ماجستير إعلامية عن العلاقات المصرية الخليجية (14)


رابعاً : العلاقات المصرية القطرية
شهدت العلاقات المصرية القطرية مراحل مختلفة على مر العصور ، وقد كان لقطر موقف مُوَالٍ لمصر في حروبها شأنها شأن دول الخليج . ([1])
أعلنت قطر استقلالها في 3 سبتمبر 1971 ووضعت أُسساً واضحة في علاقاتها الإقليمية والدولية ، ترتكز على توثيق أواصر التعاون والصداقة مع جميع الدول . ([2])
جاءت حرب أكتوبر 1973 لتمثل لقطر فرصة مبكرة لترجمة دولة قطر لانتمائها العربي في شكل عملي ،
حيث أصدر أمير قطر قراراً بإصدار المرسومين رقم 19 ورقم 20 لعام 1973 واللذين نصا على إيقاف تصدير البترول القطري إلى كل من الولايات المتحدة الأمريكية وهولندا
، وذلك لمواقفهما العدائية للأمة العربية والوقوف إلى جانب إسرائيل في هذه الحرب . ([3])
نجحت السياسة القطرية في أعقاب أزمة زيارة الرئيس السادات للقدس واتفاقية كامب ديفيد سبتمبر 1977 في إتباع خط متوازن تجاه هذه القضية
التي مثلت أهم المعضلات التي واجهت التضامن العربي في ذلك الوقت ، حيث جمعت في هذا الخط بين مقتضيات تحقيق كل من الحل العادل للصراع العربي الإسرائيلي والتضامن العربي ، والحفاظ على دور مصر العربي . وقد أيدت قطر قيام مجلس التعاون العربي الذي يضم كل من مصر والأردن والعراق واليمن . ([4])
ويمكن تحديد ملامح العلاقات المصرية القطرية في الفترة من عام 1970 وحتى 1981، حيث بلغ عدد اللقاءات الرئاسية بين مصر وقطر
 في هذه الفترة الى أربعة لقاءات ، كما وقعت مصر وقطر خلال هذه الفترة عدد 2 اتفاقية اقتصادية واتفاقية فنية واحدة ،
 كما بلغت مبالغ الدعم الذي قدمته قطر لمصر في الفترة من عام 1974 وحتى 1977 إلى 53.4 مليون جنيه مصري . ([5])
وسادت العلاقات الطيبة بين مصر وقطر في عهد الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك ، حيث بلغ حجم الاستثمارات القطرية في مصر في الفترة
 من عام 1970 وحتى 2003 ، عدد 30 شركة مستثمرة في  مصر بإجمالي مساهمة 344.4 مليون جنيه مصري
 وبلغ قيمة المساهمات في رؤوس أموال الشركات الحرة عدد 4 شركات بقيمة 88.1 مليون جنيه . )[6](
في عام 1992 حققت العلاقات المصرية القطرية تطوراً كبيراً بالتصديق على إنشاء اللجنة العليا المصرية القطرية المشتركة والتي بدأ العمل بها من 27 يناير 1992
وقد تم الاتفاق على سُبل التعاون في المجالات المختلفة بين البلدين في أول اجتماع لهذه اللجنة تم عقده في الدوحة في أبريل من نفس العام ،
 وفي مايو 1992 قام رئيس الأركان القطري بزيارة لمصر واجتمع خلالها مع رئيس الأركان المصري وتم بحث دعم التعاون العكسري بين البلدين . )[7](
تطورت العلاقات المصرية القطرية في عقد الألفينيات بعد انفتاح قطر مع إسرائيل نتيجة تبادل حملات إعلامية محورها أن الدولتين
أكثر تنازلاً عن الثوابت العربية والمواقف المجمع عليها بتوثيق العلاقة مع تل أبيب ، ومن أبرز هذه المواقف  :
-         نزاع الدولتين في موقف هجوم إسرائيل على قطاع غزة 2008 ، حيث انحازت سوريا وقطر لحماس والسعودية ومصر لفتح .
-         استخدمت قطر قناة الجزيرة ضد مصر في عدة مواقف أهمها حرب إسرائيل على لبنان 2006 وحرب غزة 2009 مما أثر على العلاقات بين البلدين .
أشارت تسريبات لموقع ويكليكس نقلاً عن وثيقة للسفارة الأمريكية في الدوحة اتهامات مصرية لقطر بمساعدة حماس
 في التخطيط للسيطرة على غزة صيف 2007 وتواطؤ قطر مع مخطط حزب الله لشن هجمات في مصر والتي تم الكشف عنها أبريل 2009 .([8](
أ - موقف قطر من ثورة 25 يناير 2011
كان موقف قطر مدعماً لأحداث الربيع العربي بشكل عام ، وجاء الموقف القطري الداعم والمؤيد للثورة المصرية على عكس  الموقف السعودي
الذي أوضح أن ثورة 25 يناير ثورة ضلال وتمزيق للأمة ، وبعد سقوط نظام مبارك ، بدأ الدور القطري يكون أكثر وضوحاً ،
حيث أعلنت قطر فور سقوط مبارك تقديمها  خمسة مليارات دولار لمصر على مرحلتين منها مليار دولار منحة لا ترد وأربعة مليارات دولار ودائع في البنك المركزي المصري
، وتعاونت مع المجلس العسكري وكانت من أوائل الدول التي وقعت اتفاقيات تعاون مع مصر لإيمانها بأن مصر القوية هي عمق استراتيجي لقطر
 بغض النظر عمن يأتي إلى الحكم ، كما تحتفظ بعلاقات جيدة مع كافة القوى السياسية في مصر ومن هنا جاء تعاملها مع جماعة الإخوان المسلمين لفوزهم في الانتخابات ،
 وكان الدعم المقدم لهم هو ما جرى الاتفاق عليه مع المجلس العسكري قبل الانتخابات التي جاءت بالإخوان للحكم في مصر . ([9])
 بعد أحداث الربيع العربي نشأت حالة من الفتور مع دول الخليج - باستثناء قطر- فقد  كشفت عن نفسها مع أحداث السفارة السعودية في القاهرة في سبتمبر/أيلول  2011 ([10])
 وارتفعت الاستثمارات القطرية في مصر في عام 2011/2012 إلى 9.8 مليار دولار لتصل إلى 13.2مليار دولار وكان من المتوقع زيادتها إلى 18 مليار دولار ([11])
 زار الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني مصر في يوليو 2012  في أول زيارة لرئيس دولة عربية لمصر بعد ثورة 25 يناير وتم الاتفاق على ضخ استثمارات قطرية
 تقدر بنحو عشرة مليارات دولار فضلاً عن الوفاء بتعهدات قطر بشراء سندات خزانة بقيمة 2 مليار دولار . ([12])
في فترة حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي ، دعمت قطر جماعة الإخوان بشدة وانعكس توتر العلاقة بين قطر ودول الخليج على العلاقة بين دول الخليج والإخوان؛
 فقد ظل الدعم القطري للإخوان وللتيارات الإسلامية وعبر قناة الجزيرة مصدر حساسيات من جانب دول المجلس، واستخدمت قطر الإخوان أحيانا
كأحد أدوات تكريس مكانة نظامها في الخليج . ([13])
توترت العلاقات المصرية القطرية كثيراً بعد ثورة 30 يونيو ، فعلى الرغم من أن أمير قطر قام بتهنئة الرئيس المؤقت عدلي منصور
على توليه منصبه وتعيينه من قبل الجيش المصري ، إلا أن قطر استخدمت قواها الناعمة في دعم جماعة الإخوان المسلمين من خلال قناة الجزيرة القطرية
، مما أدى إلى إغلاق الفرع الخاص بمصر فيها وهى قناة الجزيرة مباشر مصر والتي تم إيقافها بقرار من المحكمة الإدارية العليا في مصر 3 سبتمبر 2013 . ([14])
وبلغ التوتر ذروته مطلع عام 2014 عندما انتقد وزير الخارجية القطري، في تصريح رسمي، سياسات العنف التي اعتمدها النظام الجديد تجاه المعارضين والتظاهرات.
 وردت الحكومة المصرية باستدعاء السفير القطري،ثم سحب سفيرها في الدوحة عقب انتهاء الاستفتاء على الدستور المصري الجديد. ([15])
قطع العلاقات مع قطر
في صبيحة الخامس من يونيو اتخذت 4 دول هي ( مصر ، السعودية ، البحرين ، الإمارات ) قراراً جماعياً ومشتركاً بقطع العلاقات مع دولة قطر ،
 وهو الأمر الذي ترتب عليه إغلاق هذه الدول لجميع المنافذ البحرية والبرية والجوية المؤدية إلى قطر وذلك بسبب توترات الوضع في البلاد العربية
 ووجود أدلة لدى هذه الدول الأربعة بتورط قطر في دعم الإرهاب والعمليات الإرهابية التي تحدث في هذه البلاد .
أهم الأسباب التي دعت الدول الأربعة لقطع العلاقات مع قطر:
السعودية : كانت أهم الأسباب التي أوردتها المملكة العربية السعودية هي أن القرار جاء لأسباب تتعلق بالأمن الوطني السعودي
 بهدف حماية أمنها الوطني من مخاطر الإرهاب والتطرف الذي تدعمه قطر .
الإمارات : أما دولة الإمارات العربية فقد كانت أهم أسبابها أن دولة قطر تعمل على احتضان المتطرفين وتروج لأفكارهم المدمرة من خلال الإعلام القطري .
البحرين : وبالنسبة لدولة البحرين فكان السبب هو أن قطر تعمل على إسقاط النظام الشرعي في المنامة .
مصر : أما عن أسباب مصر فكان أهمها  دعم قطر لجماعة الإخوان المسلمين التي تم تصنيفها بالجماعة الإرهابية .([16])
بيان رباعي مشترك حول قوائم الإرهاب المدعومة من قطر :
أعلنت كل من مصر والسعودية والإمارات والبحرين في 8 / 6 / 2017عن قائمة تصنيف 59 فرداً و12 كياناً في قوائم الإرهاب المحظورة لديها
والتي تمولها وتدعمها دولة قطر بالمال والسلاح.
كما أكد البيان المشترك للدول الأربع أن القائمة المدرجة مرتبطة بقطر، وتخدم أجندات مشبوهة في مؤشر على ازدواجية السياسة القطرية التي تعلن محاربة الإرهاب من جهة،
 وتمويل ودعم وإيواء مختلف التنظيمات الإرهابية من جهة أخرى.
حددت مصر والسعودية والإمارات والبحرين  في 23 يونيو 2017 قائمة  من 13 مطلباً للدوحة التي يجب عليها تلبيتها لعودة العلاقات معها ،
 وقامت دولة الكويت بتسليمها تلك القائمة  وشملت :
1-     إعلان قطر خفض التمثيل الدبلوماسي مع إيران ومغادرة عناصر الحرس الثوري الأراضي القطرية 
2-    الإغلاق الفوري للقاعدة العسكرية التركية الجاري إنشائها بالدوحة ووقف أي تعاون عسكري مع تركيا.
3-    إعلان قطر قطع علاقاتها مع كل التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها الإخوان وداعش والقاعدة وحزب الله .
4-    إيقاف التمويل القطري لأي أفراد أو منظمات إرهابية، والمدرجين ضمن قوائم الإرهاب في الدول الأربع.
5-      تسلم قطر جميع العناصر الإرهابية المطلوبة لدى الدول الأربع وعدم إيواء أي عناصر أخرى مستقبلاً.
6-    إغلاق قناة الجزيرة والقنوات التابعة لها
7-      إغلاق وسائل الإعلام التي تدعمها قطر بشكل مباشر أو غير مباشر.
8-       وقف التدخل في شئون الدول الداخلية ومصالحها الخارجية وقطع الاتصالات مع العناصر المعارضة للدول الأربع.
9-       دفع قطر تعويض عن الضحايا والخسائر للدول الأربع، بسبب السياسة القطرية خلال السنوات السابقة .
10-            تلتزم قطر بأن تكون دولة منسجمة مع محيطها الخليجي والعربي .
11-             تسلم قطر كل قواعد البيانات الخاصة بالمعارضين المدعومين منها وإيضاح كل أنواع الدعم المقدم لهم.
12-            يتم الموافقة على هذه الطلبات خلال 10 أيام من تقديمها وإلا تعد لاغيةً .
13-             يتم إعداد تقارير متابعة دورية للاتفاق حال التوصل إليه، مرة كل شهر للسنة الأولى ومرة كل ثلاثة أشهر للسنة الثانية . ([17])
وقد أعلنت الدول الأربع قوائم جديدة للإرهاب أضافت فيها بعض أسماء الكيانات والأفراد.
وأكدت الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب أن الخطوة العملية المرتقبة هي التحرك العاجل من السلطات القطرية في اتخاذ الخطوات القانونية والعملية
في ملاحقة الأفراد والكيانات الإرهابية والمتطرفة خاصة الواردة في هذه القائمة والسابقة المعلنة في 8 يونيو 2017، لتأكيد مصداقية جديتها
في نبذ الإرهاب والتطرف والانخراط ضمن المجتمع الدولي المحارب للإرهاب بصرامة ووضوح.
 وأوضح البيان أنه لضمان ذلك ستقوم الدول الأربع (مصر والسعودية والإمارات والبحرين) مع شركائها الدوليين بمراقبة مدى التزام السلطات القطرية
 بعدم احتضان الإرهابيين ودعم وتمويل الإرهاب والانقطاع عن الترويج لخطاب التطرف والكراهية واحتضان وتمويل المتطرفين داخل قطر وخارجها،
 كما أكدت الدول الأربع استمرار إجراءاتها الحالية وما يستجد عليها إلى أن تلتزم السلطات القطرية بتنفيذ المطالب العادلة كاملة التي
 تضمن التصدي للإرهاب وتحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة. ([18])


5. عمرو راشد ، مرجع سابق ، ص 127 .
1. محمد نصر مهنا ، قطر : التاريخ – السياسة – التنمية ، المكتب الجامعي الحديث ( القاهرة ) ، 2001 ، ص 277 ، 279 .
2. محمد بن عيد آل ثاني ، السياسة القطرية في إطار مجلس التعاون الخليجي 1981-1991 ، رسالة  ماجستير غير منشورة ، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ، جامعة القاهرة ، 1992 ، ص 215 .
3. المرجع السابق ، ص 217 ، 220 .
4- حسن أبو طالب ، مرجع سابق ، ص 84 ،126 ، 213 .
5-عمرو راشد ، مرجع سابق ، ص 128 .
1- التقرير الاستراتيجي العربي 1992 ، مرجع سابق ،ص 405  .
2.سليم عبد صالح الدليمي  ، مرجع سابق ، ص104 .
3. عرفان علي بن جرغون ، أثر تغير القيادة السياسية على السياسة الخارجية القطرية  من 1995 – 2012 ، رسالة دكتوراة غير منشورة ، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ، جامعة القاهرة ، 2015 ، ص  170 .    
1. عبد الله باعبود ، قراءة في مواقف مجلس التعاون الخليجي في مصر، موقع مركز الجزيرة للدراسات ، آخر زيارة في 28 ديسمبر 2018، النص متاح على الرابط التالي :  https://goo.gl/NWt6k4.
2. سليم عبد صالح الدليمي ، مرجع سابق ، ص118 .
3 . عرفان علي عبد الله جرغون ، مرجع سابق ، ص171 .
4. معتز سلامة ، إعادة الاكتشاف الاستراتيجي للعلاقات المصرية – الخليجية ، معهد العربية للدراسات، متاح على هذا الرابط:  http://studies.alarabiya.net..

5 . شريف الشماوي، بين الدعم والخلاف: العلاقات الخليجية بمصر بعد 30 يونيو 2013، النص متاح على هذا الرابط: https://goo.gl/1vu8XV.
.
6. مركز الخليج لسياسات التنمية ، العلاقات الخليجية المصرية وتطورات ما بعد الإنتفاضات العربية: الإنقسامات المتداخلة، مرجع سابق، متاح على هذا الرابط: https://goo.gl/AiK47L.

1.لهذه الأسباب قُطعت العلاقات مع قطر ، مقال منشور في موقع العربية نت، آخر زيارة في 28 ديسمبر 2018، النص متاح على هذا الرابط : https://goo.gl/eBQyJY  
1.الهيئة العامة للاستعلامات، قرار مصر يقطع العلاقات مع قطر، مرجع سابق.
1.الهيئة العامة للاستعلامات ، قرار مصر بقطع العلاقات مع قطر, المرجع نفسة .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

البلاغة والمجاز

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )