1- تأثير الثقافات الخارجية في االترجمة العربية
تعددت الأسباب التي روجت لحركة الترجمة العربية بعد انتشار الفتوحات الإسلامية ؛
من تلك الأسباب :* استقرار العرب والدولة بعد الفتوحات الكبيرة
* استيطان البلاد المفتوحة ورؤية ما هي عليه من حضارة
* طبيعة التطور بين الأمم والشعوب
* شعور العرب بأنهم لا بد أن يجاروا مواليهم في ميدان الحضارة والثقافة
* شعور الأعاجم بقوة النفوذ في العصر العباسي ومحاولتهم إظهار ثقافتهم
وفي هذا المقال سنتحدث عن أثر الثقافة الفارسية في الترجمة العربية:
في الحقيقة لم يقتصر دور الترجمة على ما نقل من الفارسية للعربية ؛ بل ما نقل منها أيضا من ثقافة الهند واليونان إلى العربية ،
ويتمثل الجانب الأصيل الفارسي فيما نقله ابن المقفع وغيره إلى الثقافة العربية ، وكانت معظم الكتب التي تُرْجِمت تاريخية عن حياة الفرس وأمجادهم، وكذلك ترجمت كتبٌ في الأدب ؛ نحو ما ترجمه ابن المقفع في كتاب كليلة ودمنة ، وهو هندي الأصل ، وعهد أدرشير ، وكتاب ( هزار أفسانه ) ومعناه :( ألف خرافة )وهو ما أصبح أساسا لكتاب ( ألف ليلة وليلة )
وترجم من الأدب والقصص الفارسي الكثير الذي صار غذاء للثقافة العربية .
ونسج ابن الهبارية على نهج ( كليلة ودمنة ) فألف الصادح والباغم ، كما ألف الأدباء والكتاب الفرس باللغة العربية فدعموا الفكر الإسلامي ، ونقلوا معالم ثقافتهم في فنونها ؛ فألف ( سهل بن هارون ) ديوان الرسائل ، وشهدت مدرسة ( جنديسابور ) التي أسسها كسرى ملك الفرس الدور الرئيس في نقل التراث اليوناني إلى اللسان الفارسي ، ولم يلبث أن تحول إلى العرب؛ ومنه منطق أرسطو
وكان من مظاهر التأثير الفارسي؛ في المجال الاجتماعي انتقال كتثير من عادات الفرس إلى العرب ، وفي المجال الثقافي ما بالغ فيه بعض الباحثين بصورة تكاد تنعدم معها الشخصية العربية ؛ يقول (براون ) خذ مما يسمى عامة علوم العرب العمل العمل الذي أسهم به الفرس تجد أنك أخذت خير نصيب )، وهي أقوال من مستشرقين لا تسلم من مبالغة ؛ فنحن لا ننكر مدى الدور الذي لعبته الثقافة الفارسية ولكن النحو العربي الذي يزعم ( فون كريمر )أنه بواسطة الأجانب وضع في العربية أول من ألَّفَ فيه ( الخليل بن أحمد)
وألف في الفقه ( مالك ) وفي علم الأصول ( الشافعي ) ابتداء لم يسبق إليه من قبل.وكلاهما عربي
نعم قد يبرز لنا أسماء طائفة من العباقرة الفرس الذين أثروا في الثقافة العربية أمثال ( سيبويه ) و(ابن فراس ) و( أبوحنيفة )و ( الغزالي ) و( والبخاري ) ومن الشعراء ( بشار ) و( أبي نواس )ومن الكتاب ( ابن المقفع )و( وبديع الزمان الهمزاني ) و( والفخر الرازي)وأمثالهم من الذين نعترف بفضلهم كلٌّ في ميدانه
ورغم ذلك ظلت عقلية العربي ترتكز على الإسلام والقرآن واللغة العربية
كما لعبت الديانات الفارسية في تطور علم الكلام ، وظهر الاتجاه الماجن في الشعر من الفجور وشرب الخمر وكان إمام ذلك بشار وأبونواس ، وما جددوه فيه من مذاهب متنوعة في إحاطة بالتفاصيل للشعور الإنساني حينما تغمره اللذة ، فظهر الغزل في المذكر الذي لم يعرفه الشعر العربي قبل اتصاله بالفرس ؛ وهو نزعة شاذة لم يكن لها وجود قبل بشار وأبي نواس ، وقابل تلك الظاهر ، مذهب الزهد عند أبي العتاهية ، وبجانب تلك التأثيرات الموضوعية ظهرت تأتثيرات شكلية كإطالة الكتابة عند ( عبد الحميد الكاتب)
هكذا نرى أن تلاقح الحضارات الثقافية قد أثرت في اللغة العربية وتأثرت بها من خلال نشاط الترجمة بين اللغات العربية والفارسية
===========
ونواصل الحديث بعد ذلك عن ( الثقافية الهندية وأثرها ) في الترجمة