من هدي محمد صلى الله عليه وسلم (2) دينيات مفيدة
6- هَدْيَهُ صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء منه : أنه كان يستسقي في أي وقت وفي أي مكان على المنبر ، وأثناء الخطبة في الجمعة وغيرها ، وهو جالس في المسجد ، يرفع يديه ويدعو الله بالسُّقْيا ونزول المطر ومن دعائه اللهم اسقِ عبادك وبهائمك وانشر رحمتك ، وأحي بلدك الميِّت ) و( اللهم اسقنا غيثا مغيثا ، مريئا ، مريعا ، نافعا غير ضار ) ولما سئل عندما كثر المطر قال اللهم حوالينا ولا علينا ، اللهم على الظِّرابِ ــ الروابي الصغار ــ والآكام ــ جمع أكمة وهي الهضبة ــ والجبال ، وبطون الأودية ، ومنابت الشَّجر .)
7- من هديهِ صلى الله عليه وسلم في صلاة الخوف : إذا كان العدو بينه وبين القِبْلَةِ ؛ أن يَصُفَّ المسلمين خلفه صفين ، فيكبِّر ويكبروا جميعا ، ثم يركعوا و يرفعوا جميعا ، ثم يسجد أوَّل الصفِّ الذي يليهِ خاصة ، ويقوم الصف المؤخر مواجهَ العدو ، فإذا نهض للثانية سجد الصفُّ المؤخرُ سجدتين ، ثم قاموا فتقدموا إلى مكان الصف الأول ، وتأخر الصف الأول مكانهم ؛ لتحصل فضيلة الصف الأول للطائفتين ، وليدرك الصف الثاني معه السجدتين في الركعة الثانية ، فإذا ركع صنع الطائفتان كما صنعوا أول مرةٍ ، فإذا جلس للتشهد سجد الصف المؤخر سجدتين ، ولحقوه في التشهد ، فسلم بهم جميعا . وكان يصلي أحيانا بعد تقسيم المصلين فرقتين أن يصلي بإحداهما ركعتين ويسلم بهم ، ثم تأتي الفرقة الأخرى فيصلي بهم ركعتين ويسلم بهم .
8- من هديه في صلاة الجنائز : مخالفا لهدي سائر الأمم ، مشتملا على الإحسان إلى الميت وإلى أهله وأقاربه ،فكان يتعهده في مرضه ، وتذكيره بالآخرة ويأمره بالوصية بالتوبة ، وامر من حضره بتلقينه الشهادة لتكون آخر كلامه . وكان أرضى الخلق عن الله وقضائه وأعظمهم له حمدا ، وبكى لموت ابنه إبراهيم رأفة به ورحمة له ورقةً عليه وقلبه ممتلئ بالرضا والشكر واللسان مشتغل بذكر الله وحمده يقول : تدمع العين ، ويحزن القلب ، ولا نقول إلا ما يرضي الرب ، ونهى عن لطم الخدود ، ورفع الصوت بالنياحة والندب ، وكان من هديه الإسراع بتجهيز الميت إلى الله وتطهيره وتنظيفه وتكفينه في ثياب بيضاء وتغميض عينيه ، وكان ربما يقبل الميت ويأمر بالغسل ثلاثا أو خمسا ويأمر بالكافور في الغسلة الأخيرة ، وكان لا يغسل الشهيد ، وكان ينزع عن الشهداء المقاتلين الجلود والحديد ويدفنهم في ثيابهم ولا يصلي عليهم . ويغسل المحرم بماء وسدر ويكفن في إحرامه ولا يطيب وتغطى رأسه ، ونهى عن المغالاة في الكفن ، وكان يصلى على الميت خارج المسجد وربما صلى عليه في المسجد أحيانا ولم يكن ذلك من هديه الراتب ، وإذا قُدِمَ عليه بميت سأل : هل عليه ديْن ؟ فإن لم يكن عليه دين صلى عليه ، وإن كان عليه دين لم يصل عليه وأمر أصحابه أن يصلوا عليه ، ولما فتح الله عليه صلى الله عليه وسلم كان يصلي على المدين ويتحمل دينه ، ويدع ماله لورثته . وكان إذا أخذ في الصلاة كبَّرَ وحمد الله وأثنى عليه ودعا ،وكان يكب أربع تكبيرات وكبر خمسا ، وكان يقول : اللهم غفر لحينا وميتنا ، وصغيرنا وكبيرنا ، وذكرنا وأنثانا ، وشاهدنا وغائبنا ، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام ، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان ، اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده )وحفظ من دعائه : اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخلة واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وأبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله وزوجا خيرا من زوجه وأدخله الجنة وأعده من عذاب القبر ومن عذاب النار .)
** وكان يقوم عند رأس الرجل ووسط المرأة ويصلي على الطفل ولا يصلي على من قتل نفسه ولا على من غلَّمن الغنيمة ، وصلى على المرأة الجهنية التي رجمها وعلى النجاشي صلاته على الميت الغائب ولم يكن من هديه الصلاة على كل ميت غائب ، وإذا فاتته صلاة على الجنازة صلى على القبر .
** وكان إذا صلى على الميت تبعه إلى المقابر ماشيا أمامه وسن للراكب أن يكون وراءها وكان يأمر بالإسراع بالجنازة وكان لا يجلس حتى توضع في قبرها ، وأمر بالقيام للجنازة لما مرت به وصح منه أنه قعد ، ولا يدفن الميت عند طلوع الشمس ولا عند غروبها ولا حين يقوم قائم الظهيرة .
** وكان من هديه اللحد وتعميق القبر وتوسيعه عند رأس الميت ورجليه وكان يحثو التراب على الميت إذا دفن من قبل رأسه ثلاثا ، حتى إذا فرغ من دفنه قام على قبره وسأل له التثبيت وأمر أصحابه بذلك .
** وكان من هديه تركُ نعي الميت بل كان ينهى عنه ( كلام ابن القيم الجوزية )في زاد المعاد .
ولم يكن من هديه تعلية القبور ولا بناؤها ولا تطيينها ولا بناء القباب عليها بل كانت سنته تسوية القبور ،ومن أراد أن يعرف قبره بصخرة ، ولا تتخذ القبور مساجد ، ولا إيقاد السُّرجِ عليها ، ولعن فاعله ونهى عن الصلاة عليها أو أن يُتَّخذ قبر الميت عيدا ، ولا تهان القبور ولا توطأ ولا يجلس عليها ولا تعظم ، وكان يزور قبور أصحابه للدعاء لهم والاستغفار لهم ، وسَنَّ للزائر قول : ( السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ، نسال الله لنا ولكم العافية ).
** وكان من هديه تعزية أهل الميت ومن هديه ألا يجتمع للعزاء لقراءة القرآن لا عند القر ولا غيره . وأن أهل الميت لا يتكلفون الطعام للناس ؛ بل أمر أن يصنع لهم الناسُ طعاما ... صلى الله على محمد وسلم .
9- من هديهِ صلى الله عليه وسلم في الزكاة والصدقات : راعى صلى الله عليه وسلم فيها مصلحة أرباب الأموال ومصلحة المساكين ، ففرض في أموال الأغنياء ما يكفي الفقراء من غير إجحاف ، وإذا علم من الرجل أنه من أهلها وسأله منها أعطاه بعد أن يخبره أنه لاحظ فيها لغني ولا لقوي مكتسِب ، وكان يفرقها على المستحقين في بلد المال وما فضل منها حمل إليه ففرقه ، وكان يبعث الخارص ــ وهو الحزر والمخمن ــ على أهل النخيل يحزر ويخمن ثمر نخيلهم وعلى أهل الكروم كرومهم وينظر كم يجيء منه وسُقًا ــ والوسق ــ ما قدره ستون صاعا من تمر أو نحوه ــ فيحسب عليهم الزكاة بقدره ، ولم يأخذها من الخيل ولا الرقيق ولا البغال ولا الحمير ولا الخضروات ولا الفواكه التي لا تكال ولا تدخر إلا العنب والرطب فلم يفرق بين رطبه ويابسه ، من أوسط كرائم الأموال ، وكان ينهى المتصدق أن يشتريَ صدقته وكان يبيح للغني أن يأكل منها إذا أهداها إلى الفقير . وكان يستدين لمصالح المسلمين على الصدقة أحيانا ، يستلف الصدقة من أربابها أحيانا ، وكان إذا جاء الرجل بالزكاة دعا له : اللهم بارك فيه وفي إبلهِ ويقول أحيانا : اللهم صلِّ عليه . ومن هديه في زكاة الفطر : صاعا من تمر أو شعير أو أقطٍ أو زبيب وإخراجها قبل صلاة العيد قال عليه الصلاة والسلام : ( من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات ). ومن هديه في صدقة التطوع : أعظم الناس صدقة بما ملكت يده وكان لا يستكثر شيئا أعطاه الله ولا يستقله ، وكان لا يسأله أحدٌ شيئا إلا أعطاه قليلا أو كان كثيرا وكان سروره وفرحه بما يعطيه أعظم من سرور الآخذ بما أخذه ، وكان يؤثر إذا عرض له محتاج على نفسه تارة بطعامه وتارة بلباسه ، وكان ينوع في أصناف إعطائه وصدقته مرة بالهدية وتارة بالصدقة وأخرى بالهبة أو بشراء الشيء ثم يعطي البائع السلعة والثمن أو يقترض الشيء فيرد أكثر منه وهكذا كانت معاملاته صلى الله عليه وسلم .
تعليقات