ماجستير إعلامية عن العلاقات المصرية الخليجية (16)
سابعاً: موقف مصر ودول الخليج العربي من أزمات المنطقة:
أولاً : أزمة اليمن :-
*الموقف المصري من
دور المملكة العربية السعودية ودول الخليج في أزمة اليمن الأخيرة
مع تفاقم الأزمة اليمنية في الفترة الأخيرة وخاصة
بعد تصعيد الحرب في اليمن ومقتل الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح ، يجب أن
نتحدث عن الموقف المصري من دور المملكة العربية السعودية في اليمن ، ففي مقابلة
أجرتها الباحثة مع الأستاذ الدكتور محمد السعيد إدريس الأستاذ بمركز الأهرام
للدراسات السياسية والاستراتيجية بتاريخ 19 ديسمبر 2017 ، أكد الدكتور إدريس أن
مصر لم تكن مُرحبة إطلاقاً بالحرب في اليمن وتحفظت عليها كثيراً لسببين أولهما :
أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان كان قد أعلن في فجر يوم انعقاد القمة العربية
الأولى التي نظمتها مصر في شرم الشيخ عقب نجاح الرئيس عبد الفتاح السيسي في
الانتخابات وكانت أول قمة عربية في عهده تشكيل تحالف عربي ، في حين كان الطرح الذي
قدمته مصر في القمة هو تشكيل قوة عربية تكون بمثابة أمن جماعي عربي يكون هدفه
الأول قوة ردع عربية عسكرية جماعية ، لكن التحالف العربي كان هدفه الحرب في اليمن
، لكن خروج مصر من هذا الموقف كان غاية في الصعوبة بسبب ربط الملك سلمان حضوره
لهذه القمة العربية بموافقة مصر على التحالف العربي ودوره في اليمن ، وكانت مصر
ترغب في إتمام هذه القمة بحيث يكون هناك ظهور وتأييد للنظام المصري الجديد.
وحاولت مصر إقناع الملك سلمان بالحضور بكل السبل إلا أنه رفض فكانت مصر مضطرة
للموافقة على هذا التحالف ولكنها حجّمت دورها في توظيف قواتها البحرية في حماية
أمن قناة السويس ومضيق باب المندب دون أن تدخل مصر طرفاً في الحرب اليمنية ، أما
السبب الثاني لتحفظ مصر على هذه الحرب أن مصر تُدرك جيداً أن الوضع الحالي للدول
العربية لا يحتمل مُطلقاً الدخول في أزمات جديدة خاصة مع اشتعال الأزمة السورية
وأزمة ليبيا وتفاقم الإرهاب ، وهو ما يضر
بمجمل المصالح العربية ، وحتى الآن مصر
ترفض هذه الحرب .([1])
قادت المملكة العربية السعودية التحالف العربي في اليمن
بمشاركة العديد من الدول العربية ، وقد شاركت كافة دول الخليج العربي في قوات
التحالف في اليمن ، وأكدت السعودية من جانبها أنه يجب عليهم حماية أمنهم القومي من
الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران رغم نفي إيران دعمها لهذه الميليشيات . ([2])
رأت المملكة العربية السعودية ودول الخليج أن
انحسار دول مصر في حماية حدودها قد يكون جيداً في المستقبل ، وبعد تطور الأحداث في
اليمن ومقتل على عبد الله صالح ، بدأت السعودية تُعيد حساباتها مرة أخرى وتود في
صنع تحالفات جديدة لدعم الجيش الوطني ، وبدأوا في استقطاب أعضاء المؤتمر الشعبي
الذين أضيروا من مقتل علي عبد الله صالح ، حيث أعلن بعض منهم انتماءه للتحالف
العربي وبعضهم هرب من الساحة ، ويظل موقف مصر على الحياد وأنها دائما تدعم الشرعية
وعدم تقسيم البلاد ، وأن تدخلها في هذه الأزمة يمثل ورطة لها في ظل التحديات التي
تواجهها ، خاصة أنه بدأت الأمور تسير بشكل أفضل تجاه الشرعية في اليمن ، ويتوقع
الخبير حدوث مواجهة بين قوات التحالف والحوثيين في صنعاء قريباً . ([3])
ثانياً : الأزمة السورية :-
·
الموقف المصري من تعامل دول الخليج مع الأزمة السورية
بالنسبة للأزمة السورية أكد الدكتور محمد السعيد
إدريس أن توجه دول الخليج العربي كان مختلفا عن توجه مصر تماماً بالنسبة للملف
السوري ، فبالنسبة للمملكة العربية السعودية
وقطر وبدرجة ما الإمارات العربية المتحدة كانوا يدعمون قوات المُعارضة
السورية ضد نظام بشار الأسد ، وانضمت
إليهم الأردن وتركيا ، لأن نظام بشار الأسد يُسبب قلقاً للمملكة بسبب تحالفه القوي
مع إيران ، فجماعة النصرة وبعض الجماعات التي تُحارب الجيش السوري يتم تدعيمها
بأموال عربية ، أما بالنسبة لمصر فكانت لديها أسبابها الخاصة لعدم موافقة دول
الخليج في هذا الملف وأهم هذه الأسباب هي :
·
مصر تحارب الإرهاب بقوة داخلياً ، وهناك جماعات إخوانية
تُحارب في سوريا ومصر تحارب الإخوان في الداخل فلم يكن أبداً لديها خيار لدعم
المعارضة السورية ، فمصر كانت ترى أن الإرهاب الذي تحاربه في الداخل هو نفسه الذي
يحارب الجيش السوري وبالتالي لم تُدعم الموقف الخليجي في هذه القضية ، لأن نجاح
هذه الجماعات الإرهابية في اختطاف الثورة السورية سوف يجعلها تُسيطر على الدولة
السورية ومن ثمّ على دول الجوار بها وأولهما مصر ، لأن المُخطط يستهدف إسقاط
العراق – وهي سقطت بالفعل – ثم سوريا فمصر وسوف يكون الخطر حينها أكثر بكثير مما
تُعانيه سيناء .
·
السبب الثاني يتمثل في أن مصر حريصة للغاية على وحدة
الدولة السورية وعدم تفريقها لأن تفريق سوريا يعتبر خطرًا يُهدد الأمن القومي المصري
بشكل مُباشر ، وتفكيكها سوف يكون تشريعا لهذه الجماعات الإرهابية في تفكيك كافة
الدول العربية وسوف ينتقل الأمر إلى ليبيا ومن ثمّ إلى مصر .
·
والسبب الثالث هو أن مصر لا تعتبر محاربة إيران من
أولولياتها الأولى مثل السعودية ، فمصر تعتبر إيران عدوًّا آجلا وغير عاجل ، أما الخطر
العاجل بالنسبة لمصر كان داخليًّا في محاربة الإرهاب الداخلي وحل الأزمة الاقتصادية
وأزمة استقرار النظام خاصة بعد أحداث 30 يونيو 2013
فهذه التحديات لم تجعل مصر تُقحم نفسها في الدخول
في الداخل السوري وتركت خيار إسقاط النظام السوري للشعب السوري ([4])
رأي الخبير الاستراتيجي دكتور حسن أبو طالب ، أن
مصر رفضت الإرهاب الذي يحدث في سوريا منذ اللحظة الأولى وأنه منذ تولى الرئيس عبد
الفتاح السيسي ومصر تنظر إلى الأزمة السورية أنها أزمة يجب حلها بالحوار ولا يجب
أن تتدخل بها دول أجنبية وأن مصر كان لها دور بارز في تسهيل دخول المساعدات
الإنسانية للمناطق المتأزمة في سوريا وقت الحرب ، ولعبت دورًا هامًا في تثبيت منطقتي
خفض الصراع بعد يوليو 2016 دمشق ومنطقة حلب ، وضمنت مصر اتفاقين وتبادل المواد
الإغاثية وخروج المحاصرين بالتنسيق مع روسيا ومع بعض أطراف المعارضة السورية .
أما السعودية رغم عدم تأييدها لبشار الأسد إلا
أنها كانت ترفض تدخل روسيا عسكرياً في سوريا ، أما مصر فكان موقفها حيادياً ، ولكن
مع استمرار العملية العسكرية في سوريا اختلف الموقف وتبنت مصر فكرة منصة القاهرة
في سوريا تدعم توقف القتال ضد بشار الأسد حتى موعد الانتخابات حتى يتم حل المشكلة.
بطريقة سلمية وعمل تسوية ، فوقفت مصر مع
المعارضة السلمية ودعمت الحل السياسي .([5])
ويرى الدكتور عبد الله الأشعل ([6]) ،
أن توجه مصر حيال الأزمة السورية يرتبط بمحاربة مصر لتنظيم الدولة الإسلامية
ولجماعة الإخوان المسلمين، حيث تجمع بعض الدول العربية والأجنبية مصالح مشتركة في
سوريا في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية الذي يُشكل خطراً على العديد من دول
المنطقة.
ثالثاً : الملف الإيراني :-
وجهة نظر مصر في تعامل دول الخليج مع الملف الإيراني
العلاقات الخليجية الإيرانية ظلت بين الصعود
والهبوط وبين التوافق والصراع على مر التاريخ ، ومصر تنظر لتعامل دول الخليج مع
الملف الإيراني من هذا المنظور ، وهو أن المسألة ترتبط بقضية تاريخية ، حيث تحالفت
السعودية مع إيران من عام 1971 وحتى 1979 ، فبعد الانسحاب البريطاني من الخليج
ملأت أمريكا هذا الفراغ بمبدأ نيكسون الذي كان يهدف لعدم التدخل الأمريكي العسكري
في أي دولة من دول العالم بعد سقوط أمريكا في فيتنام ، ومن ثمّ اعتمدت أمريكا على إيران لتقوم بدور
شرطي الخليج بالنسبة لأمريكا ، ولكن العرب لم يقبلوا إيران زعيمة لهم فأدخلت أمريكا
السعودية طرفاً متحالفاً مع إيران لحماية مصالح أمريكا في المنطقة لمحاربة توغل الاتحاد السوفيتي في الخليج ، وكذلك
محاربة انتشار الشيوعية الإيدولوجية ، ومحاربة الحركة القومية العربية الراديكالية
في الخليج وانتشار الفكر العربي بالخليج
مثل الفكر الناصري ، ومحاربة العراق التي كانت تُشكك في توارث الحكم في السعودية
لذا لم تكن حليفاً لها ، وقد صارت الأرض
العربية خصبة لهذا التدخل نتيجة انكماش دور مصر العربي بعد عبد الناصر حيث كانت
تُلملم هزيمتها في 1967 .
وبعد سقوط نظام الشاه تغير شكل العلاقات بين السعودية وإيران ، حيث تحالفت السعودية مع
العراق ضد إيران ، لأن إيران الجديدة جاءت تُطالب بإسقاط حكم آل سعود فأصبحت عدوا
للسعودية ، إذن فالصراع سياسي وليس مذهبي ، وفي عام 1979 ، حدثت الثورة الإسلامية
في إيران أسقطت نظام الشاه وجاءت الجمهورية الجديدة مُعارضة لأمريكا ولإسرائيل ،
وقامت مصر بعقد اتفاقية معاهدة السلام مع إسرائيل فتبدلت الأدوار . وكان المنظور المصري دائماً لعلاقة السعودية
ودول الخليج مع إيران من هذا المنظور التاريخي
فحتى فترة قريبة جداً لم يكن هناك عداء خليجي إيراني ،وكانت إيران صديقا وليس
عدوا ولكن تفاقمت المسألة من بعد سقوط صدام حسين ، حيث سمحت إيران بسقوط صدام حسين
وخافت من أن يكون مُهدداً لأمنها وبدأت المشكلة عندما قررت أمريكا الانسحاب من
العراق وتسليم السلطة لحلفاء إيران وبالتالي دخول إيران القوي في العراق وكان ذلك
بداية الخلاف القوي بين إيران ودول الخليج وهو ما سبقه بعض المناوشات البسيطة حول
البرنامج النووي الإيراني مع دول الخليج .
وفي عام 2006 شكّلت أمريكا ما يسمى بحلف الاعتدال من دول الخليج مع مصر والأردن لمحاربة إيران
وتفجير الصراع الطائفي السني الشيعي بدلا من الحرب مع إسرائيل ، ومنذ ذلك الوقت بدأ الصراع الخليجي الإيراني
يتفاقم خاصة مع انطلاق ثورات الربيع العربي ، ولكن مصر وجدت نفسها ليست طرفاً في
الصراع الخليجي الإيراني ، وتحولت سياسة مصر إلى التعاون مع إيران فقط في عهد
الإخوان ، حيث أعلن نبيل العربي وزير الخارجية المصري وقتذاك عن بوادر تعاون
إيراني مصر إلا أن الأمر عاد بعد 30 يوينو عادت مصر لعلاقة فاترة مع إيران لأنها
طرفٌغير أساسي في الصراع .
وكانت الإمارات والبحرين أقرب للسياسة السعودية تجاه إيران ، فالإمارات
لديها أسباب أخرى ، فبعد قيام الإمارات بعمل الاتحاد الحالي لها أعلن الشاه
الإيراني ضم البحرين لإيران وسيطر على الجزر الإماراتية وتدخلت السعودية وإلتقى
الشاه وقتها مع الملك فيصل لعمل مساومة لأخذ الجزر الإماراتية وترك البحرين بشرط
أن تكون مُستقلة عن دولة الإمارات ثم تبعها استقلال قطر ، وكانت العراق الدولة الوحيدة التي تحركت ضد
إيران بعد سيطرتها على الجزر وقطعت العلاقة مع إيران وبريطانيا ، وظلت أزمة الجزر
بين إيران والإمارات خامدة لم تتحرك إلا للمطالبة بها من خلال مجلس التعاون ، وظلت
العلاقات الإماراتية الإيرانية هادئة وظل النفوذ الإيراني في دول الخليج قوي جداً
بسبب الثقل الاقتصادي لها بهذه الدول ، والشيعة في دول الخليج منهم العرب ومنهم
الفرس .
أما البحرين هي أكثر الدول التي تمتلك شيعة في دول
الخليج ، وبعد تدهور العلاقات السعودية الإيرانية بدأت إيران تستعمل الشيعة
الموجودين في البحرين كقوة ضغط موالية لها ضد نظام الحكم في البحرين تحت لواء
جمعية الوفاق الإسلامية الشيعية في البحرين
، وبالتالي تعاونت البحرين مع السعودية ، وكانت هذه أهم الدوافع للتعاون
بين دول الخليج ضد إيران .
أما بالنسبة لدولة الكويت فهي من الدول التي بها
أيضاً جالية شيعية كبيرة ، ولهم ثقل كبير في الصراع على السلطة الكويتية ، ومنهم
أعضاء بمجلس الأمة ، ولكن تجدر الإشارة
إلى أن الكويت حريصة جداً في مواقفها ضد إيران بسبب موقعها الجغرافي وكونها إيران
دولة من دول الجوار لها .
وبالنسبة لسلطنة عمان ، هي كانت أكبر الدول التي تمتلك أسطولا بحريا في
العالم ، فكانت تختلف مع السعودية مذهبياً لأنهم يعتنقون المذهب الأباضي ، ولما
قامت ثورة ماركسية ضد سلطان عمان وتولى ابنه قابووس مكانه ، وتدخلت إيران للمحاربة
مع السلطان قابوس ، وكان لسلطنة عمان جزر
قريبة من إيران تحت سيطرتها لذا كانت علاقتها بإيران دائماً افضل من كافة دول
الخليج بسبب العوامل الجغرافية والتاريخية . فالعلاقات العمانية الإيرانية تحكمها
مصالح مشتركة .
أما قطر فعلاقتها بإيران بين الجيدة والسيئة لم تأخذ مناحٍ قوية في أحد
الاتجاهين إذن فالموقف الخليجي من إيران منقسم ، فعمان وقطر
والكويت موقفهم هادئ أما البحرين والسعودية والإمارات مواقفهم تصاعدية ، ومصر ليس
لديها فائض قوة لتستخدمه في هذه الأزمة ، فالخطر الحقيقي عليها هو خطر الإرهاب
الداخلي ، فمصر محكومة بمرحلة البناء
الداخلي لها حالياً وتحجيم فرص الصدام مع أية دول أخرى([7])
2. فرانك غاردنز ، أزمة
اليمن : لماذا شنت دول الخليج حرباً على الحوثيين ؟. ، موقع بي بي سي عربي ،
منشور في 3 مايو 2015 ، النص متاح على
هذا الرابط: https://goo.gl/5mEE7o
تعليقات