الحقيقة بين الرؤيا والخيال

قال الله تعالى في تنزيله الحكيم القرآن الكريم في الآية 4 من سورة يوسف : ( إذ قال يوسف لأبيه يا أبتِ إني رأيتُ أحدَ عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين ) والمعروف أن رؤيا الأنبياء حقٌ وهي جزء من الوحي ، وبشارة من الله بما يحصل لهم أو لأممهم ، وصاحب الرؤيا إذا أراد تعبيرها أي نفسير رؤياه ، فلا بد عليه أن يلتمس العالم العارف ذا الفطنة والكياسة والفراسة والفطنة والديانة والورع ليعبرها له لأن من كانت تلك صفاته فقد يعطيه الله تعالى علم التعبير كما عرف ذلك عن ابن سيرين رحمه الله من علماء التابعين رضي الله عنهم وفي كل عصر أو مصرٍ ممن رزقهم الله موهبة التعبير وتفسير الرؤى من فضله كما علم بعض عباده من علمه اللدني كالخضر فتى سيدنا موسى عليه السلام وكل رؤيا صادقة أو صالحة لها شروط تميزها ذكرها بعض علماء أهل العلم المختصبن وهي : أن يكون الرائي قد ذكر الله عند نومه بإخلاص ، وقرأ وِرْدَهُ من الأدعية الشرعية ونام على طهارةٍ * وألا يكون قد نام وبه تُخمةٍ من الطعام ، أو على جوعٍ شديد * وأن يكون الجو معتدلا في أوقات النوم المناسبة بعد أداء فرائض ربه سبحانه وتعالى * وأن يكون معتدل المزاج لايحمل حقدا أو غلا أوحسدا لأحد من الناس أو تدبير شرلمخلوق يغضب الله * ألا يكون بالرائي مرضٌ أو عِلة تؤلمه وخاصة الحميات ومسببات الهزيان من المرض وشدته* أما الرؤيا الكاذبة أو ما يطلق عليه ( أضغاث الأحلام ) فهي عكس الرؤيا الصادقة الصالحة وتأتي من المؤثرات النفسية والأفكار السلبية الشاغلة لفكر صاحبها قبل النوم ،ويسميها علماء النفس الدارسين (أحلام اليقظة ) أو خواطر النفس وخيالات الأوهام والهواجس والوساوس الشيطانية التي يغتنمها الشيطان فيلعب بها مع نقاط الضعف عند الإنسان فيدخل إليه منها بتوجساته فيثير فيه الأشياء المخيفة ليبلبل فكره ويصرفه عن ذكر الله ، ويدفعه إلى التفكير في الشر والسوء والبعد عن الحلال الطيب ، فيريه الحرام كأن وقع في بئرٍ أو من مكان شاهقٍ ، أو حلَّتْ به مصيبة مفزعة أو بمن هو عزيز لديه وكلها أحلام كاذبة مضلله ، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عنها وأن علاجها كما قال أبو سعيد الخُدْري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إذا رأى أحدكم رؤيا يحبها فإنما هي من الله تعالى ؛فليحمد الله عليها ، وليحدث بها إلى من يحب ، وإذا رأى غير ذلك مما يكره ؛ فإنما هي من الشيطان فليستعذ بالله من شرها ولا يذكرها لأحد فإنها تضر ) رواه البخاري ومسلم ونص حديث أبي قتادة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : الرؤيا الصالحة الحسنة من الله تعالى ، والحُلم من الشيطان فمن رأى شيئا يكرهه فلينفث عن شماله ثلاثا ، ويتعوَّذ من الشيطان ثلاثا فإنها لا تضرهُ ) متفق عليه ؛ والنفث : هو نفخُ لطيفٌ لا ريقَ معه وقد روي الحديث عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه بإضافة وزيادة ..... وليتحوَّل عن جنبه الذي كان عليه ( رواه مسلم وجاء عن بعض أهل العلم الشرعي عن الأحلام وتفسيرها ما استدل من كلامهم على أهمية كتمان النعمة حتى توجد وتظهر من الرؤيا بما رد به سيدنا يعقوب على ابنه يوسف عليهما السلام وما ورد في القرآن الكريم :( قال : يابني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا ، إن الشيطان للإنسان عدوٌ مبين ) آية 5 من سورة يوسف ومن أدني درجات الأحلام سوءً هو ادعاء رؤيا كاذبة من صاحبها ؛ فقد روى البخاري عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن من أعظم الفِرى ( جمع فرية وهي الكذبة العظيمة ) أن يُدعَي الرجل إلى غير أبيه ، أو يُرِي عينيه مالم تر، أو يقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يَقل ) فاللهم ارزقنا أسباب الرؤية الصادقة الصالحة التي تحقق لنا بها ولمن نحب الخير والسلامة والرضا في دنيانا وآخرتنا والحمد لله رب العالمين .) =============================== من مصادر البحث : العدد الثامن من مجلة التوحيد في السنة الثلاثين للدكتور / محمد الشويعر كتاب الرؤى والأحلام في النصوص الشرعية للدكتور / أسامة عبد القادر الريِّس عن دار الأندلس للنشر والتوزيع صحيح الأحاديث النبوية الشريفة كتاب / البخاري ومسلم

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

تصريف الأفعال في اللغة الفارسية

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )