قصيدة رحلة إلى البحر لشاعر النيل
الأستاذ حافظ إبراهيم ( شاعر النيل )
عاصفٌ يرتمي وبحر يغير = أنا بالله منهما مُـستجيرُ
وكأن الأمواج وهي توالي = مُحْنقاتٍ أشجانُ نفسٍ تثور
أزبدتْ ثم جرجرتْ ثم ثارتْ= ثم فارتْ كما تفور القدور
ثم أوفت مثل الجبال على الفلْـــك وللفلك عزمة لاتخور
تترامى بِجُؤْجُؤٍ لا يبالي = أ مِيَاهٌ تُحِيطُهُ أم صُخُـــور
أرتج البحر جانبيها من الشّــدِّ فجنب يعلو وجنب يفور
وهو آنًا ينحطُّ من عُلُوٍّ كالسيل وآنا يحوطها منه سور
وهي تزْوَرُّ كالجواد إذا ما = ساقه للطعان ندب جسور
وعليها نفوسنا خائرات = جازعات كادت شعاعا تطير
في ثنايا الأمواج والزبد المندوفِ لاحتْ أكفاننا والقبور
مرَّ يومٌ أو بعضَ يومٍ علينا = والمنايا إلى النفوسِ تشيرُ
ثم طافت عناية الله بالفلـــك فزات عمنْ تُقِلُّ الشـرور
مَلَكَتْ دَفَّةُ النجاة يَد اللهٍ = فسبحـــأن من إليه المصير
أمر البحر فاستكانَ وأمسى = منه ذاك العباب وهو حصير
*************
أييها البحر لا يغُرَّنك حولٌ = واتساعٌ وأنت خلقٌ كبير
إنما أنت ذَرَّةٌ قد حوتها = ذرة في فضاءِ ربي تدور
إنما أنت قطرةٌ في إناءٍ = ليس يدري مداه إلا القدير
إيهِ سيبيريا فدتك الجواري = منشآت كأنهن القصور
يا عروس البحار إنك أهلٌ = أن تُحَلِّيكِ بالجمان البحور
فالبس اليوم من ثنائي عِقدا = تشتهيهِ من الحسان النحور
=======================