هموم

هموم
قالت شاعرة لاجئة :
يامصر بي عطش إلى فرح الحياة ....إلى الصفاء
يا مصر نحن هناك أموات بمقبرة الشقــــــــــــاء
لا يطمئن بنا قرار .......... لايعانقنا رجــــــــاء
لا شيء إلا ضحكة الهزء المرير على المباسـم
كالضحكة الخرساء قد يبســـت على فك الجماجم
=========
تحمل الشاعرة هموم كل عربي في وطننا الكبير ، معبرة عن مشاعر فلسطين الحبيبة وأهلها المتعلقين بمصر العروبة
حاملة هموم العرب في مشرق العرب ومغربهم ، أم الدنيا التي فتحت صدرها واحتضنت ثورة الجزائر الشقيقة في أرضها
وفتحت لمنظمة التحرير الفلسطينية أبوابها لتقود الحركة المنادية بالتحرير لشعب فلسطين من عصابة الصهاينة الأشرار
وساندت ثورات البلاد العربية في ليبيا واليمن والسودان وحملت آلامهم ووقفت معهم في جهادهم وفي أفراحهم وأعيادهم
لم تتخلَّ عن قطر عربي طلب مساعدتها ، وحتى عندما قاطعتها الدول العربية بعد اتفاقية كامب ديفيد ونقل مقر الجامعة العربية
من قلب العروبة ( القاهرة ) إلى تونس الشقيقة . تحملت مصر همومها وعاشت مع حكام قهروا شعبها سنين طويلة بقوانين
الطواريء ، ونهبوا ثرواتها ، ثم عاد العرب إلى مصر بعد أن تلون قادتهم وتلوثوا بنفس أساليب أنظمة مصر وحكامها الفاسدين
ورجعت الجامعة العربية لبيتها في مصر مرة أخرى .
وانتشرت هموم الشعب المصري لتتعمق في جماهير بقية الشعوب العربية ، ليجمعنا هدف واحد ، وهو السعي نحو ديمقراطية
حقيقية تعتمد على السلطة الشعبية ، وهبت تونس بشرارة الثورة إثر انتحار أحد شبابها المقهورين أمام جبروت الظلم الحاكم
عندما قلب له أحد العسكر التونسي عربة سعيه لجلب رزقه من عرق جبينه بينما نهب الحاكم ثروات بلده ولم يشعر بآلام وهموم
شعبه ، فثارت تونس لتتخلص من همومها ، ووقفت مصر تؤيد الثورة التونسية ، وانتقلت الثورة الشعبية إلى مصر
ثم تلتها أقطار عربية أخرى لأن مصر هي منارة العرب يستلهمون منها خطوات التقدم والنهضة ، فكانت ثورة اليمن وليبيا
والأردن والبحرين والمغرب وسوريا والجزائر وبدأت تلوح المظاهرات في كل مكان حتى وصلت السعودية .
وحققت مصر أفضل ثورة في هذه الثورات العربية اعترف بها العالم كله حتى قال رئيس أكبر دولة في العالم وهي ( أمريكا )
أن هذه الثورة يجب أن تدرس لشباب أمريكا .
ولكن النتيجة التي وصلت إليها مصر لم تكن سهلة ، بل كان وراءها من التضحيات والشهداء والخسائر مازاد من همومنا
وحسرتنا وألمنا ، أنه بعد كل ذلك وجدنا أذناب النظام وفلول الحزب الوطني الذي كان على سدة الحكم برجاله الفاسدين ومنافقي
الحاكم وأعوانه من مباحث أمن الدولة ووزارة الداخلية ، يبذلون جهودهم في الخفاء للالتفاف حول ما حققته الثورة من نجاحات
كان أكبرها إبعاد رأس الأفعى ـ الرئيس السابق مبارك ـ عن السلطة ، وحل مجلسي الشعب والشورى ، وتعطيل دستور 1971
وتعديل أسس نظام انتخاب الحاكم وعودة الإشراف القضائي الكامل على عملية الاستفتاء والانتخاب ، واختيار حكومة ممثلة
لرغبات الثوار ،وحل جهاز مباحث أمن الدولة ، وإحالة العديد من أعوان الرئيس المخلوع إلى المحاكمة .
وبقيت همومنا لأن مبارك لم يقدم للمحاكمة هو وأفراد أسرته التي سرقت بدون وجه حق أموالا بالمليارات من عرق المصريين
وبقيت همومنا لأن هناك طلقاء من الفسدة الذين تحوم حولهم الشبهات وتلحقهم التهم بالفساد والسرقة .
وبقيت همومنا لهروب عدد منهم خارج البلاد بمجرد قيام الثورة ونجاحها ، كوزير المالية الذي فر إلى لبنان ووزير التجارة
الذي فر إلى قطر ،
وبقيت همومنا لأن حالة الانفلات الأمني ما زالت تهدد الأسر المصرية لعدم وجود كامل لجهاز الأمن الشرطي في الشارع المصري
لقد تحمل الشعب المصري كل هذه الهموم وجاءت بعض النداءات من بعض الحكام العرب بعدم ملاحقة مبارك بالمحاكمة مهددة
بوقف المعونات عن مصر إذا ما أصرت على محاكمة مبارك وأفراد أسرته .
إن نجاح المصريين في التخلص من كل هذه الهموم يتمثل في صمودهم على مبادئهم وتعقب فلول النظام الساقط وإفشال خططه
وفي الصبر والإقبال على العمل بمزيد من الجهد والجدية والأمانة ، وفي النزول إلى صناديق الانتخاب في ايجابية لاختيار
الشرفاء لتقلد شرف تشكيل المجالس النيابية ، واختيار الأصلح لرئاسة الجمهورية
من واقع برامج واضحة معلنة مقنعة يعرفها من خلال اللقاءات والحوارات وسير المرشحين لتولي عضوية مجلس الشعب والشورى
ورئاسة الجمهورية .
ساعتها ستزول الهموم
ويومها ستعود قضية فلسطين ليقف العرب جميعا لنصرتها ، والتصدي لعدوان
إسرائيل على شعبها ، وستنتصر ثورات الأقطار العربية التي بدأت تحتذي حذو
مصر وتونس في المطالبة بحريتها
ويومها سيتغير وجه الوطن العربي في الخارج ، فيرفع العربي رأسه ويفتخر
أنه صاحب هوية عربية حرة لها حضارة وتاريخ
ويأتـي الخير والمستقبل المأمول لنهضة مصر والعرب
وتتحقق الديمقرطية والعدالة الاجتماعية للشعب بجميع طوائفه .
إن بعد العسر يسرا .
وإن غدا لناظره قريب