من مكتبتي :( قرأت لك ) 5 ( دينيات مفيدة )
من كتاب الإيمان لشيخ الإسلام ابن تيمية قرآت لك لنتعرف إلى المفهوم والمعنى للإسلام والإيمان من القرآن الكريم والسنة النبوية و فقهاء العلماء المسلمين السابقين ، ومنهم ابن تيمية .
التحقيق ابتداءً هو ما بيَّنه النبيُّ صلى الله عليه وسلم لمَّا سُئِلَ عن الإسلام والإيمان ، وكلم محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو بند الحق الثاني الموضح لكلام رب العزةِ والجلال والمفسر له سبحانه وتعالى بوحي من السماء يهديه ويرشده لخير البشر جميعا ليؤمنوا بربهم ويطيعوه ويطيعوا رسوله الخاتم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم .
فقد فسر في رده على السائل ( الإسلام ) بالأعمال الظاهرة ، و ( الإيمان ) بالأصول الخمسة المعروفة ـ راجع الصور المنشورة لتعرفها .
فليس لنا إذا جمعنا بين الإسلام والإيمان أن نجيب بغير ما أجاب به النبي صلى الله عليه وسلم . فإذا أفرِد اسم الإيمان فإنه يتضمَّنُ الإسلام الباطن القلبي ، ؛ وإذا أفرد الإسلام فقد يكون مع الإسلام مؤمنا بلا نزاع وهو هو الواجب . وهلْ يكون مسلما بحق ولا يقال له مؤمنٌ ؟.
وكذلك هل يستلزم الإسلام للإيمان ؟ ، هذا فيه النزاع المذكور في كتاب ابن تيمية ...اقرأ الآية الكريمةالمنشورة في الصورة بالمقال ، الوعد الذي ورد بالقرآن بالجنة والنجاة من العذاب إنما هو متعلق باسم الإيمان ، وأما اسم الإسلام مجردا فما علق به في القرآن دخول الجنة ؛ لكنه فرضه وأخبر أنه دينه الذي لا يقبل من أحد سواه ، وبذلك الإسلام بعَثَ الله تعالى جميع النبيين قال سبحانه : ( وَمَنْ يَبْتَغِ غير الإسلامِ دينا فَلَنْ يُقْبَلَ منه .) وهو في الآخرة من الخاسرين ، وقال : ( إنَّ الدين عند اللهِ الإسلام .) وقال على لسان نوح عليه السلام :( ياقومِ إنْ كانَ كَبُرَ عليكم مقامي وتذكيري بأيات الله فعلى الله توكلتُ ، فأجمعوا أمرَكم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غُمَّة ، ثم اقضوا إليَّ ولا تنظرون ، فإن توليتم فما سألتكم من أجرٍ أنْ أجْرِيَ إلا على الله وأُمِرْتُ أن أكون من المسلمين .) ، وقد أخبر أنه لم يَنْجُ من العذاب إلا المؤمنين فقال :( قلنا احمل فيها من كلٍّ زوجين اثنين وأهلكإلا منْ سبقَ عليه القولُ منهم ومن آمن وما آمن معه إلا قليل ) .... وقال :( وأوحي إلى نوحٍ أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن ) ، وقال : ( وما أنا بطارد الذين آمنوا .)، وكذلك أخبر عن إبراهيم أن دينه الإسلام فقال تعالى : ( ومن يرغب عن ملةِ إبراهيم إلا من سَفِهَ نفسهُ ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين ،إذ قال له ربه أسلم قال : أسلمت لرب العالمين ، ووصى بها إبراهيم بنيه ويقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون .) وقال : ( ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسنٌ واتبع ملةَ إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا ).
وبمجموع هذين الوصفَينِ علَّقَ السعادة فقال : بلى من أسلم وجهه لله وهو محسنٌ فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) ، كما علقهُ بالإيمان باليوم الآخر والعمل الصالح في قوله : إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون.) ، وهذا يدل على أن الإسلام الذي هو إخلاص الدين لله بالقلب مع الإحسان وهو العمل الصالح الذي أمر به الله هو الإيمان المقرون بالعمل الصالح متلازمان فإن الوعد على الوصفين وعد واحد وهو الثواب وانتفاء العذاب فإن انتفاء الخوف عِلَّةٌ تقتضي انتفاء ما يخافه ولهذا قال : ( لا خوفٌ عليهم ولاهم يحزنون ) ولم يقل : لايخافون فهم لا خوف عليهم وإن كانوا يخافون الله ، ونفى عنهم أن يحزنوا لأن الحزن إنما يكون على ماضٍ فهم لا يحزنون بحال ؛ لا في القبر ولا في عرصات القيامة ، بخلاف الخوف فإنه قد يحصل لهم قبل دخول الجنة ، ولا خوف عليهم في الباطن كما قال تعالى :( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون .) .
أما الإسلام المطلق المجرد فليس في كتاب الله تعليق دخول الجنة به كما في كتاب الله تعليق دخول الجنة بالإيمان المطلق المجرد ؛ كقوله سبحانه :( سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدتْ للذين آمنوا بالله ورسله .) ، وقد وصف الخليل ومن اتبعه بالإيمان كقوله : ( فآمن له لوطٌ .) ووصفه بذلك فقال : ( فأي الفريقين أحق بالأمنِ إن كنتم تعلمون الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ أؤلئك لهم الأمن وهم مهتدون .) وقال تعالى :( وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه ) ووصفه بأعلى طبقات الإيمان وهو أفضل البرية بعد محمد صلى الله عليه وسلم ، والخليل إنما دعا بالرزق للمؤمنين خاصة فقال : ( وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر .) وقال ( واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمةً مسلمةً لك ) ، وقال موسى عليه السلام : ( يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين ) بعد قوله ... ( فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه على خوف من فرعون زملئه أن يفتنهم ) ... وقال : وأوحينا وأخيه أت تبوآ لقومكما بمصرَ بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشِّر المؤمنين ). فالبشرى المطلقة للمؤمنين في قوله تعالى : ( ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشري للمسلمين ، وقد وصف الله السَّحَرةَ بالإسلام والإيمان معا فقالوا :( آمنا برب العالمين رب موسى وهارون ) ، ( وقالوا : وما تنقِمُ منا إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا ) ,,,,وقالوا : إنا نطمعُ أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين ) ... وقالوا : ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين ) .....
ووصف الله أنبياء بني إسرائيل بالإسلام في قوله : ( إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا ) ، ولأنبياء كلهم مؤمنون ، ووصف الحواريين بالإيمان والإسلام ؛ الذي ارتضاه وبعث به رسله فقال تعالى :( وإذا أوصيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا : آمنا واشهد بأننا مسلمون ، قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون .) ......
ومن الناحية اللغوية في اللغة العربية أن حقيقة الفرق بين الإسلام والإيمان وهما جماع الدين : الإسلام هو الدين ودين مصدر من دَانَ يَدِينُ دينا بمعنى خَضَعَ وَذَلَّ بعبادته لله وحده دون ما سواه ؛ فمن عبده وعبد معه إلها غيره لم يكن مسلما وهو الاستسلام لله الواحد فأصله في القلب هو الخضوع لله وحده ، ومن لم يعبده بدينه واستكبر عن عبادته لم يكن مسلما بالعبوديه إليه.
أمَّا الإيمان : فأصله تصديق القلب والعمل وإقرار ومعرفة فهو من باب قول القلب المتضمن عمل القلب فالعمل تابع له ولهذا فسر النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان بأن خضوع القلب بالإيمان بالله وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، وبالقدر خيره وشره والعمل بما ورد في القرآن هو أصل العبادة الظاهرة والباطنة .................
والله أعلم
تعليقات