2- الثقافة الهندية وتأثيرها في الترجمة العربية
عرف العرب ثقافة الهند عند طريق الفرس أولا، ثم عن طريق اليونان ، ثم مباشرة بمخالطة الثقافة الهندية في عقر دارها ؛
وكان للهند منذ القديم حكمة وفلسفة وحساب ورياضة وفلك وطب وتنجيم ؛ ولقد أشاد بكل ذلك المؤرخون من الشرق والغرب ، فيقول (بروكلمان ): وفي بغداد التقى الطب اليوناني بالطب الهندي على صعيد واحد )واتصل العرب بهذه الثقافة عن طريق التجارة وأفادوا منها أيام السلم عن طريق الترجمة ، وأيام الفتوحات وممن أسر من الهند برز كثير في العلم والأدب والشعر مثل ( ابن الأعرابي )وغيره
وكان من ملامح التأثير الهندي في الأدب العربي ؛ نقل قصص كثيرة في ( البيان والتبيين ) للجاحظ وغيره ، وفي ( كتاب الهند ) ؛
ومما نقل عن الهند عبارات تردد كثيرا في الكتب العربية ، وتأثر الأدب العربي بهذه الرمزية التي في ثنايا القصص الهندي كما ظهر عند الجاحظ ، في ( البخلاء)، ومن الكتب التي ترجمت من الهند كتاب ( السندباد الكبير ) و( السندباد الصغير ) وكتاب الهند في قصة ( هبوط آدم ) ولقد تركت تلك الكتب أثرا في كُتَّابِ القرن الرابع الهجري وما بعده أمثال :( بديع الزمان الهمزاني ) وغيره
وكذلك الحكمة الهندية ببلاغتها أثرت في البلاغة العربية وقد ترجم الجاحظ الصحيفة الهندية في البلاغة ورأينا رأي الجاحظ يوافق لما جاء في هذه الصحيفة
ونذكر أيضا تأثير الثقافة الهندية في العلم ؛ فقد أخذ المسلمون من العلوم التي سبق أن أشرنا إليها في أول المقال وأفادوا منها قبل اتصالهم باليونان وخاصة علم الرياضيات والفلك ، وإن كان من المحتمل أن الهند تأثروا باليونان في هذين العلمين ،
وعرف العرب منطق الهنود وفي الفلسفة، كما تأثروا بمسألة تناسخ الأرواح ؛ وهو مذهب السمنية في الهند ، كما تأثر التصوف الإسلامي بالآثار البوذية الهندية من خلال الترجمة بما عرف ( بفكرة الاتحاد والفناء ) وهي عنصر هندي منقول.
هكذا نجد انتقال الثقافات بين الحضارات يثريها عن طريق الترجمة والمترجمين من الطرفين .
=============
ونواصل حديث تأثير الترجمة في الثقافتين العربية واليونانية إن شاء الله