عن الصمت والكلام

عن عيسى عليه وعلى نبينا محمد الصلاة والسلام قال :
كل كلام ليس فيه ذكرٌ لله تعالى فهو لغوٌ ، وكل سكوت ليس بفكر فهو غفلة ، وكل نظر ليس بعبرة فهو لهو ٌ ، طوبى لمن كان كلامه ذكر للله تعالى ، وسكوته تفكرا ، ونظره عبرة ، )
والمؤمن يقلُّ الكلام ويكثر العمل ، والمنافق عكسه يكثر الكلام ويُقِلّ العمل ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : خمسٌ لا تكون في المنافق ؛ الفقه في الدين ، والورع باللسان ، والتبسم في الوجه  والنور في القلب ، والمودة في المسلمين )
وقال لقمان الحكيم لابنه : يا بني من لا يملك لسانه يندم .
طوبي لمن ملك لسانه ، ووسعه بيته ، وبكى على خطيئته 
وقال الحسن البصري :
كانوا يقولون إن لسان الحكيم  من وراء قلبه ، فإذا أراد أن يقول رجع إلى قلبه فإن كان له قال ، وإن كان عليه أمسك ، وإن الجاهل قلبه على طرف لسانه لا يرجع إلى قلبه ما أتى على لسانه تكلم به ، وسأل أبو ذر الغفاري رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يا رسول الله ما كان في صحف إبراهيم ؟ قال : كان فيها أمثال وعبر ينبغي للعاقل مالم يكن مغلوبا في عقله أن يكون حافظا للسانه عارفا بزمانه مقبلا على شانه ؛ فإنه من حسب كلامه من عمله قلَّ كلامه إلا فيما يعنيه )
روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن لقمان الحكيم دخل على داوود النبي عليه السلام وكان يسرد الدرع ، فجعل يتعجب مما يرى فأراد أن يسأله عن ذلك فمنعته حكمته فأمسك لسانه ، فلما فرغ قام داوود عليه السلام فلبس الدرع ، ثم قال : نِعْمُ الدرعُ للحرب ، ونِعْمَ عاملُه ، فقال لقمان ( الصمت حكمة وقليل فاعله )
قال الشاعر:
العلم زينٌ والسكوت سلامة = فإذا نطقت فـــــــلا تكن مكثارا
ما إن ندمت على لسكوت مرة =ولقد ندمت على الكلام مرارا 
وقال شاعر آخر :
يموت الفتى من عثرةٍ بلســــانه = وليس يموت المرء من عثرة الرجل
وقال غيره :
لاتنطقنَّ بما كرهــــت فربــــما = نطق اللســـــــان بحادثٍ فيكون 
وقال حميد بن عباس في هذا :
لعمرك ما شيء علمت مكـــــــــــــــانه = أحق بســـجن من لسان مذلل
على فيك مما ليس يعنيك شــــــــأنـــه= بقفل وثيق حيث كنت فأقفـــــل
فرب كلام قد جرى من ممــــازحٍ = فكن صامتـا تسلم وإن قلت فاعدل
ولا تك في جنب الأخلاء مفرطا = وإن كنت أبغضت البغيض فأجمِلِ
فإنك لا تدري متى أنت مبغض = حبيبك أو تهـــوى بغيضك فاعقــــِلِ
وقال بعض الحكماء في الصمت سبعة آلاف خير ، وقد اجتمع ذلك كله في سبع كلمات في كل كلمة منها ألف خير ؛
أولها أن الصمت عبادة من غير عناء
ثانيها أن الصمت زينة من غير حلي
وثالثها أن الصمت هيبة من غير سلطان
ورابعها أن الصمت حصن من غير حائط
وخامسها أن الصمت استغناء عن الاعتذار إلى أحد
وسادسها أن الصمت راحة الكرام الكاتبين 
وسابعها أن الصمت ستر لعيوبه 
وقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه : أكرم الله المؤمن في لسانه ؛بأنه يشهد ألا لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتلاوة قرآنه ، وأن ابن آدم إذا أصبح سألت الأعضاء كلها اللسان وقلن : يا لسان ننشدك الله أن تستقيم فإنه إن استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا .
 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

البلاغة والمجاز

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )