مراجعة وتدقيق لغوي الجزء 12 من رواية ( فيف لاكلاس)

أدارت مفتاح باب المستوصف و دخلت لتسبق غالية و تعقم أدوات التمريض و تُسعد سي الطاهر. كانت الظلمة تخيّم على القاعات لولا ضوء فانوس صغير حملته فاطمة بِيدها لِيضيءَ المكان. و على غير العادة لمحت نورا ينبعث من قاعة الاستقبال، تعجبت و تقدمت لتستطلع الأمر. صاحت و انطلقت إلى البيت تاركة باب المستوصف مفتوحا. فقد استقبلتها عينان جاحظتان ووجه مخيف ، و سمعت أنينا خافتا ينبعث من الجسد الممدد على طاولة التشريح. احتارت فيما عليها أن تفعله؟ هل توقظ الخالة غالية؟ هل تحكي لسي الطاهر ما رأته للتو في المستوصف؟ لا. لن تقول شيئا فلن يصدقها أحد. فهي تعرف رأي سي الطاهر في مثل هذه الحالات، فهو كان دائما يقول لهم حين يسمعها تحكي للأطفال حكاية الشبح و الجميلة: "الأشباح لا توجد إلا في مخيلتنا، لا وجود لمثل هذه الخرافات". نعم لن تقول له ماذا رأت هناك فوق الطاولة. دخلت المطبخ و هي ترتعد خوفا و أشعلت البابور و وضعت عليه إناء الماء، لعلها تتشجع و تعود إلى المستوصف لتجلب أدوات التمريض. لا. لا. لن تعود فقد رأت بأمّ عينها العينين الجاحظتين تحملقان بها و سمعت الأنين. هل يعقل ان تكون غريقة البئر، ابنة الخالة محبوبة حية؟ لا! مستحيل! فقد كانت هناك بالأمس عندما أخرجها الأهالي من البئر تحت حراسة من الجندرمة الفرنسيس و طرحوها أرضا و كانت جثة هامدة باردة بيضاء و كأنها الثلج، حتى أنها تذكرت كيف تساءلت امرأة من الحضور عن سرّ كل هذا البياض. لا. فقد ماتت ابنة العاشرة ربيعا و نقلوا جسدها إلى المستوصف لغرض التشريح. لا بد أن ما رأته كان شبحا. انتابتها موجة من الحيرة والقلق والخوف: ماذا تفعل و الكل نيام؛ و بعد أقل من نصف ساعة سينبلج الصباح و عليها أن تعقم الأدوات، فالطبيب سيأتي اليوم على غير عادته لتشريح الجثة، وهي خائفة جدا. لعلها على الأقل تذهب لتغلق باب المستوصف الذي تركته مفتوحا؟ كانت تحدث نفسها، فتسأل و تجيب في آن واحد و أوصالها ترتجف و دقات قلبها الصغير تتسارع. أخيرا، حزمت فاطمة أمرها وطردت كل الهواجس من فكرها، تنحنحت و رفعت رأسها و عادت إلى المستوصف. -- "ساعديني يا فاطمة، تعالي، أنا حياة ابنة محبوبة، تعالي لا تخافي ... فكّي الحبلَ عن رقبتي. تعالي، انقذيني" هذه المرة انطلقت فاطمة إلى البيت و فتحت بقوة باب المكسورة، على غير عادتها عندما يكون سي الطاهر وزوجته نائمين. قفز الحكيم من نومه كأنه كان مستعدا مِن أمْسِه ينتظر، وعلى محيّاه علامات استغراب. فهذه أول مرة تدخل فاطمة عليهما المكسورة دون استئذان. كانت فاطمة ترتعش و تردد: حياة، حياة في المستوصف! لم يفهمها سي الطاهر. أفاقت غالية و سألت : من تكون حياة؟ --"الميتة، الجثة، الطفلة، حياة بنت محبوبة"! أسرع سي الطاهر وغالية، للتثبت ممّا تهذي به فاطمة التي تلعثمت في الكلام. كان باب المستوصف مفتوحا على مصراعيه و كان نور الصباح قد أضاء القاعاتِ و في إحداها كانت جثةالطفلة فوق طاولة التشريح وقد لُفّت بلحاف أبيض. و كان السكون يخيّم على المكان. تعليق : الأستاذة منيرة الفهري الأديبة المبدعة في سردك كأنه واقع محسوس لمتصفحه أو معايشه من أبطال الرواية على السواء. قراءتي السريعة الساعة ما لمحت أي خطأ لغوي لفت نظري. لكني سأعود إليها لتدقيقها إن شاء الله والتقدير لبطلة الرواية من صبايا تونس الشقيقة فاطمة الشجاعة التى حلت مشكلة ما نزل بالغالية زوجة سي الطاهر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

تصريف الأفعال في اللغة الفارسية

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )