تقارب بين العامية و الفصحى ( الإلحاق الإعرابي )
ظاهرة الإلحاق بالإعراب أن يلزم المثنى في العامية الياء بعكس المعروف في اللغة الفصحى من حيث تخصيص حالة للرفع وعلامتها الألف ، وحالة للنصب والجر وعلامتها الياء .
وقد يقال إن لزوم الياء ( أيسر ) وذلك ليس بظاهرة جديدة في العربية ؛ إذ قد رويَ ذلك عن بعض اللهجات القديمة ، وأنه قد ورد في القرآن الكريم ما يؤكد هذا النهج ( إن هذان لساحران )من سورة طه 63 بلزوم الألف في المثنى ، ولكن علماء النحو المتخصصين يعتبرون الاستشهاد بالآية ( لغة قرآنية لله تعالى وهما مبتدأ وخبر بعد إنْ غير الناصبة .
والحقيقة أن إعراب المثنى قد لحقه تطور وتغير ، وهذا القول يُطَبَّقُ على جمع المذكر السالم ؛ حيث لزم الياء في اللهجة العامية على حين أنه يعرب في حالة الرفع بالواو في حالتي النصب والجر بالياء في اللغة الفصحى .
وإذا تساءل سائل كالسابق مقررا أن لزوم الجمع للياء قد ورد عن بعض القبائل الغربية ، فيكون الرد بمثل ما رددنا به على الحالة السابقة ، وهو أن العلماء في العربية لم يعتبروا هذه الحالة ( لزوم الياء في الجمع ) صورة أصليةً في الفصحى ، فتظل الحقيقة موجودة أن تطورًا ما قد حدث في إعراب جمع المذكر السالم فاللغة كائن حي ينمو ويتطور كأي شيء آخر بالاستعمال .
ويلحق بهذا الباب ( الإلحاق ) ازوم الأسماء الخمسة ( الواو ) في العامية على عكس المشهور في الفصحى من إعراب هذه الأسماء ( الخمسة أو الستة بطرق مختلفة ( حسب كل حالة إعرابية رفعا بالواو ، ونصبا بالألف وجرا بالياء وإذا قال قائل : إن هذه الأسماء قد لزمت حالة واحدة أحيانا في كل إعرابها والرد عليه : أن العلماء عدُّوها شذوذا في الإعراب
من ثمَّ نخلصُ إلى نتيجة حتمية لتطور ضخم حدث في إعراب الأسماء الخمسة أو الستة في لغتنا العربية بالاستعمال الشائع عند لغة العامية .
وهناك تطورات عديدة وردت في التطور النحوي للغتنا العربية تؤثر فيه الاستعمالات الشائعة والتي تعترف بصحتها المجامع اللغوية العربية وتضمها إلى معاجم اللغة العربية الفصحى ، وكل اللغات تتأثر ببعضها البعض فتنقل لغة من أخرى كلمة أو أكثر وبضمها إلى المتحدثين من الأصل فيها يسمى ذلك تطورا حدث في تلك اللغة الناقلة ، والعامية لغة وكما تأخذ كلامها من الأصل الأم ( اللغة الفصحى وتقعِّدَ له فيها ) يحدث العكس أيضا
والدليل أن القرآن الكريم ورد فيه كلمات ليس عربية بل نقلها العرب من الفرس وغيرهم ممن كانوا يتعاملون معهم في التجارة أو غيرها نحو قوله تعالى في سورة الأنعام ( قراطيس )الآية 91 وهي لفظة فارسية ليست عربية إلا بنقل القرآن الكريم لها ( نحو ( أأعجمي وعربي ) سورة فصلت44
وسنورد تلك التطورات إن شاء الله في مساهمة تالية لإثبات عملية التطور والنمو في اللغة العربية الفصحى عند العرب وغيرها من اللغات الحية الباقية ، وموت لغات أخرى أخذ اسنعمالها يقل ويندر جتى اندثرت وبادت مع الزمن . بخلاف اللغة المحفوظة من الله تعالى ... والله أعلم
تعليقات