من وحي البحر
ثلاثة يذهبن الحزن
الماء والخضرة والوجه الحسن
فأردت أن أخوض غمار البحور , فهجست نفسي هذه الخواطر:
أيها الصديق الواسع العريض !
أيها السابح في ملك الله .!!
ما أنت الا قطرة من الخلق . أمتطي صهوتك بتكريم ربي لي عليك .!!
تتقاذفني أمواجك العاتية , تريد أن تبتلعني في جوفك العميق الذي ابتلع فيه الحوت سيدنا يونس عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام .
وقفت والشمس تلقي بشعرها الذهبي مسترسلة في نهاية الأفق , ترغب في أن تأوي الى بطنك لترتاح حتى الصباح , وتأملت صهاريج ألوانك الزرقاء المتدرجة , فامتلأت عيناي بصفاء الايمان , وقد قرأت ذات مرة أن اللون الأزرق يصفي العين ويزيدها نقاء وروعة وصحة , فقلت سبحان الله , وماذا من جمال أزرق أبدع من لونك ولون السماء الصافية , كلاكما ينبغي التأمل فيه بعمقك واتساعك .
طعمت لحمك الطري شهيا , وخشيت عنفك الفتي قويا , فأحببتك وخفت منك وحذرتك .
أنت للمشتاق ساحة عشق وحنين . وأنت للفنان معرض سحر ولحن رنين . وأنت للتاجر انتظار مركب وسفين , وللأخطار مرقد وعرين . تسكنك فرائس الحيتان والقروش , وعلى شواطئك في المصايف تهفو النفوس , وتنفق فيك وعلى رمالك الملساء ملايين الجنيهات والقروش .
أهواك يا بحر وأنت هاديء سعيد , وترتاح روحي اليك وأنت هائج من بعيد ,فأنت صديق نفسي الهادئة والهائجة , ماؤك ملح أجاج , وفيك الى المجهول مسالك وفجاج ,فوقك المراكب تختال , وتتمايل الى اليمين والى الشمال , وتحتك الغواصات تغتال , وتضربالبلاد بسيل من النيران ينهال .
وأنت مذموم ومحبوب دون أن تضع هذا أو ذاك في البال .
أنت مسخر للسعداء والأشقياء , بحكمة من رب الأرض والسماء , الذي ذكرك في كتابه الكريم فقال سبحانه وتعالى عنك : ( وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام , فبأي آلاء ربكما تكذبان) .
أقف على شاطئك أنتظر البعيد للقدوم . وما يصيبه من قدر فأنت به غير ملوم .
خطر على مشاعري هذه الأبيات الشعرية فيك هذا اليوم :
البحر كنز دفين بما ضم من أمم = أمثالنا ,ولؤلؤ ومرجان كم له عشقا
البحر والخضرة ووجهك الحسن= يدلان من قرب على الذي خلــــــقا
فالفلك تجري في البحر تحملنا = الى مسافات قد شقت لها طرقــــــا
وأشجار بشاطئيه مخضرة نبتت = وأسماك وحيتان به كلما عمقا
ونور وجهك الوضاء فوق صفحته =مرآة صنع الله في العلا نطقا .
تعليقات