الحلقة الثانية مع الجرجاني
12- وهناك فروق دقيقة خفية بين مواضع معاني النحو , يجهلها العامة وكثير من الخاصة , روى ابن الأنباري أنه قال : ركب الكندي المتفلسف إلى أبي العباس المبرد ( صاحب كتاب الكامل) وقال له : إني لأجد في كلام العرب حشوا . فقال له أبو العباس : في أي موضع وجدت ذلك ؟ فقال: أجد العرب يقولون : ( عبد الله قائم ) ثم يقولون :( إن عبدَالله قائم ) ثم يقولون :( إن عبدالله لقائم ) فالألفاظ مكررة , والمعنى واحد .!! فقال أبو العباس المبرد : بل المعاني مختلفة لاختلاف الألفاظ . فقولهم: عبد الله قائم . إخبار عن قيامه. وقولهم : إن عبدالله قائم . جواب عن سؤال سائل . وقولهم : إن عبدالله لقائم . جواب على إنكار منكِر . فقد تكررت الألفاظ لتكرار المعاني . قال فما أحار المتفلسف جوابا . وإذا كان الكندي يذهب هذا عليه , حتى يركب فيه ركوب مستفهم , أو معترض , فما ظنك بالعامة , ومن هو في عداد العامة ممن لا يخطر شبه هذا بباله .؟! 13- وإذا حسن تخير معاني النحو في الكلام , وتوخى الملائم منها للمقام , اتحدت أجزاء الكلام , ودخل بعضها في بعض , واشتد ارتباط ثانٍ منها بأول , ووضعت في نفس السامع وضعا واحدا , لاتفرق فيه ؛ فكان حال القا