تفصيل بدل الفعل من الفعل والجملة من الجملة / نحو لغة عربية (2)


 المسألة (126) عن بدل الفعل من الفعل والجملة من الجملة ، استكمالا لما بدأناه عن بعض أنواع البدل في النحو العربي في المسألة (125)

1- يُبْدَلُ الفعل من الفعل بدلَ كلّ من كلّ  بشرط اتحادهما في الزمان ، ولو لم يتحدا في النوع ؛ فيصح إنْ جئتني تزرني أكرمكَ . ويجري عليهما  في العطف ما يجري عند اتحادهما زمانا ونوعا في قوله تعالى :( وإنْ تؤمنوا وتتقوا يؤْتِكم أُجُورَكم ...) وقول الشاعر :

سَعَى وجَرى للعلمِ شوطًا يَرُوقُه *** فأدركَ حظًا لم ينلْه أوائلهْ ..... ومثال اتحادهما زمانا مع اختلافهما نوعا : عطف الماضي على المضارع في قوله تعالى بشأن فرعون :( يَقْدُمُ قومَهُ يوم القيامةِ فأوردهم النار ) فالفعل أوردَ ماضٍ ، معطوف بالفاء على الفعل المضارع :( يقدم ) وهما مختلفان نوعا ، لكنهما متحدان زمانا لأن مدلولهما لا يتحقق إلا في المستقبل ( يوم القيامة ) ، ومثله : ( ويوم ينفخُ في الصور ففزع من في السموات ومن في الأرض إلا ما شاء ربك ) ..وأن يستفيد المتبوع من ذلك زياد بيان كقوله تعالى : ( ومن يفعل ذلك يلقَ أثاما، يُضاعف له العذاب ) فالفعل يضاعف بدل كلّ من الفعل ( يلقَ) لأن مضاعفة العذاب هي البيان الذي يزيد معنى الفعل ( يلقَ ) وضوحًا ويكشف المراد منه . وجزم يضاعفْ دليل على أنه البدل وحده دون فاعله ، وأن البدل بدل مفردات ، لاجمل .

2- يُبْدَلُ الفعل من الفعل للدلالة الجزئية مثل : إنْ تُصَلِّ تسجُدْ لله يرحَمْكَ ؛ فالفعل ( تسجدْ ) بدل من تُصَلِّ ، والسُّجود جُزءٌ من الصلاة لا تتحقق إلا به .

3- ويبدل الفعل من الفعل بدل اشتمال ؛ مثل : إني لن أُسِيءَ إلى الحيوان الأليف ، أزْعِجَهُ . فالفعل ( أُزعج) بدل اشتمال من ( أُسيء).. ومثله قول الشاعر : أنّ علىَّ اللهَ أن تُبايِعَا *** تؤخذَ كَرْهًا أو تَجِِيءَ طائعا ..... فالفعل تؤخذ بدل اشتمال من ( تبايع ) لأن الأخذَ كَرْها هو صفة من صفات كثيرة تشملها المبايعة  .

4- ويبدل الفعل من من الفعل للإضراب ، أو الغلط ، أو النسيان ، في مثل : إنْ تُطْعِم المحتاج ، تكسهِ ثوبا ، يحرسْك .. والذي يدل في كل ماسبق ـ وأشباهه ـ على أن البدل بدل مفردات لا بدل جمل ، هو مشاركة الفعل التابع لمتبوعه في نصبه أو جزمه .........

(ب) أما الجملة فتُبْدل من الجملة بدل كل من كل ـ على الصحيح ـ بشرط أن تكون ثنائيّة أوفى من الأولى في بيان المراد ، وتأديته ....نحو: اقْطَعْ قمحَ الحقلِ ، احصدْهُ ... وتبدل بدل كلٍّ منكلّ لإفادة البَعْضِيَّة كقوله تعالى : ( أَمَدَّكُمْ بما تعلمون ؛ أمدكم بأنعام وبنين ، وجنات وعيون ) فجملة ( أمدكم ) الثانية أخص من الأولى ؛ لأن ( ما تعلمون ) يشمل الأنعام والبنين والجنات والعيون . وغيرها .

وتبدل الجملة من الجملة بدل اشتمال ؛ كقول الشاعر : أقول له ارحلْ لاتُقيمَنَّ عِندنا *** وإلا فكنْ في السِّرِّ والجَهْرِ مُسْلِما  . فجملة ( لا تقيمنَّ ) بدل اشتمال من جملة ( ارحل ) ؛ لما بينهما من المناسبة إذْ يلزم من الرحيل عدم الإقامة ....... وتبدل الجملة من الجملة بدل : غلط؛ مثل : اجلسْ. قفْ...و....  ولا يشترط في بدل الجملة بأنواعها المختلفة ولا في بدل الفعل من الفعل أن يشتمل على ضمير إذ من المتعذَّر أن يعود ضمير على ضملة ، كما يتعذر في بدل الفعل وحده من الفعل... 

وقد تبدل الجملة من المفرد والعكس ( بدل كل من كل ) ـ وهذا النوعان نادران / كقول الشاعر مثلا :

إلى الله أشكو بالمدينة حاجةً *** وبالشام أخرى كيف يلتقيان !!.. فجملة كيف يلتقيان بدل من  (حاجة ) لأن كيفية الالتقاء هي الحاجة التي يشكو منها .. وإنما صح البدل هنا لأن الجملة بمنزلة المفرد ، وأنما صح البدل إذ التقدير : إلى الله أشكو هاتين الحاجتين تعذر اجتماعهما ..فلا بد من تأويل الجملة بالمفرد ليمكن إعرابها بدلاً ... ومثال العكس : قوله تعالى :( الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب / ولم يجعل له عوجا ) .. لأنها في معنى المفرد أسي : جعله مستقيما .....     

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

البلاغة والمجاز

صـورة بــلاغية !!

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )