مراجعة وتدقيق لغوي للجزء 13 من رواية ( فيف لاكلاس )

تعالت الزغاريد و هن يعددن "العولة" من الكسكسي و المحمص. كن ست نساء من بينهن الخالة غالية و أمام كل منهن "صينية" كبيرة وُضع فيها دقيق و أيديهن تذهب و تجيء فيها يبرمنه مع الماء ليتشكل حبيبات كسكسي. فقد أخذ سي الطاهر حصته من الدقيق منذ أسبوعين شأن كل أهالي القرية؛ وهي حصص يوزعها العمدة بوصفها هبةً من سيدي الباي على رعيته. و لا أحد يعرف مصدر هذا الدقيق. كانت فاطمة و بعض الجارات يضعن الكسكسي على النار ليجهز ثم يخرجنه في لحاف و ينشرنه على سطح المنزل. كانت المناسبة مناسبة فرح يسرقها الأهالي من الزمن، إذ تجتمع الجارات "يكسكسن" ويغنين و يمازحن مَنْ يدخل عليهن، ويبادرنه بعبارة: "علِيك الخِيط"، ما يعني لا تدخل هكذا بدون هدية. فيعود قاصدا الدكان المجاور و يجلب مشروبات غازية و شايا و سكرا وحلوى. كانت هذه هي العادة في القرية في هذه المناسبة. وحين دخل سي الطاهر كان معه قارورة مشروب و علبة حلوى، و قبل أن تتكلم النسوة سبقهن قائلا: هذه هديتي لكُنَّ، فضحكن وأخذت غالية المشروب و الحلوى ووزعتها على الحاضرات في جو من الضحك و المرح. كان اللحاف الممتلئ كسكسا، ثقيلا حملته فاطمة و الجارة و صعدتا به إلى سطح البيت، و بدأتا بنشر الكسكسي بأيديهما ليجف بأسرع وقت. -- "ما هذا يا فاطمة! انظري هناك"! نادت الجارة فجأة. رفعت فاطمة رأسها من على اللحاف و نظرت أمامها كان الدخان كثيفا وألسنة النيران تلوح وتختفي، نزلت فاطمة بسرعة و جرت تخبر سي الطاهر الذي ما زال في البيت: سيدي، يبدو أن منزل أحد الجيران من الناحية الأخرى، يحترق، تعال و انظر. لم يصعد سي الطاهر السطح و لكنه خرج من السقيفة و نظر بعيدا، فاستبان فداحة الأمر. لم يشأ أن يفسد فرحة النسوة و هن يعددن "العُولة" فخرج وحده ممتطيا جواده. كان بالفعل بيت "ابَّيِّك عمر" يحترق و الأهالي يحاولون إطفاء النيران و لم ينتبهوا إلى ابَّيِّكْ عمر، الرجل العجوز الذي ما زال بالداخل. أدرك سي الطاهر الأمر و دخل البيت مسرعا بعد أن بلّله أحد الجيران بالماء، وبالفعل وجد عمّي عمر يحاول الخروج لكن النيران حالت دون ذلك. انتشله سي الطاهر و حمله على ظهره و خرج به وسط تهليل الأهالي. و بجهد جهيد استطاع الجميع إطفاء الحريق و قد أصبح البيت ركاما من الرماد. بكى العجوز و هو يرى بيته على هذه الحالة لكن سي الطاهر مسك بيده قائلا ستكون ضيفي ما حييت، لا تقلق، فبيت أخيك الطاهر مفتوح لك. أردف سي الطاهر عمّي عمر وراءه بمساعدة بعض الأهالي و قفل عائدا إلى بيته.\ يتبع النسوة يكسكسن": النسوة يبرمن بأيديهن دقيق القمح مع الماء ليشكلنه حبيبات تسمى محليا "الكسكسي" (لون طعام يعتبر الأكثر شهرة في تونس تعليق : الأستاذة منيرة الفهري قرأت الفصل الثالث بعناية واهتمام وقمت بفحصه لغويا فلم أعثر على خطأ واحد في ثنايا سردك الرائع للأحداث ، وهذا من فضل الله أن أعطاك المهارة والمقدرة على أن تراجعي ما تنشرينه بدقة لغوية قبل نشره فاستفدت كثيرا من ملحوظات ( الهمزات ، والتاء المربوطة ونقطها ، وعلامات الترقيم ، وكذا وهو الأهم موضع الكلمات في النص من الإعراب . وهذا شيء جيد يحمد لك وفقك الله وسدد خطاك على الصواب اللغوي خدمة للغتنا العربية لغة القرآن الكريم .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

البلاغة والمجاز

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )