مراجعة رواية ( فيف لاكلاس) ستة أجزاء

رواية إبداعية لأديبة تونسية طلبت مني مراجعتها لغويا قبل نشرها مع الاحتفاظ بحقوق الطبع والنشر بصاحبة الرواية الأستاذة منيرةالفهري وسوف أنشر في المساهمة التالية الملحوظات التي قمت بمراجعتها وتصويبها في نص الرواية إن شاء الله. "فيف لاكلاس" رواية في أجزاء/ بقلم منيرة الفهري الجزء الأول : "يا سي الطاهر، الجماعة جُوَّا" انتبه سي الطاهر على صوت زوجته و نهض مسرعا؛ "فالوقت من ذهب" في عملية "الجماعة و عليه أن يسرع حتى يقضي الأمر دون أن ينتبه إليه أحد.التف بالبرنس وجرى يفتح باب السقيفة. دخل أربعة أشخاص مسرعين و كل بيده كيس مستطيل .اقفل سي الطاهر باب السقيفة و لم يرد إنارة المكان حتى يطمئن إلى أن لا أحد يتبع الأشخاص الأربعة . أشعل الفانوس الذي بيده و سلم سلاما مبهما و أشار عليهم أن يتبعوه ؛تبعه الأشخاص الأربعة إلى الحوش(وسط المنزل أعطى لكل منهم كيسا بلاستيكيا كان قد أحضره من ساعة. لفت الأكياس القماشية في مثلها بلاستيكية. أخذ سي الطاهر كل كيس على حِدةٍ و ربطه في حبل و أنزله البئر الذي يتوسط الحوش. انتهت العملية بسلام. غادر الأشخاص الأربعة كما جاءوا بعد أن أطفأ سي الطاهر الفانوس و عاد للبيت الوحيد الذي يتكون منه المنزل وأراد النوم لكنه سمع أذان الفجر، فتوضأ و أيقظ زوجته الخالة غالية، التي لم تنم و بقيت تنظر سير العملية من ثقب النافذة و هي ترتجف, أيقظها لتصلي خلفه ،انبعثت أنوار الصبح جميلة مشرقة.وخرج سي الطاهر للحوش ينعم بطقس جميل رغم البرد القليل. لم يبق كثيرا هكذا فقد نادته زوجته لتناول الفطور. أقبل سي الطاهر على الفطور بشهية و هو يحس بفخر يغمره و سعادة كبرى لنجاح عملية البارحة.يتكون فطور الصباح من بيضتين و زيت و خبز الفرن الترابي و أحيانا (شكشوكة)،حمد الله على نعمه و خرج من السقيفة التي تفصل بينه و بين مستوصف القرية؛هذا المستوصف الذي تبرع به سي الطاهر للدولة و هو عبارة عن شطر منزله.. نسيت أن أقول لكم إن سي الطاهر هو ممرض القرية، لذلك تراه حريصا على أن يكون المستوصف على أحسن حال. نادى زوجته التي اعتادت أن تعقم الإبر و كل أدوات التمريض قبل أن يجيء سي الطاهر لكنها لم تفعل اليوم؛اعتذرت الخالة غالية عن تقصيرها و رجت زوجها أن يعود أدراجه للبيت حتى تقوم بمهمتها على أحسن وجه بعد أن أخرها عنها غسيل الصحون،عاد سي الطاهر للحوش و تفقد الأمانة التي ربطت بحبل و تدلت في البئر وابتسم ابتسامة رضى و سعادة و جلس ينتظر زوجته و يخطط للعملية التالية. "يتبع" الجزء الثاني سي الطاهر هو ممرض القرية و موضع ثقتها، و قد اعتاد الأهالي أن ينادوه الحكيم، لأنه حكيم بالفعل، حكيم في مهنته، حكيم في تصرفاته، حكيم في علاقاته الاجتماعية ،عاد إلى قريته بعد أن قضى سنوات عديدة في شمال البلاد بحكم عمله،لم يعجبه أن يتنقل الاهالي إلى بلدة مجاورة للتداوي. اقترح على العمدة أن يبنوا مستوصفا للقرية حتى يتجنب الأهالي عناء التنقل في ذلك الوقت العصيب من الخمسينات و المحتل الفرنسي في كل مكان يفتش كل من مر للمدينة لقضاء حاجة. لم يتجاوب معه العمدة لأن القرار يكون بيد الفرنسيين آنذاك وعده فقط أن يتحدث مع المقيم ( هكذا كان يسمى) المسؤول الفرنسي. في أول فرصة تسنح له، و بقى سي الطاهر ينتظر على أحر من الجمر و معه الأهالي الذين اختاروا أن يأتوه إلى منزله ليعطيهم حقنة أو ليسكن آلامهم بقرص شديد الاصفرار يسمونه، الكينا، وسبحان الله، هذا القرص كان يشفي من كل الأمراض ،عاد العمدة بعد أكثر من شهرين و معه بشرى إقامة المستوصف بالقرية لكنه أبلغه أنه ينقصهم المحل. فأين سيكون هذا المبنى الحكومي يا ترى؟ لم يتردد سي الطاهر كثيرا و اقترح على العمدة أن يعطيه نصف بيته الكبير و يترك غرفة شاسعة و مطبخا و حوشا و هذا يكفي عائلته ، و كم كانت فرحة الأهالي كبيرة بهذا الإنجاز الحلم.جاء الطبيب الذي يزور المستوصف مرة كل أسبوع و انبهر بما وجد فيه من معدات تمريض بسيطة و لكنها تفي بالحاجة جهز بها المستوصف في ظرف وجيز، جمعت لها التبرعات و اشتراها ممرض القرية من العاصمة ، و هكذا حاز سي الطاهر ثقة مسؤوليه في المهنة. تجمع المرضى في قاعة الاستقبال و بدأ سي الطاهر ينادي بالاسم ليفحصهم الطبيب، فهذا قد سقط من الحمار و كسرت رجله، و هذه قد امتلأ جسدها ببقع حمراء، و هذا يشكو من وجع كبير على مستوى الصدر..و الطفل الصغير يشكو من حمى شديدة؛و كان الممرض يتصرف حسب تعليمات الطبيب فيضمد رجل الأول بضمادة في طرفها لوحتان سميكتان، و يعطي الثانية مرهما لدهن جسمها، و يعطي الآخر حبة " الكينا" العجيبة، وجاء دور عجوز، سمع الطبيب شكواه ثم نادي على سي الطاهر قائلا:هذا المريض حالته استعجالية تتطلب حقنة في العرق لكن يجب أن تدوم الحقنة خمس دقائق و إلا يموت الرجل. تردد سي الطاهر قائلا: هذه مسؤولية كبيرة، ماذا لو أخطأت بدقيقة؟ أنا أعطي الحقنة للمريض . التفت الطبيب، كانت زوجة سي الطاهر الخالة غالية التي أتت تساعد زوجها في تنظيم المرضى؛ قالت في صوت خافت:أنا معتادة على إعطاء الحقن و سأكون عند حسن الظن و ستدوم الحقنة خمسة دقائق إن سمح لي سي محمد علي( كان هذا اسم الطبيب) اندهش سي الطاهر من جرأة و شجاعة زوجته و انتابه فخر و هو ينتظر قرار الطبيب،أعطى هذا الأخير الخالة غالية الحقنة و أشار إلى ساعة معلقة في الحائط. و بكل ثقة في النفس تقدمت الخالة غالية من المريض و حقنته في ذراعه و هي تدفع الحقنة ببطء و تنظر للساعة. أما سي الطاهر و الطبيب فكانا يتأملان دون أن ينبسا ببنت شفة و في صدر كل منهما قلب ينبض بسرعة شديدة، و في الثانية الأخيرة من الخمس دقائق كان الدواء قد استنفد من الحقنة. استلت الخالة غالية الحقنة من ذراع المريض و أشارت عليه أن يرتاح على كرسي وضع للغرض.لم يصدق سي الطاهر و لا الطبيب أن هذه المرأة أنقذت حياة المريض بشجاعتها، هذه المرأة التي كانت دراستها ابتدائية لكنها تعلمت من زوجها كل أسرار المهنة قال الطبيب بصوته الجهوري: سيدتي أنا سعيد بما حصل اليوم و سأمنحك شهادة حتى تستطيعين مساعدة زوجك و حقن المرضى تذكر سي الطاهر كل هذا و هو ينادي زوجته لأن قاعة الاستقبال امتلأت بالمرضى.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

البلاغة والمجاز

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )