الإصلاح بالبناء وليس بالهدم / ثقافة عامة
المصانع وتوفير العمل ،المستشفيات وعلاج الشعب ، التعليم وبناء المدارس
بماذا نبدأ ؟بالصحة وبناء المستشفيات أم هدمها ؟ *
ثم التعليم وتطويره ببناء المدارس لاستيعاب الزيادة المطردة في السكان أم لهدم المدارس ؟ *
ثم توفير العمل للخريجين من الأجيال ببناء المصانع وتطويرها أم بهدمها وإخراج العمال في معاش مبكر ؟
مشكلات تواجه كثيرا من الشعوب النامية في العالم ومنها مصر الغالية عند شعبها !!*
حديثنا اليوم عن حال مصر بين الماضي والحاضر خلال نصف قرن من الزمان ، ومعظم كبار الناس عاشوا هذه الفترة منذ االخمسينيات حتى اليوم أو حضروا بعض فتراتها .
من وجهة نظري كرجل متعلم عاصرت الحياة منذ ما قبل الثورة في 23 يوليو 1952 في عهد الرئيس جمال عبد الناصر بعد أن دخلت المدرسة الأولية في عهد فارق الأول ملك مصر وحتى تركت العمل الوظيفي إلى المعاش سنة 2003م حتى لآن .
***1- رأيت مصانع الغزل والنسيج بكفر الدوار محافظة البحيرة ، ومصانع الغزل والنسيج بالمحلة الكبرى ، وشاهدت أفواج العمال والموظفين وهم يخرجون من ورديات العمل منها بالآلاف بعد انطلاق صفارة كل وردية لاستقبال الوردية التالية لتسلم العمل من زملائهم المتوجهين إلى منازلهم وأسرهم في فرحة بالغة يتسوقون وهم عائدون فرحين بالقرش صاغ المكافأة التي أضافها المصنع إلى رواتبهم في تلك الأوقات أيام الرئيس جمال عبد الناصر ...ومرت السنين فجاء الحكام من بعده أنور السادات ثم حسني مبارك ثم محمد مرسي ثم عبد الفتاح السيسي وتم أغراء العمال بمكافآت ضئيلة لإفراغ الكثيرين منهم من المصانع بعد تطورها بالماكينات الأحدث والتي لا تحتاج إلى عدد كبير من العمال ، ولم يعين مكانهم أحد من الشعب الذي يزداد يوما بعد يوم حتى بلغ تعداد مصر ما يزيد عن المائة مليون نسمة ، وتوقف تطور هذه المصانع ، في غزل كفر الدوار والحرير الصناعي وصباغة البيضا بهدم بعض الأقسام فيها فازدادت البطالة في كل مكان وقل تعيين الخريجين والعمال ، ولم تُقَمْ مكانها مصانع جديدة لاستيعاب العمالة واستمرار الانتقال إلى حياة أفضل للشعب ، الذي يعاني الأزمات الاقتصادية والديون الرهيبة التي أصبح على كاهل الأجيال القادمة عبء سدادها لأصحابها .
*** ونقصت أو انعدمت فئة المتوسطين من الشعب المصري ، وظهرت فئة الأغنياء الأثرياء المتحكمة في شئون البلاد ، وأصبحت غالبية الشعب من الفقراء والمعدمين وغير القادرين على مواجهة الغلاء والأمراض والتعليم عند الكثيرين منهم أقصد فئة أغلب الشعب المحتاجين للعمل والرعاية الصحية والتعليمية .فظهر من توابع ذلك الفساد والإفساد والحقد بينهم وبين الأغنياء ، وكان من أول واجبات الأغنياء ؛ لهؤلاء الفقراء أن ينشئوا لهم الملاجيء والمستشفيات ؛ أما المستشفيات فإنها تؤوي من ينتابه المرض منهم ليجد هناك من الإخصائيين من يقوم بمعالجته ومن الممرضين من يخدمه بعد جهده في العمل يقدم له الدواء في أوقاته ، والغذاء المناسب لمرضه ؛ وأذا حدث له حادث في أثناء الليل وجد من الأطباء من يُسْعِفَهُ ، ويتلافى مرضهُ قبل أن يتعاظم ويتعاصى علاجه فيفقد حياته .، وليست المستشفيات مقصورة على معالجة الأمراض والأوبئة الصعبة بل تقوم فوق ذلك بالإسعاف الوقتي ، وكثيراما تكون الإسعاف سببا في الحياة بعد أن كادت تذهبُ سدى ؛ أما الملاجيء ؛ فأنها مأوى العجزة من الذين لا يجدون ما ينفقون يؤمونها فيجدون فيها ما يطفيء حرارة الجوع ، بدلا من البحث في القمامة عن طعامهم ، وما يقيهم لفح الشمس ونفح البرد من إنتاج مصانعهم التي أعطوها جلَّ حياتهم ، ويكلف القادر منهم بعد شفائه بالعمل الذي يلائم صحته فيها ، فينسى به همومه ويبتعد عن وصمة التعطل عن العمل فقد كانوا قبل أن يصابوا زينة العمال وأسوة يؤتسى بها في الإخلاص والإنتاج لنفع كل الشعب المصري .
**** أما حال التعليم فهو الأسوأ في أيامنا هذه رغم سبق العالم حولنا بمظاهر التطور الحديثة في مجاله ، وبنظرة متأنية ودقيقة لمصر في الأزمنة الغابرة لوجدنا مابلغه التعليم فيها من ارتقاء ونهضة وتقدم على كثير من بلدان العالم ، فقد أَمَّها الطلاب من الوطن العربي وغيره ، فاستفادوا وأفادوا بلادهم ، وأنشيء بها كثير من المدارس المنوعة ودور الكتب العامة ، وألف كثير من علمائها مؤلفات لا يزال بعضا منها مرجعا للناس في الدين والعلم والأدب والفنون في بلاد كثيرة من العالم ، ولما اعتلى محمد علي باشا عرش مصر رأى رقي البلاد لا يكون إلا بنشر التعليم بين طبقات الأمة ، وأن أهل الغرب خَطَوْا فيه خطوات واسعة ، فبعث إليه بعدد من خيرة رجاله في مصر تعلموا العلوم والفنون المختلفة ومهروا فيها ثم عادوا فنشروا العلم في البلاد بالتعليم والتأليف ، ولما جاء إسماعيل باشا نحا نحو جدِّهِ في نشر العلم ؛ فاتتح العديد من المدارس وأصلح كثيرا من الموجود منها وأرسل البعوث العلمية إلى البلاد الأجنبية فارتقى التعليم في عصره حتى في عهدالملك فؤاد استمر التعليم في نهضته وتطوره وكاد يضارع التعليم في البلاد الغربية ، فما بال مصر اليوم وقد هبط مستوى التعليم فيها وكثرت عليها الديون ، ونرى مدارس تخلى في الإسكندرية لتهدم ويبنى مكانها ولا تُصْلَحُ وترمم ويبنى غيرها ، ومستشفيات بالقاهرة كمستشفى العباسية العام يرتب لهدمها وهي تستوعب العديد من المرضى وتقوم المظاهرات من أجل ذلك ، ومابال حال المصانع التي كادت تخلوا من العمال وأصبحنا بعد أن كنا مصدرين لدول العالم من إنتاج غزل القطن المصري طويل التيلة في مصانعنا بكفر الدوار والمحلة الكبرى أصبحنا نستورد طعامنا وغذءنا وملابسنا من الخارج ؛ كالقمح من روسيا وغير ذلك ؟!! إننا بحاجة إلى نظرة حكيمة ومشورة سديدة وعمل جاد مخلص في كل مؤسسات الدولة لخدمة هذا الشعب والوطن وتقوية القيم الدينية السماوية كلها بين شعبها حتى نستطيع بالمساواة وتقارب الطبقات بين أفراد الشعب أن نفكر جيدا في طريقة سلمية بناءة تحمي مصرنا وتقدم شعبنا ومن حوله من بلاد العرب صحيا وتعليميا وصناعيا وزراعيا بالتعاون النباء ، وترك فكرة الهدم والثورات التي لا ياتي من ورائها غير القتل والتدمير والسجون والحروب وتَدَخُّل أعدائنا في توجيه سياسة حكامنا لمصالحهم الخاصة لتظل لهم السيادة والتقدم،بينماهم يحاربون تمسكنا بقيم ديننا وماضينا العريق في نشر العلم والاهتمام بالصحة وبناء المصانع والعناية بزراعاتنا المثمرة لكل خير في ريفنا المصر الحبيب .؟
تعليقات