تأملات في قصة نوح عليه السلام
تأمل في قصة نوح عليه السلام
من
الأنبياء الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه العزيز نبيّ الله نوح عليه السّلام، فقد
كان من أولي العزم بعثه الله تعالى كأوّل رسولٍ إلى النّاس،بعد آدم عليه السلام وقصته مع قومه ملخصةٌ في هذه الآيات الكريمة :" كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ، إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ، إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وأَطِيعُونِ، وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وأَطِيعُونِ، قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ، قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ، إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ، وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ،إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِين، قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ، قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ، فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَن مَّعِي مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَنجَيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ، ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ، إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَان أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ، وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ "
ولمعاناته الشديدة مع قومه اعتبر سيدنا نوح من الأنبياء أولي العزم من الرسل عليهم الصلاة والسلام، وعندما ضاقت به الأرض بما رحبت ولم يستطع أن يحتمل أكثر من ذلك من قومه دعا الله عزوجل أن يخلصّه من هذا العذاب الذي يعيشه، واستجاب الله تعالى لدعائه
فقد استحدث النّاس من الكفر والضّلال ما استوجب إرسال المبشّرين والمنذرين لهم، وقد بذل سيّدنا نوح عليه السّلام كلّ طاقته في سبيل دعوة قومه إلى دين التّوحيد وعبادة الله وحده وعدم الإشراك به، وقد لبث في قومه ألف سنةٍ إلا خمسين عاماً يدعوهم وينصحهم ويخوّفهم من وعيد الله تعالى للمكذّبين،
ولم تلق دعوات نوح عليه السّلام آذاناً صاغيةً عند قومه، إذ لم يؤمن معه إلّا قليلٌ منهم، وقد أبوا إلاّ الإصرار على الكفر وعبادة الأوثان من دون الله، وعندما استيأس منهم نوحٌ عليه السّلام دعا ربّه إنّي مغلوبٌ فانتصر، فأمره الله تعالى أن يبني سفينةً لتكون سبيل النّجاة الوحيد من بطش الله وعذابه الذي سوف يحلّ بالكافرين، وقد كان قومه الكافرون يمرّون عليه وهو يصنع السّفينة فيسخرون منه ولا يزيدهم ذلك إلا إصراراً وتكذيباً، بل استعجالاً للعذاب من عند الله بقولهم: ( ائتنا بما تعدنا إن كنت من الصّادقين )، وعندما جاء أمر الله تعالى انهمرت السّماء بالماء الكثير وفجّرت الأرض ينابيع فالتقى ماء السّماء مع ماء الأرض ليشكل طوفاناً عظيماً هائلاً لم ير مثله من قبل ولا من بعد، فيهلك الله تعالى به القوم الكافرين ويغرقهم،
قال عزوجل : " وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ". ودعا سيدنا نوح ابنه إلى الصعود معه إلى السفينة، لكنه أبى ذلك وفضل اللجوء إلى الجبل الذي لم يستطع حمايته من الغرق،
وقد كانت سفينة نوح تجري بين أمواج الماء التي كانت كالجبال، وقد حمل فيها نوح من كلّ الكائنات زوجين اثنين كما حمل فيها من آمن معه من النّاس، وحين هلك القوم بالطّوفان أمر الله تعالى السّماء أن تمسك ماءها والأرض أن تبلع ينابيعها، فعادت الأرض كما كانت واستوت سفينة نوح على الجوديّ،
فما هو الجوديّ؟، وأين يقع؟. أجمع العلماء على أنّ الجودي ما هو إلّا جبلٌ استوت عليه سفينة نوح عليه السّلام، ولكن الخلاف في مكان هذا الجبل فبعض العلماء يرى بأنّ هذا الجبل موجودٌ في تركيا في مثلث الحدود الأرمينيّة الأيرانيّة أي شمال شرق تركيا ويطلق عليه اسم جبل أراراط أو أرارات وقد ورد هذا اللفظ في الكتاب المقدّس قديماً، وهناك أقوال ترى بأنّ هذا الجبل موجودٌ في جنوب شرق تركيا على الحدود السّورية العراقيّة، وقد دلّت شواهد علميّة كثيرة على وجود هذا الجبل فعلا عندما وجد بعض العلماء آثار كائنات حيّة عليه.
تعليقات