هديٌ نبويٌ شريف (2)
(2) الصبر والشكر :
عن صهيب بن سنان عن النبي عليه الصلاة والسلام قال :
( عجبا لأمر
المؤمن ؛ إن أمره كله خير ، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر فكان
خيرا له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له.) رواه مسلم
وهذا تأكيد لقول الحق سبحانه وتعالى في الآية 144 آل عمران :
وَمَا مُحَمَّدٌ
إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ
انْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَنْ
يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّه الشَّاكِرِينَ
وقوله جلَّ
وعلا في سورة الزمر الآية 10:
( قل يا
عباد الذين آمنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وأرض الله واسعة إنما
يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب )
والصبر من مكارم الأخلاق وحميد
الصفات اتصف به الصالحون وذكر في القرآن أكثر من سبعين مرة ؛ ومن ذلك على سبيل
المثال لا الحصر ( آيات 24 السجدة ، 46 الأنفال ،96 النحل ، 54 القصص ، وقد جمع
الله لهم من الأجر والثواب ما لم يمنحه
غيرهم من الثواب في سورة البقرة الآية 157 ) أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ
هُمُ الْمُهْتَدُونَ)
ومن هدي سيدنا محمد صلى الله
عليه وسلم في الشكر والحمد؛ أنه إذا أتاه الأمر يسره قال : الحمد لله الذي بنعمته
تتم الصالحات ، وإذا أتاه الأمر يكرهه قال : الحمد لله على كل حال .) وكان جاءه
أمرٌ يُسر به خرَّ ساجدا شكرا لله تعالى
ومن هديه في الصبر ليكون قدوة
لأمته في هذه الصفة الكبيرة الثواب أنه قال : ( ليس الشديد بالصُّرْعَة ، وإنما الشديد الذي يملك
نفسه عند الغضب ) رواه أبو هريرة
وكم صبر
وتحمل في سبيل نشر دعوة الحق ورسالة الإسلام التي كلف بها على عناد الكفار وأذاهم
له ؛ جاء عقبة بن أبي معيط إلى النبي وهو يصلي ، فوضع رداءه في عنقه فخنقه خنقا
شديدا ، فجاء أبو بكر فدفعه عنه ، رواه البخاري ، وعن أنس بن مالك قال : لقد ضربوا
رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى غُشِيَ عليه ؛ فقام أبو بكر فجعل ينادي : ويلكم
أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله ؟رواه البزار في كتب السنن .
وعن خباب
بن الأرت قال : أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردائه في ظل الكعبة
، فشكونا إليه ، فقلنا : يا رسول الله ألا تدعو الله تستنصره لنا ؟
فجلس محمرا
لونه ، ثم قال : إن من كان قبلكم ليؤتَى بالرجل فيحفر له في الأرض حفرة ، ويُجَاءُ
بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل فرقتين ما يصرفه ذلك عن دينه .)
وعلى
المؤمن أن يستفيد من هذا الهدي النبوي الشريف في حياته ، وعليه الاقتداء بخير
الخلق صلى الله عليه وسلم في حمده وشكره على كل ما يصيبه ، وأن يجعل الصبر من
صفاته التي يحرص عليها ؛ فلا يجزع أو يضجر أو يغضب أو يثور إذا ما ضايقه أحد ، أو
يجحد نعم الله عليه فيشكر ويصبر .
تعليقات