مدرس ثانوي وإعارة
نقل فصول من متنفس ذاتي
مدرس ثانوي وإعارة
الانتقال لمرحلة فكرية وخلقية واجتماعية تغيير يطرأ على كل شخص وما اجدرنا أن نصل باستمرار الى مراحل أفضل في حياتنا مادمنا نعمل في الحياة بهدف اسعاد الآخرين والمجتمع المتقدم في هذه الأمور هو من يقدم للعاملين ثوبهم بالترقية والتقدير , والارتقاء أمل يقارب السعادة ولكنه شقاء اذا لم يقترن بها فزيادة المسئوليات تتطلب جهدا أكبر ومن الصعب أن تغير حياة الفتها وتعودت عليها وتشعر فيها بالسعادة اذا لم يكن ذلك لسعادة أعلى وأكبر , لكن من يدري وهو يتقبل النمو أن السعادة ستزيد أوتقل عندما يعجز عن تحمل مسئولياتها , يجب أن تحمل معك سعادتك السابقة وتضيف اليها دائما , كن سعيدا تر الوجود سعيدا حولك ابتسم للتغيير والدنيا تزف اليك ابتساماتها في أروع صورها , كن واثقا في الله والناس متوددا اليهم ,اثن على الله بالحمد والشكر لما تلاقيه من قضاء بالنقل أوالترقية وأشعر الناس بأنهم سبب سعادتك أو جزء منها فما سعد مخلوق بقدر احساسه بأنه يسبب الراحة والهناء لمن حوله ممن يقدرون جهده وحماسه لاسعادهم انه يتناسى آلامه وشقاءه ويشعر معهم بالسعادة وبخاصة هؤلاء الذين تربطهم به روابط الحب والحق والخير والصداقة والعمل وحتى فيمن نتقابل معهم لقاءات عابرة قصيرة
.
هكذا حملت معي سعادتي الى المرحلة الجديدة من عمري وأبعدت كل آلام الماضي وذكرياته الحزينة ونظرت الى أفراح المستقبل وبنيت قصورا من الأحلام الوردية وغرست حولها بساتين سعادتي الفسيحة ورويتها بعزمي على حب الناس وكسب المزيد من الأصدقاء , وما لبثت حياتي أن اتصلت وتتابعت الأيام أغدو في الصباح الى مدرستي وكلي حيوية ونشاط ورغبة في العمل , وكان لابد أن أثبت وجودي في المدرسة الثانوية وكيف لا وأنا كنت فعلا أقوم بالتدريس لطلاب المرحلة قبل أن أنقل الى الثانوي في الدروس الخصوصية
.
كان موجهي الأستاذ عبد السلام عكاشة وموجهي الأول الأستاذ عبد العزيز الغنام وموجهي العام الأستاذ عبد اللطيف غريب وهم الذين قاموا بترشيحي للنقل للثانوي
وكان مدير مدرسة صلاح سالم رجلا صارما حازما أليست المدرسة عسكرية ولها نظامها المختلف عن التعليم الاعدادي وعدد فصول المدرسة يقترب من الستين فصلا في الصوف الثلاثة الثانوية وقوة العاملين بالمدرسة تتعدى المئتان من المدرسين والموظفين والعمال أما الطلبة فكان متوسط الفصل أربعين طالبا على الأقل . وبذلك قد يصل عدد الطلاب مايقرب من ألفين ونصف يدرسون على فترتين صباحية ومسائية وتعتبر المدرسة هي الوحيدة بمركز كفر الدوار للبنين وهناك مثيلتها ومنافستها المدرسة الثانوية للبنات بالحدائق بكفر الدوار بالاضافة الى عدد آخر من المدارس الثانوية الفنية الصناعية والميكانيكية للبنين والبنات ومدرستان للتجارة بنين بنات ومدرسة للتجارة المتقدمة الدراسة بها خمس سنوات ومدرسة ثانوية فنية للبنات للتمريض بمستشفى كفر الدوار المركزي تتبع وزارة الصحة
.
وما أن اقترب العام من نهايته حتى تقدمت للاعارة للبعثات التعليمية للخارج حتى يمكنني أن أكون نفسي استعدادا للاقدام على الزواج حيث انني على يقين بأن دخل والدي لن يسمح بمساعدتي كما حدث مع زواج أخي حلمي , ولحسن حظي فقد وفقني الله وظهر اسمي ضمن المدرسين المعارين الى ليبيا للعام 72- 73 ولم أكن قد قضيت غير عام واحد بالمرحلة الثانوية , وكانت اعارتي على المرحلة الاعدادية
وطبعا هذا لايهم فالراتب واحد ويقدر بعدد سنوات الخدمة للمعلم سواء بالثانوي أو بالاعدادي , وبدأت أستعد للاجراءات واستكمال الأوراق المطلوبة والكشف الطبي وتصاريح السفر وكان كل ذلك يسير سيرا روتينيا بلا تعقيدات حتى جاء موعد السفر في التاسع عشر من سبتمبر 1972 ولأول مرة سأركب الطائرة في حياتي
وكنت خائفا بعض الشيء فأنا لاأحب ركوب الدراجات خوفا من السقوط على الأرض فما بالك بالطيران في الجو ربنا يستر , ولكني كنت مسرورا بالتجربة , ومرت بسلام والحمد لله ووصلنا الى مطار طرابلس عاصمة ليبيا وكان ركاب الطائرة كلهم من المدرسين المعارين ووزعت علينا شركة مصر للطيران مصاحف هدايا لكل مدرس , واستقبلنا في المطار رئيس البعثة ويدعى جمال خشبة ومعه بعض القدامى من المدرسين المصريين وتوجهنا الى مقر التعليم بالوزارة الذي قرر للمسافرين الى الجنوب أن يستقلوا الحافلات المكيفة , وكان المفترض أن تنقلنا طائرة داخلية الى مطار أوباري أو سبها , لكن علمت بعد ذلك أن السبب هو رئيس البعثة الذي اقترح عليهم توفيرا لنفقات السفر أن يرسلونا بالحافلات ولم يكن كل المبعوثين من البلاد الأخرى يقبلون السفر بهذه الطريقة كالسودانيين مثلا حيث كان رئيس بعثتهم يطالب لهم بحقوقهم المعنوية قبل الماديةأليست بعثة حكومية وليست تعاقدات شخصية مع مدرسين عاديين ؟
!
وظلت السيارات تعبربنا جبالا وصحارى شاسعة وطرقا وعرة ساعات طويلة منذ الصباح الباكر وحتى منتصف الليل ما يفرب من ستة عشرة ساعة لم يتوقف فيها السائق غير مرتين في استراحتين قصيرتين للتزود بالوقود وراحة المسافرين للحظات ثم ينطلق بعد ذلك دون التفات لصرخات من يريد التوقف لأي سبب من الأسباب.