الشعر عند أرسطو ( الحلقة الأخيرة )
97 - ( التطهير ) نتيجة إثارة الرحمة والخوف وقد استعملها أرسطو بمعناها العضوي في حديثه عن المأساة .
97- قال أرسطو في حديثه عن الأخلاط والأمزجة الضارة التي يرمي الفن أو تعمل الطبيعة على التطهير منها , أننا لا نقصد معنى دينيا أو خلقيا , بل إن الأغاني ذات الطابع العملي أو الحماسي فائدتها التطهير , ويحيل القول فيها على كتاب الشعر .
98- الأغاني التطهيرية تسبب للناس السرور بدون إيلام ولا ضرر .
99- لايقصد أن المأساة تطهير للأخلاق جملة ؛ وإنما هي تطهير للرحمة , والخوف , وما يتصل بهما مباشرة من الانفعالات .
100- معالجة الشر بالشر كمعالجة الأمراض العصبية بالهزات الكهربية , وهو ما يسمى بمداواة الشيء الضار بمثله .
101- فالفن يحرر من بعض الانفعالات الضارة , كما يطهر الطب بهذه الطريقة من بعض الزوائد والأمراض العضوية .
102- يحدد أرسطو هذا التطهير في معالجة الداء بشبيهه ؛ أي معالجة الحقيقي الواقعي بشبيهه المتخيل غير الواقعي .
103- التداوي من الداء بالإفراط فيه عمل يؤدي إلى الضرر , ويعد خطرا كبيرا ؛ فتحويل الحب الجنسي إلى حب أفلاطوني طابعه التسامي بالعاطفة إزالة للأخطار التي تترتب على الحب الأول , وعلى الاستغراق فيه .
104- التطهير ليس عاما في كل الحالات , فقد يكون عرض الخوف والرحمة تطهيرا منهما 105- ولكن قد يكون عرضهما إغراء بالخوف أو إقلال من الرحمة لتصل إلى آفة الضعف .
106- لا يصح تعميم وظيفة التطهير في الفن , بل يجب الاحتراس في تطبيقها على حسب الحالات والمواقف المختلفة على أن التطهير في الفن صحيح في بعض الحالات .
107- يقول ( هيجل ) إن الشعر الغنائي يحرر العاطفة في جو العاطفة نفسها .
108- مداواة الشر طبيا قد تكون بضده , وهذا النوع من التطهير له نظيره في الفن والملهاة .
109- ( الفكرة ) وهي تلي الحكاية والأخلاق ؛ وهي القدرة على إيجاد اللغة التي يقتضيها الموقف , وتتلاءم وإياه , وهذا في البلاغة من شأن السياسة والخطابة .
110- الفكرة عنصر موضوعي في القصة , وعماد الفكر اللغة عامة , ولكن في المسرحية يجب أن يعتمد الشاعر في إظهار فكره على ترتيب الأحداث احتمالا أو ضرورة .
111- أجزاء الفكر ثلاثة ؛ النرهنة , والتنفيذ , وإثارة الانفعالات . وهذه الأخيرة في المأساة هي أساس الرحمة والخوف , ومنها التعظيم والتحقير .
112- الخطأ في الفكرة نوعان : الخطأ المتعلق بفن الشعر نفسه , والخطأ العرضي الجانبي
113- الأول يتعلق بجوهر الفن نفسه , كأن يصور الشاعر الأمور الممكنة مستحيلة ,
114- والخطأ العرضي هو ؛ الخطأ الجزئي في التصوير نتيجة جهل الشاعر بحقيقة متعلقة بالشيء الموصوف أو المحكي , والخطأ العرضي يتعلق بجوهر المحاكاة .
115- يجب النظر في الشخص الذي يفعل ويتكلم , ولمن يوجه كلامه , ولأجل منْ ؟ ولأية غاية ؟
116- والفكرة تعتمد على ترتيب الأحداث وتأليف الحكاية , كما تعتمد على القول وهو ذو أهمية ثانوية .
117- ( الملحمة ) محاكاة عن طريق القصص شعرا ؛ فهي تروي الأحداث ولا تقدمها أمام عيون النظارة , أو القارئين كما يحدث في المأساة .
118- يجب أن تتوفر لها أيضا الوحدة العضوية التي توجد في المأساة , والوحدة العضوية لها كالكائن الحي ؛ فهي تحاكي فعلا واحدا تاما .
119- أجزاء الملحمة : هي أجزاء المأساة فيما عدا النشيد والمنظر المسرحي .
120- ففيها الحكاية , ويجب أن تكون بسيطة , ويصح أن يكون الفعل فيها مركبا , وهو ما يحدث فيه الحوادث عن طريق التعرفات والتحولات .
121- الإلياذة قصيدة بسيطة وانفعالية , والأوديسا قصيدة مركبة لأنها تعرف كلها .
122- تختلف الملحمة عن المأساة في ثلاثة أمور ؛ رواية الحداث لا تقدم للشهود , وتناول عدة أجزاء في آن واحد , و يمكن أن نذهب بها إلى حد الأمور غير المعقولة التي بها تصدر المعجزات .
123- تشترك الملحمة مع المأساة في أمور كثيرة منها : الوحدة العضوية , الحكاية , الخلق , الفكرة , وفي محاكاة الأفاضل من الناس .
124- تمتاز المأساة عن الملحمة بأنها ؛ تشتمل على الموسيقى , والمنظر الخارجي , وشدة الوضوح في القراءة , وعندالتمثيل , وتستقل بنفسها عن التمثيل , وأقل زمنا في الطول , والوحدة العضوية فيها أشد تماسكا من الملحمة .
125- تعريف الملحمة ؛ هي قصة شعرية موضوعها وقائع الأبطال الوطبيين العجيبة التي تبوئهم منزلة الخلود ؛ بين بني وطنهم , ويلعب الخيال فيها دورا كبيرا ؛ إذ يحكى على شكل معجزات ما قام به هؤلاء الأبطال , وما به سمَوْا عن الناس , والحوادث تتوالى متمشية مع التطويرات النفسية التي يستلزمها تسلسل الأحداث , وهي محكية لشعب يخلط بين الحقيقة والتاريخ .
126- الخطابة ك قصدها أرسطو من تأليفه إلى غاية خلقية فنية . وأنواعها ثلاثة :
الخطابة الاستدلالية , الخطابة الاستشارية , الخطابة القضائية .
127- وذلك بحسب من يوجه لهم الخطاب فهم ؛ إما متفرجون في حفل أو استعراض , وإما قضاة وهم إما أن يحكموا على أفعال ماضية مثل أحكام الحاكم أو مقبلة كما في مجالس الشورى .
128- والخطابة الاستدلالية : موضوعها المدح والذم , وزمنها ؛ الأفعال الحاضرة مع الرجوع أحيانا إلى ما يتصل بها من الماضي , وغايتها ح بيان الجميل والقبيح من الأفعال ( استدلالية ) وتشترك في بعض مواطن الحجج ؛ إذ تتناول هذه الحجج الممكن والمستحيل والعظيم والحقير و فيما لها من قيمة مطلقة أو نسبية عالمية .
129- وتنقسم المحاجة الخطابية إلى نوعين ؛ غير فنية وفنية , ويقصد بالحجج غير الفنية ما ليست من عمل الخطيب بل هي موجودة من قبل كشهادة الشهود , ونصوص القانون , والاعترافات التي أخذت بتعذيب المتهم .
130- وليست الحجج غير الفنية جوهرية في فن الخطابة , ولكن الخطيب يمكن أن يستفيد منها في حججه الفنية . التي يُقصد بها ؛ أن يستخرجها الخطيب بوسائله فيخترعها اختراعا , وهي جوهرية في الخطابة ولها ثلاثة أنواع ؛ منها ما يتعلق بأخلاق الخطيب وهي من وسائل الاقناع , ويجب انبعاثها من الخطبة نفسها . والنوع الثاني ما يتعلق بأحوال السامعين وبما يثيره الخطيب فيهم من انفعالات . والنوع الثالث ؛ ما يتعلق بالكلام نفسه ببيان الحقيقة أو ما يظهره كأنه الحقيقة بواسطة براهين يمكن أن تكون مقنعة على حسب كل حالة .
131- ثم يقسمها أرسطو ثانيا إلى قسمين كبيرين هما حجج خلقية ذاتية , وحجج منطقية موضوعية , وبذلك يعالج مسائل الخطابة الخاصة بالبراهين .
132- البراهين الخلقية الذ1اتية : تأثر أرسطو بأستاذه أفلاطون الذي يدرس في هذه البراهين الخلقية الذاتية الأسس النفسية للخطابة في محاورته ( فيدروس ) التي يقول فيها :
على المرء لكي يكون قادرا على الخطابة أن يعرف ما للنفوس من أنواع , وعلى قدرها تكون الصفات والأخلاق . ولإيجاد نوع من الاقناع يجب أن أطابق بين كلامي وطبيعة النفوس . وللأسس النفسية ناحيتان ؛ ما يتعلق بخلق الخطيب أو شخصيته , وما يخص عواطف السامعين وانفعالاتهم ؛ فشخصية الخطيب لها الأهمية في الخطابة الاستشارية ثم في القضائية ,وسنتحدث عنهما فيما بعد .
133- الاعتداد بعواطف السامعين له شأن أعظم في الاستدلالية التي نفصل فيها الآن , ثم في القضائية , أما الخطباء فهم يوحون بالثقة إذا توافرت لهم ثلاث صفات هي : الفطنة والفضيلة والتلطف للسامعين .
134 – إذا شوه الخطباء الحقيقة فذلك لأسباب ثلاثة ؛ إذا أعوزتهم الفطنة تعرضت أفكارهم للخطأ , وإذا كان تفكيرهم مستقيما دفعهم الخبث إلى ستر أفكارهم الصحيحة , أو يكونون فطنين شرفاء و ولكنهم لا يحبون السامعين .
135- ينتج عن الميزات السابقة ضرورة أن الخطيب الذي تتوافر له هذه الصفات يوحي بالثقة إلى من يستمعون إليه .أما الغباء فهو رزيلة تعمي المرء عن الصواب , والفطنة أساس الصواب في المشورة , والفضيلة جميلة وكذا كل ما يوصل إليها , وخير الفضائل أعمها نفعا وأبعدها عن المنفعة الخاصة .
136- أما التلطف للسامعين أو الشعور بالصداقة نحوهم ؛ فهو من العواطف التي توحد الغايات بين الخطيب وجمهوره , وتربطه وإياهم برباط وثيق . أما السامعون يجب الوقوف على ما لديهم من عواطف تهيأوا لها وسبب موقفهم الخاص .
137- والعواطف مصحوبة بالألم أو اللذة , ويحمل تغيرها على تغير الناس في أحكامهم ؛ كالغضب والرحمة والخوف وكل الانفعالات من هذا النوع والعكس . ولقد عدد أرسطو العواطف أو الانفعالات وقال إنه يتبع في ذلك ثلاث مسائل ؛ فإذا أخذنا الغضب مثلا كان علينا :أن نعرف الاستعدادات النفسية التي تحمل المرء على الغضب
أن نعد الأشخاص الذين نشعر نحوهم بالغضب
أن نعد الأشياء التي تثير عادة فينا هذا الشعور ( الغضب )
138- وتحدث عن الخوف في الشعر والخطابة فقال : الخوف ألم أو اضطراب ينتج عن تخيل شر يحدث في المستقبل فيسبب خرابا أو أذى . فالاستعدادات النفسية التي تحمل المرء على الخوف أن تكون الأشياء التي تهدد بالضرر الكبير هي مثار الخوف , وكذلك علاماتها لأنها تنذر بقرب المخوف منه .
139- والأشخاص الذين نخافهم هم من يغضبون علينا أو يحقدون لأن أكثر الناس ليسوا خيريين كما ينبغي , بل هم جبناء في الخطر , ويسطير عليهم الطمع في النفع , ولا ينبغي أن نرهب من خصومنا الغضوبين بين الصرحاء بقدر ما نرهب المخادعين الذين يتظاهرون بالضعف لأننا لانعرف متى يهجمون .
أما الحالات التي يشعر المرء فيها بالخوف فهي ما يكون فيها هدفا يمكن أن ينال بالأذى فلا يحس بالخوف من ترادفت عليه النعم , أو توافرلهم السلطان .
140- الخوف يستلزم احتفاظ المرء في نفسه ببعض الأمل في النجاة مما يخاف ؛ والدليل على ذلك أن الخوف يبعث على المشورة , ولا مشورة في ميئوس منه .
141- نعود إلى الخطابة الاستشارية :
وموضوعها النصح بفعل شيء أو عدم فعله , وفيها الزمن المستقبل لأن الناس يستشيرون فيما ينبغي فعله مستقبلا , وغايتها شرح النافع والضار 0 استشارية ) ثم تشترك مع الاستدلالية في بعض مواطن الحجج .
142- الخطابة القضائية : وموضوعها الاتهام والدفاع , وزمنها الماضي لأن الحكم على الأفعال التي حدثت بالفعل , وغاياتها تميز المشروع من غير المشروع ولذلك تسمى ( قضائية ) وتشترك كذلك مع النوعين السالفين في بعض الحجج .
143- وفي البراهين والحجج المنطقية الموضوعية تتجلى علاقة الخطابة بالمنطق , وفي المنطق تدور الحجج المختلفة حول الاستقراء ثم القياس الثلاثي , والخطابة يقوم فيها المثل مقام الاستقراء , ويغني المضمر وهو القياس الثلاثي بحذف صغراه عن القياس الثلاثي المنطقي . زجميع الخطباء لا تخرج خطبهم عن القياس الثلاثي والمضمر .
144- والمحاجة في الخطابة موضوعها الأمور الممكنة التي تقبل حلين متعارضين أما الأمور التي لايمكن أن تكون على غير ماهي عليه فليست موضوع مشاورة , وهذين الفرعين من الحجج يتفرعان بدورهما إلى أنواع أخرى منها ؛ المثل : وفيه يعتمد الخطيب على إيراد حالات كثيرة مشابهة للحالة التي يراد الاستدلال عليها للبرهنة على تساويها مع المثل , ويسمى في المنطق ( الاستقراء ) وفي الخطابة المثل , ويفضل في الخطابة الاستشارية .
145- القياس المضمر أفضل من المثل , ويفضل في الخطابة القضائية , والمثل نوعان : ما يورد فيه الخطيب حقائق وقعت في الماضي , وهو المثل التاريخي , والنوع الثاني ما يخترعه الخطيب من نفسه , وهذا الأخير بدوره نوعان : إما أن يخترع فيه الأمثلة القابلة بين الحالات المشابهة , وهو المثل الرمزي , وإما تحكي فيه القصص على لسان الحيوان وهو الخرافة أو القصة على لسان الحيوان . والمثل التاريخي يمثل له أرسطو بقوله يجب أن نستعد للحرب ضد ملك الفرس , وألا نتركه يخضع مصر لسلطانه و إذ أن ( داريوس ) لم يعبر إلى أوروبا قبل أن يأخذ مصر , وعندما أخذها عبر منها إلى أوروبا , ةوكذلك ( ( إكزركيس ) لم يشرع في هجومنا قبل أن يفتح مصر وحين تم له النصر عليها مضى قدما إلى أوروبا , فإذا احتل مصر ملك الفرس الحالي فإنه سيجتاز كذلك إلى أوروبا فيجب ألا نتركه يفعل .)
146- المثل الرمزي : يكثر في محاورات سقراط ومنها ؛ 0 لايصح الافتراع في اختيار القضاء ؛ لأننا نكون كمن يختارون المبارزينفي النزاع اقتراعا لا على حسب ما فيهم من قوة طبيعية للمجالدة في الصراع , بل على حسب ما صادفهم من حظ .)
147- المثل الخرافي على لسان الحيوان : وله أهميته لدى اليونان , ويلجأ الخطيب إليه في المرافعات القضائية , ويمثل أرسطو لذلك بما قاله ( ستيزيكورس) لمواطنيه في صقلية حينما اختاروا ( فلاريوس) حاكما عليهم ( قصة الحصان الذي دهمه غزال )
148- ويناسب هذا النوع الخطب التي تقال في الاجتماعات الشعبية , والمحاجة بالقصص الخرافية قد تكون ميسورة , ولكن المثل الناريخي اعظم نفعا في الاستشارية .
150- الأقيسة المضمرة يستشهد عليها بالمثل الناريخي , وحين لا توجد على الخطيب أن يستخدم المثل بجميع أنواعه في البراهين , والقياس المضمر هو مقابل للثلاثي في المنطق غير أنه يحذف حده الأصغر لعدم احتياج الجمهور له لعلمه به ( مثال منح تاج النصر للفائز في الألباب الألومويين ) , والقياس المضمر عند أرسطو نوعان : نوع يستخدم في الاستدلال , وآخر في التنفيذ , ولكل منهما مواضع حجج عامة منها ما يفيد الكاتب والخطيب , وأهم الحجج هي : التضاد ؛ وفيه تؤخذ الحجة بواسطة التضاد بين الأشياء كالسلم والحرب ؛ مثال ( إذا كانت الحرب سبب الشرور كلها فبالسلم يجب إصلاحها )
151- علاقة الأقل بالأكثر ؛ فإذا لم يمكن إثبات شيء لشيء آخر هو معه أكثر احتمالا فإنه لايمكن إثباته لشيء ثالث هو معه أقل احتمالا ( مثال الأنبياء ) مع علم الغيب .
ويندرج كذلك ما إذا تحقق الأقل احتمالا فأنه يتحقق من باب أولى الأكثر احتمالا ـ ويمكن استخراج الحجة كذلك بعلاقة المساوي له , مثال ( إذا لم يكن من المستطاع توجيه اللوم إلى هكتور في قتله باتركلوس فكيف يلام ألكسندروس على قتله أخيليوس )
152- المحاجة بالزمن : وهي المأخوذة من اعتبارات الزمن في الماضي والحاضر ؛ لو أني طلبت إليك التمثال قبل أن أقوم بهذه الأعمال جزاء لي عليها , لكنت قد لبيت لي طلبي أو ترفضه الآن بعد أن بلوت هذا البلاء , لا تعد بالجزاء على خدمتك قبل القيام بها لتخلف الوعد , بعد أن تؤدي لك الخدمة .
153- تعريف الكلمات : واستنتاج الحجة من هذا التعريف كأن نقول ما هو فوق الطبيعة ؟ هو الله . أو عمل من أعمال الله وأيما امريء اعتقد في وجود عمل من أعمال الله لايمكنه ألا يعتقد في وجود الله .
154- تقسيم الشيء إلى اجزاء : لاستخراج الحجة من هذا التقسيم مثلا ؛ إنما يرتكب الإنسان الخطأ لثلاثة أسباب (ال كذا ...كذا ....كذا ) ومن أمثلة التقسيم في الشعر عند أبي العلاء المعري في قوله :
وقد فتشت عن أصحاب دين = لهم خلق وليس لهم رياء
فألفيت الفطانة في اختيال = كأنهم لقوم أنبياء
فأما هؤلاء فأهل مكر = وأما الآخرون فأغبياء
فإن كان التقى بلها وعِيًا = فأعيار المذلة أتقياء .
155- الموازنة بين نتيجة أمرين متعارضين : لحجة تشجيع فعل أو تثبيطه ( إذا دافعت عن الحق غضب عليك الناس , وإذا دافعت عن الباطل غضب عليك الآلهة )
156- العلاقة بين النتيجة والمقدمات : إذا اتحدت النتائج اتحدت المقدمات مثال ذلك ( أن من يزعمون أن الآلهة تولد هم في الكفر كمن يزعمون أن الآلهة تموت ؛ إذ في كلا الأمرين تفنى الآلهة على مر الزمن )
157- الغاية المحتملة لشيء ما هي الغاية الواقعية منه ( قد يمنح الله النعم لا للإكرام بها على المنعم عليه , ولكن لينزل على المنعم عليه أفدح البلايا )
158- اعتماد الخطيب على السبب فإذا تحقق الأثر , وإذا انتفى انتفى الأثر كذلك , ربط أرسطو بين الحجج البلاغية والمنطق , وأعان ذلك الرابط الكاتب والخطيب معا على إجادة المحاجة , وعلى حسن التفكير , فيفند الخطيب حجج خصمه بتأليف أقيسة مقابلة لأقيسة الخصم , وتكون طريقة فساد أقيسة الخصم بأن تستخرج من النتيجة موضع المناقشة للخصم , او من القياس أو قياس آخر مساوٍ له أو مضادٍ له أو من أحكام سابقة معترف بها ؛ بوسائل التفنيد الأربعة :
قد يستخرج قياسه من نتيجة القياس الذي يثبته خصمه ليدحض به حجته .
أو قد يستخرج الاعتراض من ضد قياس خصمه
أو الاعتراض بأقوال من يعتبرون حجة من المشهورين في الماضي .
وتعد الحكم بمثابة القياس المضمر , وإذا كانت نتيجة القياس المضمر في الخطابة هي ما يمكن تجنبه أوفعله كان لها طابع الحكمة . وبذلك تكون الصياغة للأفكار والجمل والعبارات وتنظيم أجزاء الخطاب . ( انتهى )
97- قال أرسطو في حديثه عن الأخلاط والأمزجة الضارة التي يرمي الفن أو تعمل الطبيعة على التطهير منها , أننا لا نقصد معنى دينيا أو خلقيا , بل إن الأغاني ذات الطابع العملي أو الحماسي فائدتها التطهير , ويحيل القول فيها على كتاب الشعر .
98- الأغاني التطهيرية تسبب للناس السرور بدون إيلام ولا ضرر .
99- لايقصد أن المأساة تطهير للأخلاق جملة ؛ وإنما هي تطهير للرحمة , والخوف , وما يتصل بهما مباشرة من الانفعالات .
100- معالجة الشر بالشر كمعالجة الأمراض العصبية بالهزات الكهربية , وهو ما يسمى بمداواة الشيء الضار بمثله .
101- فالفن يحرر من بعض الانفعالات الضارة , كما يطهر الطب بهذه الطريقة من بعض الزوائد والأمراض العضوية .
102- يحدد أرسطو هذا التطهير في معالجة الداء بشبيهه ؛ أي معالجة الحقيقي الواقعي بشبيهه المتخيل غير الواقعي .
103- التداوي من الداء بالإفراط فيه عمل يؤدي إلى الضرر , ويعد خطرا كبيرا ؛ فتحويل الحب الجنسي إلى حب أفلاطوني طابعه التسامي بالعاطفة إزالة للأخطار التي تترتب على الحب الأول , وعلى الاستغراق فيه .
104- التطهير ليس عاما في كل الحالات , فقد يكون عرض الخوف والرحمة تطهيرا منهما 105- ولكن قد يكون عرضهما إغراء بالخوف أو إقلال من الرحمة لتصل إلى آفة الضعف .
106- لا يصح تعميم وظيفة التطهير في الفن , بل يجب الاحتراس في تطبيقها على حسب الحالات والمواقف المختلفة على أن التطهير في الفن صحيح في بعض الحالات .
107- يقول ( هيجل ) إن الشعر الغنائي يحرر العاطفة في جو العاطفة نفسها .
108- مداواة الشر طبيا قد تكون بضده , وهذا النوع من التطهير له نظيره في الفن والملهاة .
109- ( الفكرة ) وهي تلي الحكاية والأخلاق ؛ وهي القدرة على إيجاد اللغة التي يقتضيها الموقف , وتتلاءم وإياه , وهذا في البلاغة من شأن السياسة والخطابة .
110- الفكرة عنصر موضوعي في القصة , وعماد الفكر اللغة عامة , ولكن في المسرحية يجب أن يعتمد الشاعر في إظهار فكره على ترتيب الأحداث احتمالا أو ضرورة .
111- أجزاء الفكر ثلاثة ؛ النرهنة , والتنفيذ , وإثارة الانفعالات . وهذه الأخيرة في المأساة هي أساس الرحمة والخوف , ومنها التعظيم والتحقير .
112- الخطأ في الفكرة نوعان : الخطأ المتعلق بفن الشعر نفسه , والخطأ العرضي الجانبي
113- الأول يتعلق بجوهر الفن نفسه , كأن يصور الشاعر الأمور الممكنة مستحيلة ,
114- والخطأ العرضي هو ؛ الخطأ الجزئي في التصوير نتيجة جهل الشاعر بحقيقة متعلقة بالشيء الموصوف أو المحكي , والخطأ العرضي يتعلق بجوهر المحاكاة .
115- يجب النظر في الشخص الذي يفعل ويتكلم , ولمن يوجه كلامه , ولأجل منْ ؟ ولأية غاية ؟
116- والفكرة تعتمد على ترتيب الأحداث وتأليف الحكاية , كما تعتمد على القول وهو ذو أهمية ثانوية .
117- ( الملحمة ) محاكاة عن طريق القصص شعرا ؛ فهي تروي الأحداث ولا تقدمها أمام عيون النظارة , أو القارئين كما يحدث في المأساة .
118- يجب أن تتوفر لها أيضا الوحدة العضوية التي توجد في المأساة , والوحدة العضوية لها كالكائن الحي ؛ فهي تحاكي فعلا واحدا تاما .
119- أجزاء الملحمة : هي أجزاء المأساة فيما عدا النشيد والمنظر المسرحي .
120- ففيها الحكاية , ويجب أن تكون بسيطة , ويصح أن يكون الفعل فيها مركبا , وهو ما يحدث فيه الحوادث عن طريق التعرفات والتحولات .
121- الإلياذة قصيدة بسيطة وانفعالية , والأوديسا قصيدة مركبة لأنها تعرف كلها .
122- تختلف الملحمة عن المأساة في ثلاثة أمور ؛ رواية الحداث لا تقدم للشهود , وتناول عدة أجزاء في آن واحد , و يمكن أن نذهب بها إلى حد الأمور غير المعقولة التي بها تصدر المعجزات .
123- تشترك الملحمة مع المأساة في أمور كثيرة منها : الوحدة العضوية , الحكاية , الخلق , الفكرة , وفي محاكاة الأفاضل من الناس .
124- تمتاز المأساة عن الملحمة بأنها ؛ تشتمل على الموسيقى , والمنظر الخارجي , وشدة الوضوح في القراءة , وعندالتمثيل , وتستقل بنفسها عن التمثيل , وأقل زمنا في الطول , والوحدة العضوية فيها أشد تماسكا من الملحمة .
125- تعريف الملحمة ؛ هي قصة شعرية موضوعها وقائع الأبطال الوطبيين العجيبة التي تبوئهم منزلة الخلود ؛ بين بني وطنهم , ويلعب الخيال فيها دورا كبيرا ؛ إذ يحكى على شكل معجزات ما قام به هؤلاء الأبطال , وما به سمَوْا عن الناس , والحوادث تتوالى متمشية مع التطويرات النفسية التي يستلزمها تسلسل الأحداث , وهي محكية لشعب يخلط بين الحقيقة والتاريخ .
126- الخطابة ك قصدها أرسطو من تأليفه إلى غاية خلقية فنية . وأنواعها ثلاثة :
الخطابة الاستدلالية , الخطابة الاستشارية , الخطابة القضائية .
127- وذلك بحسب من يوجه لهم الخطاب فهم ؛ إما متفرجون في حفل أو استعراض , وإما قضاة وهم إما أن يحكموا على أفعال ماضية مثل أحكام الحاكم أو مقبلة كما في مجالس الشورى .
128- والخطابة الاستدلالية : موضوعها المدح والذم , وزمنها ؛ الأفعال الحاضرة مع الرجوع أحيانا إلى ما يتصل بها من الماضي , وغايتها ح بيان الجميل والقبيح من الأفعال ( استدلالية ) وتشترك في بعض مواطن الحجج ؛ إذ تتناول هذه الحجج الممكن والمستحيل والعظيم والحقير و فيما لها من قيمة مطلقة أو نسبية عالمية .
129- وتنقسم المحاجة الخطابية إلى نوعين ؛ غير فنية وفنية , ويقصد بالحجج غير الفنية ما ليست من عمل الخطيب بل هي موجودة من قبل كشهادة الشهود , ونصوص القانون , والاعترافات التي أخذت بتعذيب المتهم .
130- وليست الحجج غير الفنية جوهرية في فن الخطابة , ولكن الخطيب يمكن أن يستفيد منها في حججه الفنية . التي يُقصد بها ؛ أن يستخرجها الخطيب بوسائله فيخترعها اختراعا , وهي جوهرية في الخطابة ولها ثلاثة أنواع ؛ منها ما يتعلق بأخلاق الخطيب وهي من وسائل الاقناع , ويجب انبعاثها من الخطبة نفسها . والنوع الثاني ما يتعلق بأحوال السامعين وبما يثيره الخطيب فيهم من انفعالات . والنوع الثالث ؛ ما يتعلق بالكلام نفسه ببيان الحقيقة أو ما يظهره كأنه الحقيقة بواسطة براهين يمكن أن تكون مقنعة على حسب كل حالة .
131- ثم يقسمها أرسطو ثانيا إلى قسمين كبيرين هما حجج خلقية ذاتية , وحجج منطقية موضوعية , وبذلك يعالج مسائل الخطابة الخاصة بالبراهين .
132- البراهين الخلقية الذ1اتية : تأثر أرسطو بأستاذه أفلاطون الذي يدرس في هذه البراهين الخلقية الذاتية الأسس النفسية للخطابة في محاورته ( فيدروس ) التي يقول فيها :
على المرء لكي يكون قادرا على الخطابة أن يعرف ما للنفوس من أنواع , وعلى قدرها تكون الصفات والأخلاق . ولإيجاد نوع من الاقناع يجب أن أطابق بين كلامي وطبيعة النفوس . وللأسس النفسية ناحيتان ؛ ما يتعلق بخلق الخطيب أو شخصيته , وما يخص عواطف السامعين وانفعالاتهم ؛ فشخصية الخطيب لها الأهمية في الخطابة الاستشارية ثم في القضائية ,وسنتحدث عنهما فيما بعد .
133- الاعتداد بعواطف السامعين له شأن أعظم في الاستدلالية التي نفصل فيها الآن , ثم في القضائية , أما الخطباء فهم يوحون بالثقة إذا توافرت لهم ثلاث صفات هي : الفطنة والفضيلة والتلطف للسامعين .
134 – إذا شوه الخطباء الحقيقة فذلك لأسباب ثلاثة ؛ إذا أعوزتهم الفطنة تعرضت أفكارهم للخطأ , وإذا كان تفكيرهم مستقيما دفعهم الخبث إلى ستر أفكارهم الصحيحة , أو يكونون فطنين شرفاء و ولكنهم لا يحبون السامعين .
135- ينتج عن الميزات السابقة ضرورة أن الخطيب الذي تتوافر له هذه الصفات يوحي بالثقة إلى من يستمعون إليه .أما الغباء فهو رزيلة تعمي المرء عن الصواب , والفطنة أساس الصواب في المشورة , والفضيلة جميلة وكذا كل ما يوصل إليها , وخير الفضائل أعمها نفعا وأبعدها عن المنفعة الخاصة .
136- أما التلطف للسامعين أو الشعور بالصداقة نحوهم ؛ فهو من العواطف التي توحد الغايات بين الخطيب وجمهوره , وتربطه وإياهم برباط وثيق . أما السامعون يجب الوقوف على ما لديهم من عواطف تهيأوا لها وسبب موقفهم الخاص .
137- والعواطف مصحوبة بالألم أو اللذة , ويحمل تغيرها على تغير الناس في أحكامهم ؛ كالغضب والرحمة والخوف وكل الانفعالات من هذا النوع والعكس . ولقد عدد أرسطو العواطف أو الانفعالات وقال إنه يتبع في ذلك ثلاث مسائل ؛ فإذا أخذنا الغضب مثلا كان علينا :أن نعرف الاستعدادات النفسية التي تحمل المرء على الغضب
أن نعد الأشخاص الذين نشعر نحوهم بالغضب
أن نعد الأشياء التي تثير عادة فينا هذا الشعور ( الغضب )
138- وتحدث عن الخوف في الشعر والخطابة فقال : الخوف ألم أو اضطراب ينتج عن تخيل شر يحدث في المستقبل فيسبب خرابا أو أذى . فالاستعدادات النفسية التي تحمل المرء على الخوف أن تكون الأشياء التي تهدد بالضرر الكبير هي مثار الخوف , وكذلك علاماتها لأنها تنذر بقرب المخوف منه .
139- والأشخاص الذين نخافهم هم من يغضبون علينا أو يحقدون لأن أكثر الناس ليسوا خيريين كما ينبغي , بل هم جبناء في الخطر , ويسطير عليهم الطمع في النفع , ولا ينبغي أن نرهب من خصومنا الغضوبين بين الصرحاء بقدر ما نرهب المخادعين الذين يتظاهرون بالضعف لأننا لانعرف متى يهجمون .
أما الحالات التي يشعر المرء فيها بالخوف فهي ما يكون فيها هدفا يمكن أن ينال بالأذى فلا يحس بالخوف من ترادفت عليه النعم , أو توافرلهم السلطان .
140- الخوف يستلزم احتفاظ المرء في نفسه ببعض الأمل في النجاة مما يخاف ؛ والدليل على ذلك أن الخوف يبعث على المشورة , ولا مشورة في ميئوس منه .
141- نعود إلى الخطابة الاستشارية :
وموضوعها النصح بفعل شيء أو عدم فعله , وفيها الزمن المستقبل لأن الناس يستشيرون فيما ينبغي فعله مستقبلا , وغايتها شرح النافع والضار 0 استشارية ) ثم تشترك مع الاستدلالية في بعض مواطن الحجج .
142- الخطابة القضائية : وموضوعها الاتهام والدفاع , وزمنها الماضي لأن الحكم على الأفعال التي حدثت بالفعل , وغاياتها تميز المشروع من غير المشروع ولذلك تسمى ( قضائية ) وتشترك كذلك مع النوعين السالفين في بعض الحجج .
143- وفي البراهين والحجج المنطقية الموضوعية تتجلى علاقة الخطابة بالمنطق , وفي المنطق تدور الحجج المختلفة حول الاستقراء ثم القياس الثلاثي , والخطابة يقوم فيها المثل مقام الاستقراء , ويغني المضمر وهو القياس الثلاثي بحذف صغراه عن القياس الثلاثي المنطقي . زجميع الخطباء لا تخرج خطبهم عن القياس الثلاثي والمضمر .
144- والمحاجة في الخطابة موضوعها الأمور الممكنة التي تقبل حلين متعارضين أما الأمور التي لايمكن أن تكون على غير ماهي عليه فليست موضوع مشاورة , وهذين الفرعين من الحجج يتفرعان بدورهما إلى أنواع أخرى منها ؛ المثل : وفيه يعتمد الخطيب على إيراد حالات كثيرة مشابهة للحالة التي يراد الاستدلال عليها للبرهنة على تساويها مع المثل , ويسمى في المنطق ( الاستقراء ) وفي الخطابة المثل , ويفضل في الخطابة الاستشارية .
145- القياس المضمر أفضل من المثل , ويفضل في الخطابة القضائية , والمثل نوعان : ما يورد فيه الخطيب حقائق وقعت في الماضي , وهو المثل التاريخي , والنوع الثاني ما يخترعه الخطيب من نفسه , وهذا الأخير بدوره نوعان : إما أن يخترع فيه الأمثلة القابلة بين الحالات المشابهة , وهو المثل الرمزي , وإما تحكي فيه القصص على لسان الحيوان وهو الخرافة أو القصة على لسان الحيوان . والمثل التاريخي يمثل له أرسطو بقوله يجب أن نستعد للحرب ضد ملك الفرس , وألا نتركه يخضع مصر لسلطانه و إذ أن ( داريوس ) لم يعبر إلى أوروبا قبل أن يأخذ مصر , وعندما أخذها عبر منها إلى أوروبا , ةوكذلك ( ( إكزركيس ) لم يشرع في هجومنا قبل أن يفتح مصر وحين تم له النصر عليها مضى قدما إلى أوروبا , فإذا احتل مصر ملك الفرس الحالي فإنه سيجتاز كذلك إلى أوروبا فيجب ألا نتركه يفعل .)
146- المثل الرمزي : يكثر في محاورات سقراط ومنها ؛ 0 لايصح الافتراع في اختيار القضاء ؛ لأننا نكون كمن يختارون المبارزينفي النزاع اقتراعا لا على حسب ما فيهم من قوة طبيعية للمجالدة في الصراع , بل على حسب ما صادفهم من حظ .)
147- المثل الخرافي على لسان الحيوان : وله أهميته لدى اليونان , ويلجأ الخطيب إليه في المرافعات القضائية , ويمثل أرسطو لذلك بما قاله ( ستيزيكورس) لمواطنيه في صقلية حينما اختاروا ( فلاريوس) حاكما عليهم ( قصة الحصان الذي دهمه غزال )
148- ويناسب هذا النوع الخطب التي تقال في الاجتماعات الشعبية , والمحاجة بالقصص الخرافية قد تكون ميسورة , ولكن المثل الناريخي اعظم نفعا في الاستشارية .
150- الأقيسة المضمرة يستشهد عليها بالمثل الناريخي , وحين لا توجد على الخطيب أن يستخدم المثل بجميع أنواعه في البراهين , والقياس المضمر هو مقابل للثلاثي في المنطق غير أنه يحذف حده الأصغر لعدم احتياج الجمهور له لعلمه به ( مثال منح تاج النصر للفائز في الألباب الألومويين ) , والقياس المضمر عند أرسطو نوعان : نوع يستخدم في الاستدلال , وآخر في التنفيذ , ولكل منهما مواضع حجج عامة منها ما يفيد الكاتب والخطيب , وأهم الحجج هي : التضاد ؛ وفيه تؤخذ الحجة بواسطة التضاد بين الأشياء كالسلم والحرب ؛ مثال ( إذا كانت الحرب سبب الشرور كلها فبالسلم يجب إصلاحها )
151- علاقة الأقل بالأكثر ؛ فإذا لم يمكن إثبات شيء لشيء آخر هو معه أكثر احتمالا فإنه لايمكن إثباته لشيء ثالث هو معه أقل احتمالا ( مثال الأنبياء ) مع علم الغيب .
ويندرج كذلك ما إذا تحقق الأقل احتمالا فأنه يتحقق من باب أولى الأكثر احتمالا ـ ويمكن استخراج الحجة كذلك بعلاقة المساوي له , مثال ( إذا لم يكن من المستطاع توجيه اللوم إلى هكتور في قتله باتركلوس فكيف يلام ألكسندروس على قتله أخيليوس )
152- المحاجة بالزمن : وهي المأخوذة من اعتبارات الزمن في الماضي والحاضر ؛ لو أني طلبت إليك التمثال قبل أن أقوم بهذه الأعمال جزاء لي عليها , لكنت قد لبيت لي طلبي أو ترفضه الآن بعد أن بلوت هذا البلاء , لا تعد بالجزاء على خدمتك قبل القيام بها لتخلف الوعد , بعد أن تؤدي لك الخدمة .
153- تعريف الكلمات : واستنتاج الحجة من هذا التعريف كأن نقول ما هو فوق الطبيعة ؟ هو الله . أو عمل من أعمال الله وأيما امريء اعتقد في وجود عمل من أعمال الله لايمكنه ألا يعتقد في وجود الله .
154- تقسيم الشيء إلى اجزاء : لاستخراج الحجة من هذا التقسيم مثلا ؛ إنما يرتكب الإنسان الخطأ لثلاثة أسباب (ال كذا ...كذا ....كذا ) ومن أمثلة التقسيم في الشعر عند أبي العلاء المعري في قوله :
وقد فتشت عن أصحاب دين = لهم خلق وليس لهم رياء
فألفيت الفطانة في اختيال = كأنهم لقوم أنبياء
فأما هؤلاء فأهل مكر = وأما الآخرون فأغبياء
فإن كان التقى بلها وعِيًا = فأعيار المذلة أتقياء .
155- الموازنة بين نتيجة أمرين متعارضين : لحجة تشجيع فعل أو تثبيطه ( إذا دافعت عن الحق غضب عليك الناس , وإذا دافعت عن الباطل غضب عليك الآلهة )
156- العلاقة بين النتيجة والمقدمات : إذا اتحدت النتائج اتحدت المقدمات مثال ذلك ( أن من يزعمون أن الآلهة تولد هم في الكفر كمن يزعمون أن الآلهة تموت ؛ إذ في كلا الأمرين تفنى الآلهة على مر الزمن )
157- الغاية المحتملة لشيء ما هي الغاية الواقعية منه ( قد يمنح الله النعم لا للإكرام بها على المنعم عليه , ولكن لينزل على المنعم عليه أفدح البلايا )
158- اعتماد الخطيب على السبب فإذا تحقق الأثر , وإذا انتفى انتفى الأثر كذلك , ربط أرسطو بين الحجج البلاغية والمنطق , وأعان ذلك الرابط الكاتب والخطيب معا على إجادة المحاجة , وعلى حسن التفكير , فيفند الخطيب حجج خصمه بتأليف أقيسة مقابلة لأقيسة الخصم , وتكون طريقة فساد أقيسة الخصم بأن تستخرج من النتيجة موضع المناقشة للخصم , او من القياس أو قياس آخر مساوٍ له أو مضادٍ له أو من أحكام سابقة معترف بها ؛ بوسائل التفنيد الأربعة :
قد يستخرج قياسه من نتيجة القياس الذي يثبته خصمه ليدحض به حجته .
أو قد يستخرج الاعتراض من ضد قياس خصمه
أو الاعتراض بأقوال من يعتبرون حجة من المشهورين في الماضي .
وتعد الحكم بمثابة القياس المضمر , وإذا كانت نتيجة القياس المضمر في الخطابة هي ما يمكن تجنبه أوفعله كان لها طابع الحكمة . وبذلك تكون الصياغة للأفكار والجمل والعبارات وتنظيم أجزاء الخطاب . ( انتهى )
تعليقات