بين الموازنة والميزانية !!

لو أردنا التعرف على الفرق بين الموازنة والميزانية فعلينا أن نبدأ من الفعل الذي يربط بين الكلمتين : وهو ( وزن)
تقول المعاجم اللغوية في معنى هذا الفعل : قال الليث :( الوَزْنُ ثَقْلُ شيء بشيء مثلِه كأَوزان الدراهم، وَزَنَ الشيءَ وَزْناً وزِنَة ً).
وجاء في مختار الصحاح : الميزانُ معروف، وأصله مِوْزانٌ.
قال الله تعالى: ونَضَعُ المَوازِينَ القِسْطَ؛ يريد نَضَعُ المِيزانَ القِسْطَ.
وفي التنزيل العزيز:)والوَزْنُ يومئِذٍ الحَقُّ فمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُه فأُولئك هم المفلحون.)
وقوله تعالى: (فأَمّا من ثَقُلَتْ مَوَازِينُه وأَما مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُه(
قال ثعلب: إِنما أَرادَ مَنْ ثَقُلَ وَزْنُه أَو خَفّ وَزْنُه، فوضع الاسم الذي هو الميزان موضع المصدر.
قال الزجاج: اختلف الناس في ذكر الميزان في القيامة، فجاء في التفسير: أَنه مِيزانٌ له كِفَّتانِ،
وأَن المِيزانَ أُنزل في الدنيا ليتعامل الناس بالعَدْل وتُوزَنَ به الأَعمالُ،
وقام ميزان النهار، أي انتصفَ.ويقال: وَزَنْتُ فلاناً ووَزَنْتُ لفلان.
قال تعالى: "وإذا كالوهُمْ أو وَزَنوهمْ يُخْسِرونَ".
وهذا يَزِنُ درهماً.ودرهمُ وازِنٌ، أي تامٌّ.
وقال الشاعر:
لو يوزَنونَ بزِفِّ الريشِ ما وزنوا مثلُ العصافير أحلاماً ومـقـدرةً
ووازَنْتُ بين الشيئين مُوازَنَةً ووِزاناً.
وهذا يُوازِنُ هذا، إذا كان على زِنَتِهِ أو كان محاذيه.
ويقال: وَزَنَ المُعْطي، واتَّزَنَ الآخِذُ، كما يقال نَقَدَ المُعْطي وانتقد الآخذ.
أولا : - نتعرف على معنى الموازنة لغويا :
هي مصدر الفعل الثلاثي المزيد بالألف بعد فاء الكلمة تقول :
( وازن موازنة ووزانا ,وهذا يُوازِنُ هذا إِذا كان على زِنَتِه أَو كان مُحاذِيَهُ.)
وقوله عز وجل:( وأَنبتنا فيها من كل شيء مَوْزونٍ؛ ) جرى على وَزَنَ، مَنْ قَدّر اللهُ لا يجاوز ما قدَّره الله عليه لا يستطيع خَلْقٌ زيادةٌ فيه ولا نقصاناً، وقيل: من كل شيء مَوْزونٍ أَي من كل شيء يوزن نحو الحديد والرَّصاص والنحاس والزِّرْنيخ؛ هذا قول الزجاج، وفي النهاية: فَسَّرَ المَوْزونَ على وجهين: أَحدهما أَن هذه الجواهر كلَّها مما يوزَنُ مثل الرصاص والحديد والنُّحاس والثَّمَنَيْنِ، أَعني الذهب والفضة، كأَنه قصد كل شيء يُوزَنُ ولا يكال، وقيل: معنى قوله من كل شيء مَوْزُونٍ أَنه القَدْرُ المعلوم وَزْنُه وقَدْرُه عند الله تعالى.
ثم نأتي إلى الموازنة في مجال الاقتصاد والاصطلاح المالي المعروف في حسابات الدول :
فنجدهم قد حددوا مفاهيم للموازنة نلخصها فيما يلي :
قالوا : هي بيان تقديري لنفقات الحكومة , وإيراداتها عن فترة زمنية مقبلة , وعادة تكون سنة مالية , تبدأ من أول يوليو وتنتهي في نهاية يونيو من العام التالي .
وهي خطة شاملة ؛ تحتوي على جميع تحتوي على جميع الأنشطة الحكومية , والبرامج سواء بمقابل أو بدون مقابل .
وهي تقدير وتنبؤ ؛ فالتقدير بما يتم انفاقه في المستقبل , والتنبؤ بالإيرادات التي سوف يتم تحصيلها .
وهي قرار يتم في مجلس الشعب , وتدفع للحكومة للتنفيذ والعمل به ؛ حيث لاتعتبر نهائية إلا بعد إقرارها واعتمادها والتصديق عليها من السلطة التشريعية المختصة ؛ وتصدرها بقانون بقرار جمهوري .
وهي تفويض من السلطة التشريعية إلى السلطة التنفيذية للتحصيل والصرف .
وهي توجيه للسياسة المالية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة .
والموازنة : بنك معلومات حيث تشمل كافة التفاصيل والبرامج والأنشطة الحكومية المقننة لعام قادم من خلال بنودها العامة , وهي تنفع أي دارس للسياسة المالية للدولة صاحبة الموازنة .
ولهذه الموازنة أهداف ينبغي التعرف عليها :
تحقيق العدالة الاجتماعية لجميع أفراد الشعب .
تحسين مستوى أداء الخدمة الحكومية , وتوفير الاستقرار لعاملين بأجهزة الدولة في الأجور والمرتبات بما يضمن الاستقرار الداخلي
توفير مستلزمات الانتاج والخدمات للجهاز الحكومي والإدارات الحكومية التابعة للدولة . ومن هنا ينبغي وجود شبكة إليكترونية .
والمساعدة في تحقيق خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية , وتوفير احتياطي الطواريء .
وتوفير المعايير اللازمة لقياس الأداء الحكومي أو ما يسمى تقييم الأداء في تنفيذ الموازنة العامة للدولة .
وتتطلب الموازنة وظائف هامة لتنفيذها أهمها ثلاث هي :
التخطيط , والإدارة , والرقابة .
ففي التخطيط تحدد الأهداف المطلوب تحقيقها ووسائل تنفيذها .
وفي الإدارة تترجم الأهداف إلى وظائف أو هيكل وظيفي مسئول عن التنفيذ في وحدات الدولة المختلفة .وتدبر الموازنة الموارد لتوظيف الأفراد فيه .
وفي الرقابة يتم متابعة تنفيذ السياسات والخطط الموضوعة للرقابة على المصروفات والإيرادات .
وفي نهاية الحديث عن الموازنة :
1- لابد من معرفة أنها وحدة تشمل جميع الاستخدامات والموارد وأنها ترفض ككل أو تقبل ككل ,
وأنه لاتخصص فيها موارد معينة لأوجه صرف جهة التوريد فقط وإنما تضم كلها إلى الموازنة لتوزيعها على أنشطة الدولة
فمثلا لاتخصص موارد قناة السويس للصرف على قناة السويس وحدها و وكذا موارد القمر الصناعي لايخصص لوزارة الإعلام
وينبغي أن تتوازن الإيرادات مع المصروفات ليحدث التقدم و لأننا نرى أن الموازنة في الدول النامية تأتي المصروفات أكثر من الإيرادات بعكس الدول المتقدمة .
كما يجب أن يكون هناك مرونة لمقابلة الطواريء في عملية الصرف من بند إلى آخر في نفس الباب , كما يحدث في مواجهة الزلازل والكوارث الطبيعية الأخرى كالسيول وغيرها . ولابد أن تكون عناصر الموازنة واضحة ومفهومة وفيها دقة وشمولية .
2- معرقة طرق تغطية العجز في الموازنة العامة للدولة أو كيفية سد العجز , فإذا كانت المصروفات 100 مليار جنيه مثلا ,
و الإيرادات 80 مليار فقط ؛ فكيف يتم تغطية العجز بالطرق الصحيحة ؟
عن طريق الإنتاج للسلع والخدمات , وتحويلها إلى موارد مالية إضافية .
عن طريق الاستثمار أو الادخار باستخدام أذون الخزانة العامة للدولة .وهي عبارة عن اقتراضات من الأفراد لاستثمارها في فترة زمنية محددة , كما حدث في أخذ أموال التأمينات الاجتماعية لأصحاب المعاشا والعاملين بالجهار الإداري للدولة لسد العجز في الموازنة
وبلغت تلك المبالغ إلى أكثر من مليار ونصف جنيه , ولم ترد لأصحابها إلى اليوم .
عن طريق التسهيلات والمنح في صورة موارد مالية .وهي مرتبطة بالنواحي السياسية والعلاقات بين الدول كأن تفرض الدولة المانحة شروطا على الدول طالبة التسهيلات أو المنح ألا تتحدث في كذا سياسيا وتوجه الدولة الممنوح لها إلى عدم زراعة كذا , أو إنتاج كذا , وهذا يؤثر بالضرورة على تقييد حرية الشعب
عن طريق فرض رسوم وضرائب جديدة على بعض السلع .كالخمور وما يخالف الشريعة , وإذا زادت الضرائب يجب تحسين الخدمة
عن طريق القروض الأجنبية أو الداخلية من رجال الأعمال أو البنوك الخاصة . وهي تعتبر عبء ثقيل على الأجيال القادمة .
عن طريق طبع بنكنوت الأوراق المالية .ويحدث نتيجة لذلك تضخم في القوة الشرائية وارتفاع في أثمان السلع غير حقيقي .
عن طريق تثبيت سعر الصرف للجنية المصري مقابل العملات الأجنبية .فتغيير سعر الصرف يؤدي إلى المصروفات الزيادة المطردة .

وفي الموضوع القادم نحاول التعرف على الميزانية , والفرق بينها وبين الموازنة إن شاء الله .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

البلاغة والمجاز

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )