الذين لا يشبعون ....لماذا؟!!
نكتب اليوم عن موضوع ( الدعم )قال الليث : الدَّعْمُ أن يميلَ الشيء فَتَدْعَمَهُ بدِعامٍ كما تَدْعَمُ عُروشَ الكَرْمِ والمَدْعُومُ: الذي يميل فتَدْعَمُهُ ليستقيم.
أَنشد ابن الأَعرابي:
فَتىً ما أَضَلَّتْ به أُمُّهُ= من القَوْمِ، لَيْلةَ لا مُدَّعَمْ
لا مُدَّعَم: لا مَلْجَأَ ولا دِعامَة له.
ويقال لا دَعْم بِفلانٍ، أي لا قُوَّةَ له ، قال الراجز:
لا دَعْمَ بي لكن بِلَيْلَى الدَّعْمُ = جاريةٌ في وَرِكَيْها شَحْمُ
فإذا كانت الحكومات تتحدث لشعوبها كثيرا عن الدعم ، مرة بتأكيده لزيادة دخول الجماهير والسعة في حياتهم ، بتيسير الرزق في دعمها لبعض ما يحتاجه الناس من سلع ضرورية كالطاقة الغذائية المتمثلة في رغيف الخبز ، أو الطاقة الحركية المتمثلة في الوقود أو الطاقة السكنية المتمثلة في بناء المساكن الشعبية المدعمة ، أو غير ذلك مما يعتبر حقا من حقوق أفراد الشعب .
ومرة أخرى تتحدث عن رفع الدعم ، أو تأجيل التفكير في رفعه خوفا من ثورات الجياع والكادحين من الجماهير ، وكأنها المتصرفة في أرزاق العباد .
ونحن نلحظ اكتناز الثروات والعقارات عند طبقة من الحكام وبطانتهم ورجال الأعمال الذين تزاوجوا من السلطة الحاكمة ، وأمدوها بالدعم الخفي ليكسبوا ودها وتسترها واشتراكها معهم في النهب والفساد .
ومن غريب ما نراه ونسمعه أو نقرأه أن غالبية الناس في المجتمع أصبحوا دائمي الشكوى من قلة الدعم مهما بلغت ممتلكاتهم المادية والمعنوية، وأن كثيرا ممن يملكون الثروة والجاه والسلطة والأولاد والصحة والسكن الفاخر والرياش ، ومن البسطاء والفقراء ومتوسطي الحال ليسوا سعداء لقلة الدعم الذي يطمحون إليه .
من أجل كل هذه الأطروحات المتنوعة ،
رحت أبحث عن الدعم الحقيقي الذي يفتقده الناس ،
فتوجهت إلى الله الخالق وإلى ما لدي من بعض المعارف الدينية المتواضعة ،
فرأيت أن المولى هو صاحب الدعم الحقيقي ، ومصدره الذي لا ينفد ، فهو الرازق الوحيد لجميع مخلوقاته ، لا يرفع الدعم عنهم ،
حتى عن غير المؤمنين بوجوده
ودعم الله تعالى هو في نظري البركة وكلنا يحتاج إلى دعم البركة وكل من لم يصل إليه دعم البركة الإلهي فقير وغير سعيد ؛ لأنه لم يفكر في مسؤوليته لدعم غيره ممن هو أحوج للدعم منه ؛ فأصحاب الثروات الذين تنقصهم السعادة والدعم النفسي لم يفكروا في دعم الفقراء فلم يصلهم دعم البركة في أموالهم ،
وهكذا..........................
أما الذين لا يشتكون قلة الدعم فهم من رزقهم الله الدعم الحقيقي
* فمن عنده زوجة صالحة فهي دعم إلهي ، وبركة
*ومن يمنحه الله فيوضات العلم والمعرفة فلا يبخل بها على غيره فذلك بركة العمر الزائدة في دعم الله له
* ومن رزقه المولى سبحانه وتعالى أولادا بررة فقد رزق البركة
* ومن رزقه الله الرضا بالقليل فهو مدعوم من الله بالبركة
* ومن تحمل المرض ورضي بما أصيب به في صحته مع اتخاذ أسباب العلاج فلم يشكُ ولم يتضرع لغير الله بالشفاء فلديه دعم البركة في الصحة .
* ومن يجد في وقته القليل ما يعمل فيه الكثير من الخيرات فهذا بركة الوقت ودعم الله لصاحبه
* من تذكر الجائع المحتاج فقدم له قليل ما يملك فكان سعيدا لأنه وجد البركة في دعم الله تعالى له . هو من عرف قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :عندما لا يجد طعاما في بيته ( إني أبيت فيطعمني الله ويسقيني ) لأن في قلبه إيمان بقيمة الدعم الإلهي ، لا دعم البشر والحكومات.
* ومن يذاكر دروسه بقدر استطاعته ، ويطلب الدعم من الله لا يتخلى عنه.
ودعم البركة مصحوب دائما بالنية الصالحة ، فهؤلاء الصحابة المهاجرون مع رسول الله إلى المدينة ولم يكن معهم إلا قوة إيمانهم أغناهم الله ببركة الدعم الإلهي فأثروا واغتنوا ،
فترى الرجل يبحث عن السوق ليعمل ويكتسب دون اعتماد على الأنصاري الذي آخى الرسول صلى الله عليه وسلم بينهما ، ينتظر الدعم من الله .
وعندما يؤمن الناس بهذه القيم الربانية ويعملون بها يكثر الخير وتعم البركة
ففي زمن عمر بن عبد العزيز وجد في الخزانة حبة القمح مثل نواة البلح في صرة من الحنطة المخزنة ووجد مكتوبا على الصرة ( كان هذا في زمان البركة )
وقال بعض المؤرخين عن دعم الله تعالى لمصر: ( أنه وجد في مصر قثاءٌ طولها ثلاثة عشر زراعا من البركة الإلهية في زمن العدل الإسلامي )
ومن هنا نؤكد ونقول : إن كثرة الشكوى من قلة الدعم وانقطاعه إنما نحن سببها .فكيف يشبع ويكف الناس عن الشكوى من قلة الدعم؟!!
:1- أن نعود جميعا إلى تقوى الله ؛ قال تعالى( ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا ، لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ، ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون ) لأن المال والرزق دون بركة لا قيمة له ، وانظر إلى قوله تعالى ( بركات ) وليس بركة واحدة.
2- شكر الله عز وجلَّ ؛ قال تعالى ( لئن شكرتم لأزيدنكم ، ولئن كفرتم إن عذابي لشديد )
فمعرفة حقوق الآخرين عليك بالشكر والعرفان يزيد البركة والدعم الإلهي لك
3- تحري الكسب الحلال في القول والعمل فنأتيه بكل سبيل ، وتحري الحرام في القول والعمل فتتجنبه من كل سبيل ، تأكيدا لما أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم به سعد بن أبي وقاص عندما قال له :
اجعلني مستجاب الدعوة يا رسول الله ،فأجابه :
( يا سعد أطِبْ مطعمك تكن مستجاب الدعوة )
4- القصد والاعتدال في النفقة ؛ مع أنك لو أنفقت مالك كله في الحلال لايتعبر ذلك إسرافا، فلا إسراف في خير أبدا؛ لأن دعم الله من ورائه لا ينقطع بالإمداد بالزيادة والبركة لكنك إن صرفت قليلا في حرام ؛ فهو تبذير وإسراف ، قال تعالى ( .....ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا )
5- الدعاء المستمر لله صاحب الدعم الحقيقي ألا يقطعه عنك وأن يزيدك بركة في كل شيءفالدعاء مخ العبادة ، والله يحب العبد اللحوح في الدعاء فيقول تعالى:
( ادعوني استجب لكم)
هذا هو موضوع الدعم الذي أردته .
تعليقات