في ذكرى المولد النبوي لسيدنا محمد الإنسان

كل إنسان نشأ وعاش في بيئة فلا بد أن ياخذ منها وتأخذ منه ،ويجاذبها وتجاذبه ومن هنا تظهر مميزات الأفراد الذاتية التي تحميهم من التاثر بعوامل البيئة تأثيرا كليا ، وقد جرت سنة الله تعالى في رسالاته الإلهية أن يعد من يصطفيه لها في خلائقه وجوهر إنسانيته وخصائص رجوليته إعدادا خاصا يوائم بينه وبين ما انتدب إليه ، حتى يستطيع القيام بما حمل ويؤدي ما كلف به كما أشار القرآن الحكيم في قوله تعالى : ( الله يعلم حيث يجعل رسالته ) ، ويتحدث الدكتور محمد الصادق العرجون عميد كلية أصول الدين الأسبق عن خصائص أسرة محمد ومكانتها في العرب أن محمدا صلى الله عليه وسلم سليل أسرة جمعت أمجاد العرب في خلائقها فالنبعة التي انشقت عنه فكان من فرعين زاكيين من قريش هما ( عبد مناف ) و ( زهرة ) فعبد مناف غصن من الدوحة القرشية زكا وأينعَ فأثمر لسيدها عبد المطلب ابنه الزاهي ( عبد الله ) ، وزهرة غضنها اللذين انفرجا عن محمد صلى الله عليه وسلم الإنسان ، فزهرة أثمرت لوهب سيدها ابنته آمنة فكان الزواج بين عبد الله وآمنة في سنة عربية للزواج الإنساني بين كرام العرب المعروفين فعبد مناف ورث مجد أبيه قصي ، الذي كان عرق الثرى في تاريخ قريش أمد قريشا بأمجاد المناقب وأصول المكارم الإنسان في هذا الزمان ، فكان جده قصيا ملكا غير مملك إلا بخلائقه وجلائل أعماله الكريمة ، وكان قصي بن كلاب أخا زهرة لأبيه وأمه ولما كبر قصي كثر ماله وولده وانتشروا في مكة فطمح إلى سيادة قومه ورأى أنه أحق بالبيت وبقيادة أمر مكة من قضاعة فانتزع منهم شرف قومه وسادهم فكان شريف مكة وعبد مناف قد شرف في زمان أبيه وكان يقال له القمر من حسنه ، يقول الشاعر : كانت قريش بيضة فتفلقت = فألمحخالصه لعبد منافِ وعلى عبد مناف اقتصر النبي الإنسان في بيان القرابة في قوله تعالى : ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) وورد عن ابن عباس رضي الله عنه لما نزلت على النبي هذه الآية ( خرج النبي حتى علا المروة ثم قال : (يا آل فهر ) فجاءته قريش فقال ابو لهب :هذه فهر عندك فقل ، فقال يا آل غالب فرجع ابنا فهر بنو محارب وبنو الحارث فقال : يا آل لؤي . فرجع بنوتميم بن غالب . فقال : ياآل كعب بن لؤي ) فرجع بنو عامر وبنو سهم وبنو جمح فقال يا آل كلاب بن مرة فرجع بنو مخزوم بن يقظة فقال أبولهب : هذه بنو عبد مناف عندك فقل ،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله قد أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين وأنتم الأقربون من قريش وإني لا أملك لكم من الله شيئا أو حظا ولا من الآخرة نصيبا إلا أن تقولوا لا إله إلا الله ، فأشهد بها لكم عند ربكم ، فتدين لكم بها العرب وتذل لكم بها العجم .) رواه مسلم وأحمد والبيهقي وغيرهم . كان محمد صلى الله عليه وسلم إنسانا صادقا أمينا وسط قومه شهد له بذلك المعاند لرسالته والمستجيب وانتشرت مكارم أخلاقه بين المؤممنين برسالته ، وأصبحنا نرى اليوم تحقق قول الله تعالى : ( إذا جاء نصر الله والفتح ، ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا .)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

البلاغة والمجاز

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )