رؤية بحثية في النفس والروح



* هل النفس هي الروح ؟!
* وما صلتهما بالجسد ؟!!
* وما علاقتهما بذات الانسان ؟!
وللاجابة عن هذه الأسئلة نحتاج الى بحث لغوي وديني وطبي طويل نوجزه فيما يأتي :-
وبمراجعة القواميس والمراجع اللغوية يورد اللغويون أن :
النفس هي الروح , والنفس الجسد , والنفس الدم , ونفس الشيء : عينه وذاته
والنفس هي : خروج الريح من الأنف والفم , والجمع ( أنفاس) و(أنفس)
فيقولون : رأيت فلانا نفسه , وجاءني بنفسه
والنفس : بفتح الفاء والسين : واحد ( الأنفاس) وقد تنفس الرجل , وتنفس الصعداء , وكل ذي رئة متنفس
قال الفراء : في معنى ( والصبح اذا تنفس) أي ارتفع النهار , وقال مجاهد : اذا طلع , وقال الأخفش : اذا أضاء
وتنفست دجلة أي زاد ماؤها .
ويقال : ما رأيت ثم نفسا . أي ما رأيت أحدا , ونفس الشيء : ذاته وكنهه وجوهره .
وقال الأنباري : هما شيء واحد ( النفس والروح) الا أن النفس مؤنثة , والروح : مذكر .
وقال آخرون من اللغويين : الروح هو الذي به الحياة , والنفس هي التي بها العقل , فاذا نام النائم قبض الله نفسه , ولم يقبض روحه , ولا يقبض الروح الا عند الموت .
لذا تسمى النفس نفسا لتولد النفس منها واتصاله بها , وتسمى الروح روحا لأن روح الانسان أي حياته موجود به .
وأطلقوا النفس على القرب , واستشهدوا بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم :( بعثت في نفس الساعة , أي بعثت وقد حان قيامها وقرب , الا أن الله أخرها قليلا فبعثني في ذلك النفس أي في وقت قريب من الساعة أحس فيها بنفسها كما يحس بنفس الانسان اذا قرب منه ,
ومما يدل على أن النفس بمعنى الذات حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم :( لاتسبوا الريح فانها من نفس الرحمن ) يريد أنه يفرج بها الكرب .
وقال عليه الصلاة والسلام .( أجد ريح ربكم من قبل اليمن ) يعني الأنصار فهم من الأزد والأزد يمانيون نصر الله بهم المؤمنين
وهو مستعار من نفس الهواء الذي يرده التنفس الى الجوف فيبرد من حرارته ويعدلها .
*وقال أبو اسحق في لسان العرب : النفس يجري على ضربين عند العرب فيقولون : خرجت نفس فلان أي روحه , وفي نفس فلان أن يفعل كذا : أي في روعه .
والضرب الآخر : معنى النفس فيه جملة الشيء وحقيقته . تقول : قتل الشخص نفسه أي أوقع الهلاك بذاته كلها , والجمع :
( أنفس ونفوس ) .
وقال : ابن خالويه : النفس هي الروح والنفس مايكون به التمييز والنفس الدم .
ويقول الله تعالى :( الله يتوفى الأنفس حين موتها ..) فالنفس الأولى : تزول بزوال الحياة .
والنفس الثانية : تزول بزوال العقل , واستشهد لمعنى الدم بقول السموءل :
تسيل على حد الظبات نفوسنا = وليست على غير الظبات تسيل
وتأتي لفظة النفس في القرآن الكريم في آيات كثيرة تصف النفس بصفات متعددة حسب الآية ,
فتقرأ مرة عن :
( النفس المطمئنة قوله تعالى : يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية .)
ومرة ثانية : ( وما أبريء نفسي ان النفس لأمارة بالسوء ...........)
وثالثة : ( لاأقسم بيوم القيامة ولا أقسم بالنفس اللوامة ..........)
ورابعة :( ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها , قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها .)
وخامسة :( يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها , وبث منها رجالا كثيرا ونساءا ..)
===
وعن معنى الروح : مادة : ( الراء والواو والحاء )
الريح : نسيم الهواء ومنه قوله تعالى :( كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته ) وجاءت هنا مؤنثة والجمع أرواح وأراويح وكلاهما شاذ لأن الصواب :( أرواح ) فلقد قال الله تعالى :( وأرسلنا الرياح لواقح ) وقد ذكر في التهذيب أن : الريح ياؤها واو صيرت ياءا لانكسار ما قبلها , وجاء في الحديث :
( هبت أرواح النصر ).
والريح من روح الله أي رحمته بعباده قال تعالى :( وأيده بروح من عنده ) أي برحمة منه .
وقال أيضا :( لاتيأسوا من روح الله ...) أي من رحمته لأن الروح والراحة بها ,
وقوله عن عيسى بن مريم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام :( وروح منه ) أي رحمة .
وسمي الروح بالضم لأنه ريح يخرج من الروح فهو : النفخ .
وفي مثل هذا يقول الشاعر ذو الرمة في نار اقتدحها وأمر صاحبه بالنفخ فيها :
فقلت له :
ارفعها اليك وأحيها = بروحك واجعله لها قيتة قدرا
أي أحيها بنفخك واجعله لها أي للروح لأنه مذكر , والهاء الثانية تعود على النار لأنها مؤنثة .
وقال تعالى :( فأرسلنا اليها روحا من عندنا فتمثل لها بشرا سويا .) وفي :( وكلمة ألقاها الى مريم وروح منه .)
أضاف المولى جل وعلا الروح المرسلة الى مريم الى نفسه ومنه , وهو: أي الروح : خلق من خلق الله لم يعط علمه أحدا .
ويقول سبحانه وتعالى :( يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده .) يفسرها الزجاج قائلا : الروح هنا الوحي
أو أمر النبوة ,كما يسمي القرآن : روحا .

والخلاصة أن الروح هو مايحيا به الانسان ويعيش ,ولم يخبر الله تعالى به أحدا من خلقه ولم يعط علمه لعباده .
وقوله :( ونفخت فيه من روحي ) فالروح جار في جميع الجسد , فاذا خرج الروح لم يتنفس بعد خروجه , فالروح
النفس فاذا تتام خروجه بقي البصر شاخصا نحوه حتى يغمض ( بضم الياء وفتح الميم) .
وقوله :( ينزل الملائكة بالروح من أمره .) معناه الوحي , وسمي روحا لأنه حياة من موت الكفر فصار بحياته للناس
كالروح الذي يحيا به الجسد أو الانسان ذاته .
كما أن قوله تعالى :( نزل به الروح الأمين على قلبك )وقوله :( وأيدناه بروح القدس ) المقصود جبريل عليه السلام , وكذلك في قوله تعالى :( يوم يقوم الروح والملائكة صفا ..)
قال الزجاج :
الروح خلق كالانس وهو ليس بالانس وهو : جبريل عليه السلام .
وهو أيضا جبريل في قوله تعالى :( تنزل الملائكة والروح فيها باذن ربهم من كل أمر )
وكذلك قوله تعالى :( وكذلك اوحينا اليك روحا من أمرنا ) هو ما نزل به جبريل عليه السلام من الدين فصار به حياة الناس.
والريحان والروح في سورة الرحمن :( روح وريحان وجنة نعيم ) المقصود بالروح السعة وبالريحان الراحة والرحمة والرزق
وسمي الولد بالرزق ريحانا , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ( أوصيك بريحانتي
خيرا قبل أن ينهد ركناك , فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم قال علي بن أبي طالب :هذا أحد الركنين , فلما ماتت
فاطمة الزهراء قال : هذا الركن الآخر . والمقصود بالريحانتين هما : الحسن والحسين رضي الله عنهما سبطا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
=========
ونخلص من هذا كله قال البعض : بأن النفس والروح شيء واحد يسمى باسمين مثل انسان ورجل ,
وهما الدم أو متصلان بالدم , ويبطلان بذهابه ,
واستدلوا على ذلك أن الميت لايفقد من جسمه الا دمه , واحتجوا أيضا من اللغة بقول العرب:
نفست المرأة اذا حاضت ونفست من النفس وبقولهم لها بعد الولادة : المرأة النفساء لسيلان الدم منها
وهو النفس , فالنفس متصلة بالدم وليس الدم ذاته . ويمكن أن يطلق لفظ النفس على الروح .
وقال البعض الثاني : هما شيئان :
فالروح باردة , ولهذا النفخ يكون من الروح , فأنت تنفخ في الشيء الساخن لتبرده ,
أما النفس من النفس فتراه ساخنا ,
وهو عبارة عن درجة حرارة الزفير فأنت تخرج هواء الزفير في يدك في الشتاء عندما تحس ببرودة أطرافك لتدفيء يديك ) فالروح باردة والنفس حارة . وهذا رأي لايؤيده كتاب ولا سنة .
والرأي الثالث :
النفس هي النسمة المتصلة بالدم وهي كالروح , فعندما نعد السكان يكون التمييز (نسمة) وتعنى النفس أو الذات أو الانسان ,
كما يقال : على فلان عتق نسمة أي عتق انسان أو عتق رقبة أي تحرير انسان فالنفس هي الذات والحقيقة.
والانسان عبارة عن جسد تسكنه الروح , الجسد محسوس من عالم المادة , مدرك بالحواس ( عالم المحسوسات) فيه من مكونات الأرض من ماء وبقية عناصر التربة .
أما الروح أو النفس فهي من عالم الملكوت والغيب , فعندما خلق الله آدم
خلق جسده من تراب الأرض فلما سواه نفخ فيه من روحه , ويتولى الملك نفخ الروح في الجنين بعد 120 يوما بالتمام
والكمال فتتمركز الروح في القلب وتمتد عبر الدم الى جميع أجزاء الجسم عبر العروق .
فقد قال صلى الله عليه وسلم :( ان أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة , ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك , ثم يرسل اليه الملك فينفخ فيه الروح ,ويأمر بأربع كلمات : يكتب رزقه , وأجله , وعمله , وشقي أو سعيد
فوالذي لا اله غيره ان أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى لايكون بينه وبينها الا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها
وان أحدكم ليعمل بعمل أهل النارحتى لايكون بينه وبينها الا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة
فيدخلها .) رواه البخاري ومسلم .
وفي النهاية : لاتوجد روح عندما تفارق الجسد حال الموت , تخرج من فمه مع نفسه وقبلها يبدأ نفس الانسان في عدم الانتظام
ثم ما يلبث طويلا حتى يتوقف الانسان عن التنفس , ويتوقف القلب عن النبض فعندما تبلغ الحلقوم ينتزعها ملك الموت .
وربما يكون للحديث بقية ...................... بعد تعليقاتكم على هذه الرؤية البحثية.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

البلاغة والمجاز

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )