كيف تكتب ؟ / اللغة العربية / الإنشاء التعبيري

إذا أردت أن تصنع كلاما ، فأخطر معانيه ببالك ،واختر له كرائم الألفاظ ، واجعلها على ذكر منك
ليقرب عليك تناوله في صباحك ومسائك واجعله ونيسك وجليسك ومنبع فكرك وقلبك الدائم ، ولا يتعبك طلبه لتستلهم منه كل مرداتك في الكتابة ، وتعهده من صغرك و في شبابك ونشاطك ، فإذا غشيك الفتور فاعلم أنك أحوج إليه لتنهل منه في كهولتك وشيخوختك فإنك تقترب من النهاية إلى ربك ، فلا يتخونك الملل فتمسك عن الاسترشاد به؛ فإن الخواطر في كتاب الله كالينابيع يُستقى منها شيءٌ بعد شيء فتجد حاجتك من الرِّيّ، وتنال إربك من المنفعة والصلاح والتوجيه ، فإذا أكثرت عليها ــ يعني الكتابة ــ بعد أن نضُبَ ماؤها من قبسك من آيات الذكر الحكيم ، وقلَّ عنك غناؤها ، فلتتوجه للتدبر فيه والعمل بأوامه ونوا هيه ؛ قربة وتوبة لمن سيؤول إليه الخلائق كلها ، وإياك والتوعر وهو الإغراق في الغموض ، فإنها تسلمك إلى التعقيد وهو الذي يستهلك معانيك ويشين ألفاظك بابتعادك عنه . وإن حدث ذلك معك فقدابتليت بالتكلف في القول ،ولم تسمح لك الطبيعة في أول وهلة بالنجاح بدونه فيتعاصى عليك الكلام والتعبير بعد إجالة الفكر البشري بدون الإبداع الإلهي ، فلا تعجل بتركه لحظة ولاتدعه سحابة يومك فتنسى ما حفظت منه ، ولا تضجر وأمهله سواد ليلتك وهو بين جوانحك وقلبك ،وعاوده عند استيقاظك ونشاطك فإنك لا تعدم بعد ذلك الإجابة المطلوبة والمواتاة المقصودة الهادفة فتخرج كتابتك ناصعة البيان من إعجاز القرآن الكريم وفضل الله عليك بالعمل به فتكون سيرتك محمودة عند كل ذي شان .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

البلاغة والمجاز

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )