُريشٍ لهم من ملك الحبشة ، ومَنْعُ النجاشي تسليمَهُم ، ثم ذكر إسلام عمر بن الخطاب وقصته ، وحصار المسلمين في شِعْبِ مكةَ ، وحديث الصحيفةِ التي اتفقَ عليها أهلُ مكة في مقاطعتهم للمسلمين ، ونقضها ، وعودة مهاجري الحبشة ، وحديث الإسراء والمعراج ، وما حدثَ للرسول عليه الصلاة والسلام في الطائفِ ، ثم بدء إسلام الأنصار ، وبيعة العقَبَةِ الأولى والثانية ، وشروطها ، ونزول الأمر بقتال المشركين في القرآن الكريم : ( أُذِنَ للذين يقاتَلُون بأنهم ظُلِموا وإنَّ الله على نصرهم لقدير ) ، ثم الإذنُ بالهجرةِ إلى المدينة ، وذكرأول المهاجرين من بني مخزوم أبو سلمةَ بن عبد الأسد  وامرأته  ، ثم هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصة الهجرة  ومطاردة المشركين له ، وما حدث  لفرس سراقة عندما غرست إقدام فرسه في الجبل ، وما وعده به الرسول عليه الصلاة والسلام بسواري قصرى إذا إسلم ، وذكر المؤلف قدوم النبي عليه الصلاة والسلام ومعه الصديق أبي بكر وأوائل المهاجرين إلى قباء ، واستقبال الأنصار له في المدينة بالأناشيد والترحيب ، والعهود التي أقامها معهم ،وأصلاحه  بين الأوس والخزرج  والمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار ، وخبر استبدال البوقِ  والناقوسِ بالأذانِ للإعلام عن الصلاة ، ومن اعْتََّلَّ من الصحابة رضوان الله عليهم بالحمى ..

ثم ابتدأ الغزوات بأول سريَّةٍ لعبيدة بن الحارث في 80 ثمانين راكبا من المهاجرين ، وكان أول من رَمَى بسهم في الإسلام هو سعد بن أبي وقاص ، ثم سريَّةُ حمزةَ إلى سيف البحر للقاءِ أبي جهل في ثلاثمائةِ راكبٍ من أهل مكة ، وانصراف القوم دون قتال ..، ثم غزوة بُوَاط والعشيرة ، وسرية سعد بن أبي وقاص ، وغزوة سَفْوان وهي غزوة بدر الأولى ؛ وهي غير غزوة بدر الكبرى حين أغار كرز الفهري على سرح المدينة فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلبِهِ حتى بلغَ وادِياً يُسَمَّى سفوان ... ناحيةَ بدر فلم يدركه ، وبقيَ بالمدينةِ من جُمادى الآخرة إلى شعبان ، ثم سريَّةُ عبد الله بن جحش لرصد قُريش ، ومعرفةِ أخبارهُم عند نخلة وهي بين الطائف ومكة ، ثم خبر تحويل القبلة إلى الكعبة ، وتفصيل غزوة بدر الكبرى وما لقيه فيها كفار مكة يوم الجمعة صبيحة سبع عشرة من رمضان ، وأمرُ القليب وقَتلى قريش وفيهم أبو جهل وعتبة بن ربيعة وأخوه شَيبَةَ ، وأُمَيَّةَ بن خلف ، وذِكْرُ الأسرى والفِداء ، وكان فيهم أبو العاص بن الربيع خَتنُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجُ ابنته زينب رضي الله عنها ، التي افتدت زوجها بقِلادَةٍ كانت لها من خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها ومال كان لها ، فاستشار الرسول عليه السلام الصحابة إنْ رَأَوا أن يُطْلِقُوا لها أسيرها ففعلوا وردوا عليها الفداء .

ثم ذكر غزوة سليم بالكدر وغزاها النبي صلى الله عليه بنفسِهِ بعد سَبْعِ ليالٍ من بدر الكبرى ، ثم غزوة السُّوَيْق ، وغزوة ( ذي أمر ) يريد غطفان ، وغزوة القرع من بحران ، وأمر ما فعله يهود ( بني قينقاع بالمرأة المسلمة من كشف سوءتها بالسُّوق ، وغضبُ  المسلمين لذلك وحصارهم حتى نزلوا على حكم رسول عليه الصلاة والسلام ، وسَرِيَّة زيد بن حارثة إلى القردة من مياه نجد بطريق العراق وإصابة العِير وما فيها وعودتهم سالمين للمدينة .... ، ثم غزوة أحد وما دار فيها ومقتل حمزة بن عبد المطلب ابن عم رسول الله ، ومصعب بن عمير وغيرهما ، وكسْر رُبَاعيَّة الرسول صلى الله عليه وسلم برميةِ سهمٍ من عتبة بن أبي وقاص ، وإقامةُ تُرْسٍ يحمي رسول الله من الكفار ، وكان أبو دُجَانَةَ يقعُ النَّبْلُ في ظهرهِ وهو مُنْحَنٍ على رسول الله يحميه ، وكان سعد بن أبي وقاص يرمي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويناولهُ الرسول النَّبْلَ ويقول له :( ارمِ فِدَاكَ أبي وأمي  ) ، وظلتْ المعركة حتى لم يستطع الرسول صلى الله عليه وسلم أن ينهض من ارتقاء صخرةٍ بجبل أُحُد فجلس تحته طلحةَ بن عبيد الله فنهضَ حتى استوى عليها ، وبَشَّرَهُ الرسول يومها بالجنة على ما صنع ، وكان ممن قُتِلَ يوم أُحُد وسرية مخاريق من بني ثعلبة (ابن الفطيون  )،ورضي الله عن طلحة وما صنعه لحماية رسول الله صلى الله عليه وسلم .حين قال : يا معشرَ يهود لقد علمتم إنَّ نصرَ محمد عليكم لحق) قالوا : إن اليوم يوم السبت . قال : لا سبتَ لكم فأخذ بسيفهِ وعُدَّتهِ وقال : إنْ أُصَبْ فَمَالِي لمحمد يصنع فيه ما شاء ، فقاتل معه حتى قُتِلَ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( مُخَيْريق خيرُ يهود ) وهو منْ سأل فيه أبو هريرة بقوله : ( حدِّثُوني عن رجلٍ دخل الجَنَّةَ لمْ يُصِلِّ قَطْ ؟ فيقول : أُصَيْرِم بن عبد الأشهل عمروبن ثابت بن وقش( أنه لمن أهل الجنة ، حتى سرد قصة الغزوة وأحداثها تفصيليا وتاريخها الذي كان يوم السبت للنصف من شهر شوال وما قيل فيها من أشعار ، وأقوالٍ . ، وذكر يوم الرجيع وخيانة أبو براء عامر بن مالك مُلاعب الأسِنَّة حين رفض دعوة الرسول للإسلام ودعاه أن يرسل رجالا من الصحابة لأهل نجد فهو يرجو أن يستجبيوا له ، وسوف يجيرهم هناك ، ثم كانت الخيانة فقتل من خيار الصحابة في تلك السرِيَّة أربعون رجلا من خيار المسلمين فيهم الحارث بن الصمة ، وحرام بن ملحان ، وعروة بن أسماء ، ونافع بن ورقاء ، وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر رضي الله عنهم ، وكان ذلك عند بئر معونة بين أرض بني عامر وحرة بني سليم قَتَلَهم عدو الله عامر بن الطفيل مع بني سليم ، ولم ينجُ منهم إلا كعب بن زيد مثخنا بجراحه ومات شهيدا يوم الخندق رضي الله عنه .

=========

ونستكمل المساهمة إن شاء الله في المساهمة التالية بإذن الله . 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

البلاغة والمجاز

صـورة بــلاغية !!

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )