الى أمي في ذكرى رحيلها

قصيدة جديدة للشاعر فاروق جويدة
نشرت بجريدة الأهرام المصرية يوم 1\6\2008 تحت عنوان : ( الى أمي في ذكرى رحيلها .)
يقول فيها :
******
عامان مرا ... وذاق القلب ما ذاقا * ما عاد طيرك فوق النيل خفاقا
قد مزقوا ريشه المرصود فانشطرت*شجيرة العمر وسط الريح أوراقا
كانوا ذئابا رموا العصفور في سفه * لاقى من القهر والأهوال ما لاقى
هذا الصغير الذي علمته زمنا * أن يعشق الناس أجناسا وأعراقا
كم عاش يشدو بحلم لايفارقه * أن يصبح الكون ..كل الكون عشاقا
قصوا الجناح الذي طرزته زمنا * بالحب يا جنتي دينا وأخلاقا
هذي الوجوه التي ماتت ضمائرها* وشيعت خلفها عهدا وميثاقا
هذي الوجوه التي ضلت مواكبها * وسخرت نفسها للزيف أبواقا
ما أسوأ العدل صار العدل مقصلة * للأبرياء .. وأدمى الظلم أعناقا
*********************************
عامان يا مهجتي والقلب يسألني *مالي أرى الدرب في عينيك قد ضاقا
ما عاد نبض الهوى ينساب في جسدي* كالنيل يجري على الشطآن رقراقا
ما عدت أغفو على صدر يشاطرني * حزن السنين وينسي القلب ما ذاقا
ماعدت أشدو أمام السرب في فرح *قد ضاع صوتي سدى حزنا وارهاقا
لاتسألي القلب عن نبض يفارقه * شاخ الزمان الذي عشناه أشواقا
يوما غرسنا الهوى في أرضنا أملا * وغردت حولنا الأيام اشراقا
هذي البلاد التي قدستها وطنا * قد شردت أهلها أرضا وأرزاقا
قامرت بالعمر .. والأوطان غانية * كم راودت في الهوى لأصا وأفاقا
اجري على النار والقناص يرصدني* وكلما طرت كان السهم سباقا
وكيف أهرب والجلاد يتبعني * في كل ركن أرى سيفا وأعتاقا
ما أعجب النيل يخشى كل طاغية * ان زاد بطشا يزيد النهر اغداقا
ان ثارت الأرض في يأس يحاصرها * كي ترتدي ثوبها جبنا واخفاقا
منذ ارتحلت وضوء الصبح ينكرني * ما عاد في العين مثل الأمس براقا
في سكرة الجرح أغفو ثم يوقظني * صوت الحنين يطير الشوق خفاقا
هل تسألين عن الأحباب قد رحلوا * وأنكروا بعدنا عهدا وميثاقا
*******************************
قومي وصلي معي .. فالأرض غاضبة * والناس ضجت .. وصدر الكون قد ضاقا
ردي الى الأرض شيئا من طهارتها * قد أفسدوا النيل أخلاقا
وأذواقاردي الى الروح شيئا من جسارتها * أخشى مع القهر أن تهوي .... وتنساقا
ردي الى القلب شيئا من براءته * صارت قصور الهوى للعري أسواقا
ما غاب وجهك عن عيني . ولا انطفأت * مواسم العشق في عيني أشواقا
عامان والنيل في يأس يعاتبني * وكلما ضم جرحي زاد اشفاقا
عامان والحزن منساب بأوردتي* وكم سرى في دمي يأسا واخفاقا
يا جنة العمر يا روحي التي رحلت * لا تسألي القلب هل أضناه ما لاقى
في ليلة دارت الدنيا وحاصرني * ركب الذئاب .. وذاق القلب ما ذاقا
غامت أماني حتى صرت أجهلها * وسافرت في المدى شعرا وأوراقا
وصحبة أقفرت .شاخت مجالسها * وودعت بالأسى عمرا وأشواقا
هذي هي الأرض حولي الآن قد صغرت * ضاق المكان وعمر الحلم ما ضاقا
حزن بلون الأسى ينساب في وطن * يبكي على أهله ناسا وأرزاقا
هذا زمان يرى في البطش غايته * ويرفع الظلم بين الناس ميثاقا
في كل بيت حزين قد ترى أسدا * كالقزم يمشي ويبدو الفأر عملاقا
لن ترحل الشمس يوما عن مدينتنا * حى وان انجبت في الليل أفاقا
لن يصبح النيل قوادا لغانية * ولن يصير حماة العدل أبواقا
يبقى مدى الدهر قداسا ومئذنة * وقبلة للهدى دينا وأخلاقا
ياجنة العمر يا روحي التي رحلت * لا تسألي الدمع كم أدميت أحداقا
منذ ارتحلت وهذا القلب يسألني :* هل يرجع الطير فوق النيل خفاقا؟
*****************************
من لي بصدر حنون لا يساومني * ولا يرى في الهوى ذلا واشفاقا
عامان مرا وذاق القلب ما ذاقا * لا تسألي الطير كم أضناه ما لاقى ؟
عامان مرا وجرحي نازف أبدا * وكلما جف عاد الشوق دفاقا
يمضي بي العمر قلب الأم يسكنني * ولا أرى بعده حبا وأشواقا
ما كنت أول من ذابت جوانحه * ولست آخر قلب مات مشتاقا .
============================
الحديث يرمز الى الوطن الأم

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

البلاغة والمجاز

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )