الشعور . في التجربة الشعرية عنصر مهم
يعتبر عنصر الوجدان في التجربة الشعرية من العناصر المهمة لتذوق النصر والإحساس بمضمونه من أعماق المؤلف والمستمع والقاريء للقصيدة الشعرية العربية ، والوجدان هو الشعور الداخلي النفسي لمحب الشعر ومتقن فنه ، ويطلق عليه أيضا اسم ( العاطفة ) كما أسميته بالعنوان الشعور بمختلف مفاهيمه النفسية والشاعرية بتسلسل نص القصيدة المترابطة وأبياتها .
وهو انفعال نابع من القلب والإحساس الداخلي للأديب الناجح بالموقف الذي يعبر عنه في صدق بلا تقليد لغيره من الشعراء ولا تزييف لواقع شعوره الحقيقي بمؤثر التجربة الشعرية التي اختارها لقصيدته ؛ بل يكون أمينا في نقل مشاعره والتعبير عنها بدقة وجودة ومهارة فيكون صدقه دافعا بتجربته من الذاتية إلى العالمية والإنسانية وذلك أساس نجاح روح التجربة وعمق معناها المؤثر مهما كان موضوعها ؛ ومن هنا يختلف الشعراء في درجات فنهم حسب أساليبهم ومشاعرهم في صدق العاطفة وجلال الموضوع فتسمو وترتفع قيمتها الأدبية .
ومن نماذج تلك القصائد على سبيل المثال لا الحصر كل ما عانى فيه الشعراء في تأليفها فكرة خيالية هادفة بعيدا عن الواقع للانتقال لحياة أفضل كما فعل الشاعر جبران خليل جبران في قصيدته ( البلاد المحجوبة) حين قال :
يـا بلادا حُجِبَتْ منذُ الأزل *** كيف نرجوك ؟ ومن أين السبيل ؟!
فالشاعر هنا يتحدث بصدق عن عالم المُثُل الفاضلة الذي يتخيله ويشعر به ...
أما الشعر الذي يحاكي فيه صاحبه شعرَ الآخرين ، والشعر الذي ينظمه صاحبه في المناسبات بدون إحساسات ومشاعر داخلية ، والشعر الذي يتملقُ فيه الشاعر ممدوحه بغير شعور أو إحساس صادق أو وجدان حقيقي نابع من القلب لصدق صفات الممدوح ، والشعر المسروق من غير القائل مع تغيير في بعض ألفاظه بدون إحساس ومشاعر ذاتية ؛ فقد رأى نقاد الأدب المتمرسين العلماء بقواعد النظم المبدعة لأنهم جربوها قبل أن أن يصبحوا نقادا للشعر فقد عدُّوا تلك الأنواع من القصائد لا تدخل في باب التجارب الشعرية الناجحة أو الناضجة أو العالمية الإنسانية المبتكرة .
قال شاعر مبدع :
حَدَّقتُ في الشفق المُلَوَّنِ في شِفاهِ الأوديَة *** بين انتفاضات الحقولِ على حنين الساقية *** فأظلني حُلْمُ الطبيعةِ في المُرُوجِ السَّاجِية *** سكبَ الربيعُ نداءهُ المُشْتاق في أحنائية !!
وقال آخر :
سقفُ بيتي حديد .ركنُ بيتي حجر *** فاعصفي يا رياحُ وانتحب يا شجر ** واسبحي ياغُيوم .واهطلي بالمطر *** واقصفي يا رعودُ . لست أخشى خطر *** سقف بيتي حديد ..ركن بيتي حجر !!!
ويمكنك أن ترى وضوح حسن الشعور وصدق عاطفة الشاعر ونهر فيضان الوجدان النابع من ذات كل منهم ، بمشاركتك الإحساس الصادق بجمال الشعر في القصيدة عن طريق هذا العتصر المهم في التجربة الشعرية دون أن تكون أديبا أو ناقدا لكن كذواقة يحب الشعر البديع المبتكر .
تعليقات