فطنةُ الحَجَّاج بن يوسف الثقفي / ثقافة عامة

روى أبو حنيفة الدينوري في الأخبار الطِوال قال : إن الحجاج بن يوسف بَعَثَ أيوب بن القرية إلى عبد الرحمن بن الأشعث حينما خرج عليه ؛ وقال له : ( انطلق فادْعُهُ إلى الطاعة ، وله الأمان على ما سلف من ذنبه ) ، فانطلق إليه فدعاهُ فأبلغَ في الدعاء ، فقال له عبد الرحمن : ويحَكَ يابن القرية ؛ أَيَحِلُّ لكَ طاعته مع ارتكابِهِ العظائم؟! )، واستحلاله المحارم ، اتقِّ الله يابن القرية ووالِ عباد الله في البرية ، ولم يزلْ ابن الأشعث بابن القرية يختدعُهُ حتى تَرَكَ ما أُرْسِلَ فيه وأقامَ معهُ ، فقال له عبد الرحمن : أني أريدُ أن أكتبَ إلى الحجاج كتابا مُسَجَّعا أُعَرِّفهُ فيه سُوءَ فِعَالِهِ ، وأُبَصِّرَهُ قُيْحَ سريرتِهِ ، فَأَمْلِهِ عليَّ ....فقال أيوبُ : إن الحجاج يعرِفُ ألْفَاظِي ؛ فقال : وما عليكَ ؛ إني لأرجو أن نقْتُلَهُ عن قريب .....فأملاهُ عليهِ ، فلما قرأ الحجاج الكتاب ، عرفَ ألفاظ ابن القرية ، وعَلِمَ أنه من إملائه ، فكتب إلى عبد الرحمن في جوابه :..... قد أتاني كتابُكَ بلفظاتِ فاجر ، فاسق غادر ، وسيمكِّنَ الله منه ويهتِكَ ستُورَهُ ( يعني ابن القرية ، ...ثم كانت هزيمة ابن الأشعث ، وهُزِمَ ابن القرية فيمن هُزِمَ من أصحاب عبد الرحمن ، فأُدخلَ به على الحجاج ؛ فلما رآه قال : ياعدو الله ، بعثتك رسولا إلى عبد الرحمن ، فتركتَ ما بُعِثْتَ له ، وصرتَ وزيرا ومشيرا تُصَدِّرَ له الكتبر وتسجع له الكلام ، وتدبر له الأمور ، ثم قتله أشنع قِتْلَةٍ . وهذا مصير الخونة المعوجين في أحكامهم والانضمام إلى عدوِّ بلادهم على حساب شعوبهم . وعلى الظالم تدور الدوائر . ولكل باغٍ نهاية ، ولا يدوم الكرسي لأحد ما استمر على غروره وضحكه على أهله وشعب بلاده .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

البلاغة والمجاز

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )