نبذةٌ عن صحابيٍّ قدوةٌ (14)

     صحابي من صحابة رسول الله كان يدفع عن نفسه الدنيا بالراحتين والصدر رضي الله عنه 
في جاهليته كان يؤاخي عبد الله بن رواحه ، وظلت علاقتهما وطيدة حتى بعد أن أسلم صاحبه وظل على شركه في الجاهلية 
وكان صاحب متجر للطيب في المدينة ، يعطر منه صنمه الذي يعكف عليه عابدا بأطيب العطور ، فلما عاد المسلمون منتصرين من غزوة بدر يسوقون الأسرى أمامهم واكتظت المدينة بالأفراح ، لقي فتى من الخزرج فسأله عن صاحبه عبد الله واطمأن على حياته ، ثم توجه إلى متجره يبيع للناس ، أما صاحبه المسلم فقد قصد بيت الصحابي المقصود واستأذن أمه التي تعرفه وسأل عن صاحبه فقالت ذهب لمتجره ، فاستأذن منها بالدخول إلى حجرته فأذنت له ، وهناك أخرج قادوما كانت معه وراح يقطع الصنم قطعا ثم انصرف خارجا وهو يقول : ألا كل ما يدعى مع الله باطل ، ولما عادت الأم ورأت ماحدث صعقت وقالت: أهلكتني أهلكتني وهي تذكر اسم ابن رواحة
وجلست الزوجة تبكي عند باب الحجرة والصحابي عائد فقال : ما شأنكِ ؟
فأخبرته ما فعل صاحبه المسلم ابن رواحه فاستشاط غضبا وهم أن يثأر منه ، لكنه هدأ بعد قليل ثم قال : لو كان في هذا الصنم خيرٌ لدفع الأذى عن نفسه . 
وانطلق إلى صاحبه ومضيا معا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعلن دخوله في دين الله فكان آخر أهل حيِّهِ إسلاما ، وندم على تأخره في الدخول مع صاحبه عبد الله الإسلام
ثم عزم أن يستدرك ما فاته من خير الدين ولذة العبادة لله وقراءة القرآن وحفظه ، فانصرف متبتلا إلى الله بإخلاص حتى إنه ترك التجارة التي كانت مصدر رزقه وهو يقول : ( والذي نفسي بيده ما أحب أن يكون لي حانوت على باب المسجد فلا تفوتني صلاة مع الجماعة ، ثم أبيع وأشتري فأربح كل يوم ثلاثمائة دينار ) فسئل في ذلك فقال :
إني لا أقول إن الله عز وجلّ حرَّمَ البيع ، ولكني أحبُّ أن أكون من الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله .
عاش هذا الصحابي حتى عصر معاوية بن أبي سفيان وهو يجاهد في نشر قيم الدين الإسلامي في كل مكان في الشام داعيا إلى الله ، ناصحا بالمعروف وناهيا عن المنكر بيسر الدين ولطف الكلمة الطيبة ، حتى أنه رد معاوية بن أبي سفيان وهو يخطب ابنته لابنه يزيد . وزوجها لرجل من عامة المسلمين رضي دينه وخلقه ولما سئل في ذلك قال :
إنما تحريت ما صنعته لصلاح ابنتي ، فما ظنكم إذا قام بين يديها العبيد يخدمونها ووجدت نفسها في قصور يخطف بريقها الأبصار أين يومئذ يصبح دينها ؟!
وعند موته سألوه : ما تشتكي ؟ قال : ذنوبي .. قالوا : وما تشتهي : قال : عفو ربي 
لقنوني : لا إله إلا الله محمد رسول الله فما زال يرددها حتى فارق الحياة ..رضي الله عنه 
فمن هذا الصحابي الجليل ؟

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

البلاغة والمجاز

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )