هدي نبويٌ شريف (3) الرفق والعنف

عن الرفق واللين مقابل العنف والحِدَّة

قال صلى الله عليه وسلم : ( إذا أحب الله أهل بيت أدخل عليهم الرفق ) رواه الإمام أحمد بسندٍ جيد

وروى البخاري ومسلم ؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم : يا عائشة إن الله يحب الرفق في الأمر كلِّهِ .)

والرفق واللين نتيجة حُسْنِ الخُلُقِ، وسلامة الطبع ، وإن العُنْفَ والحِدَّة نتيجة للفظاظة وقوة الغضب ، ولا يستطيع للإنسان حفظ التوازن بين الصفتين إلا باتخاذ الاعتدال  والتكامل في تمييز مواقع الرفق واللين من مواقع العنف والشدّة فيعطي كلَّ أمرٍ حقة ، فإن كان قاصر البصيرة لا يستطيع التمييز بينهما ، كان ترغيبه في الرفق أفضل لأنه أنجح معه في حالته تلك .
وقد قال الشاعر :
ووضع النَّدى في موضعِ السيفِ بالعلا = مُضِرٌّ ، كوضع السيف في موضع الندى 
ولنا في سيرة رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ، القدوة الحسنة ؛ فقد كان رفيقا في دعوته للناس لدخول الإسلام ، وفي حياته كلها ، وهو الذي قال لزوجته السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها : ( يا عائشة ؛ عليك بالرفق فإنه لا يدخل في شيءٍ إلا زانهُ ، ولا ينزعُ من شيءٍ إلا شانهُ .)
وسار على تلك المدرسة النبوية الصحابة وخلفاء المسلمين والتابعين من بعده رضوان الله عليهم جميعا ، فهاهو أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ينصح بعض الولاة الذين اشتكى منهم جماعة من الناس ، فيأمرهم أن يوافوه ، ثم يقول لهم : اعلموا أنه لا شيءَ أحب إلى الله ولا أعزّ من حِلْمِ الإمام ورفقه مع رعيته ) ، وكتب معاوية رضي الله عنه إلى عمرو بن العاص في مصر يقول : ( إن التفهم في الخير زيادة رُشْدٍ ، وإن الرشيدَ من رَشَدَ عن العَجَلَة ، وإن من لا ينفعه الرفق يضُرُّهُ الخَرَقُ )
والعاقل يعرف أنه ما تكلم الناس بكلمة فيها عنفٌ وحِدَّةٌ إلا وهناك في اللغة بجانبها كلمة ألينُ منها تجري مجراها وتأتي بثمرة أفضل بكثير
ونختتم الهدي الطيب الذي علمنا إياه متلقي الوحي من الله تعالى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؛ والذي أدبه ربه فأحسن تأديبه ، أن رأس العقل في مداراة الناس والتودد إليهم باللين في الكلام، والرفق في الرد ، والمعاملة الحسنة ، وما هلك رجل عن مشورة ، وما سعد رجل باستغنائه برأيه ، وأن أهل المعروف والرفق في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة ، وعكسهم في الطبع عكسهم في الأجر والثواب ، اللهم اجعلنا ممن يرفق بعباده ويكظم غيظه إذا أسيءَ إليه بالرد الرفيق الذي يجعل المسيء يندم ويعتذر .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

البلاغة والمجاز

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )