بحث عن الرياح والريح ؛أنواعها ومواقعها (2)

في مشهد يحبس الأنفاس، هبت رياح قوية بشكل مفاجئ على شاطئ أحد المنتجعات المطلة على البحر الأسود، لتطير الكراسي والقوارب في الهواء، فيما يحاول رواد الشاطئ، وحتى الطيور، الهروب من المكان. وهناك أيضا السفن العملاقة التي تجرب في البحار كما شاهدنا السفينة القطار من أكبر ناقلات النفط في العالم فندما عطلت قناة السويس منذ فترة ليست بالبعيدة وأثارت ضجة عالمية نتيجة لما ألحقته من أضرار بسبب جنوحها في قناة السويس حتى تم تسييرها بخبراء مصريين لتوجيهها إلى طريق النجاة والخروج من المأزق الذي قد تكون سببته الرياح التي خلقها الله سبحانه وتعالى وتأثيرها على خط سيرها الدقيق في المياه الضيقة بالنسبة لضخامتها الكبيرة .
ونبدأ معكم من أنواع الرياح والريح ومواقعها واتجاهاتها على الكرة الأرضية ؛ باختصار توصلت من البحث عن ذلك من مصادر عدة نسجلها في نهاية البحث إن شاء الله : أولا يوجد ما يسمى بالرياح النكباء ، والريح العاصفة والريح الصرر العاتية : ويوجد بين كل نكباءَ أو عاصفة وصرر رِيحَان ... 1- فما بين مَطْلَعِ سهيل إلى مطلع الفجر تكون رياح من قبل بلاد طيء في اليمن تسمى ( رياح الجَنُوب ، قال الشاعر العربي جرير عنها :وحَبَّذا نَفَحَاتٌ من يَمَانية **تَأْتِيكَ من جبلِ الريَّان أحيانا ... 2- تقابلها من جهة القبلة إذا هبَّتْ من تلقاء الفجر إلى الصباح رياح تسمَّى الصَّبَا ، والعرب يسمونها أيضا القَبُول وهي رياح يستحبونها لنسيمها الذي يتبعها ؛ قال الشاعر أبو صخرٍ الهذليّ : إذْ قُلت هذا حين أَسْلُو يُهَيِجُنِي ** نَسِيمُ الصَّبَا من حيثُ يَطْلُعُ الفجر .. 3- وإذا أتتْ الرياح من قِبَلِ الشام ؛ فهي رياح الشَّمال بفتح الشين قال عنها الشاعر الفرزدق :مستقبلين شمال الشام تَضْرِنُنا ** بحاصِبٍ كَنَدِيفِ القُطْنِ منثُورِ ... وهي تقابل رياح الجَنوب كما قال عنها الشاعر امرو القيس : فَتُوضَحُ فالمِقْرَاةِ لمْ يَعْفُ رَسْمُها ** لِمَا نَسَجَتها من جَنُوبِ وَشَمْأَِلِ.... و توضح والمقراة : أسماء أماكن تتقابل فيها رياح الجنوب مع رياح الشَّمال 4- وإذا جاءت الرياح من دُبُرِ البيتِ الحرامِ فتسمى : الدَّبُور ، وهي تَهُبُّ بشِدَّةٍ والعرب يسمونها مَحْوَة لأنها تمحو السحاب من السماء وتسوقه ولفظةُ مَحوة ممنوعة من الصرف معرفة لا تتصرف وقال الأصمعي أنها من ريح الشَّمال ، قال الشاعر : قدْ بَكرَتْ محوةُ بالعَجَاجِ ** فَدَمَّرَتْ بقِيَةَ الرَّجَاجِ ؛ وهي حاشية الإبل وضعافها ، كما قال عنها الشاعر الأعشى : لها زَجَلٌ كَحَفِيفِ الحَصـا **دِ صادف بالليل رِيحًا دَبُورَ وبعض العرب يجعلونها في أحكام قواعدهم العربية نعوتا أو صفاتٍ ، وآخرون يجعلونها أسْمَاءَ فيقال : جَنَبَتْ الريحُ جُنُوبا ، وشَملَتْ شُمُولا ،وَدَبَرَتْ دُبُورًا، وصَبَتْ صُبُوًّا ، وَسَمَّتْ سُمُمًا ، وَحَرتْ حُرُورًا ؛ بحيث تكون مضْمُوماتِ الأوائل عند الإشارة لوصفها نعوتا ؛ وإذا قصدت بها أسماء فَتَحْتَ أوائلها هكذا : جَنُوب وشَمُول ووسَموم ودَبُور ؛ وتسمى رياح الشَّمال سِتّ صِيَغٍ هي : * شَمَالٌ *شَأْمَلٌ * شَمَلٌ * شَمْلٌ * وشَامَل غير مهموز ؛ ويجمْعُهَا عندما تكون ريحا من الشَّمال باسم : الجِرْبِيَاء ، قال الشاعر ابن الأحمر / بِجَوٍّ مِنْ قَـا ذَفِرالخُزَامَى ** تداعى الجِرْبِيَاءُ به حَنينا ... وكلمة قا / موضع مكان اسمه العالية ، وذِفرُ الخزامي هي اشتداد رائحة الطيب. 5- ريح الخريق ؛ وهي ريحٌ شديدةٌ في هبوبها من كل ريح ؛ قال الشاعر حميد بن ثور : بِمَثْوَى حرام والمَطِيُّ كَأَنَّهُ ** قَنًا مُسْنَدٌ هَبَّتْ لَهُنَّ حَرِيقُ 6- الرياح البليل ؛ وتأتي أيضا بعكس المعنى ؛ وهي الباردة من كلِّ رياح وريح وأصلها من الشَمال من قبل الشام . 7- الريحُ الزَّمْهَرير وهي تكادُ تَخْلَعُ وتقلعُ البيوت وتأتي على الزورع من شدة بردها وشدة هبوبها ويحدث من أثرها رهجٌ وغيره . والرهج هو الغبار كما تقول معاجم اللغة ، ومنه حديث شريف يقول : من دخل جَوْفَهُ الرَّهَجُ، لم يدخله حر النار... 8- رياحُ الهَبُوب وقد أشرنا إلى ورودها عند الحديث عن حركة أنواع الرياح بين قوة وهدوء ، ومن الأدعية المأثورة عن القدماء في أنواع الريح والرياه هذا الدعاء الجميل الذي نختتم به الحلقة الثانية قبل الأخيرة عن هذا البحث المفيد . ( اللهم اجعلها رياحا ، ولا تجعلها ريحا ، لا تلفح السحاب إلا من رياح )

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

البلاغة والمجاز

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )