من هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم (8) دينيات مفيدة
من هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم في الخطبة في صلاة الجمعة وغيرها21-
كان لايخطبُ خطبةً إلا بدأ وافتتحها ب ( الحمد لله ) ، وكان إذا خطب علا صوته ، واحمرت عيناه ، واشتد غضبه ، حتى كأنه منذر جيش يقول : صبَّحَكم ، ومَسَّاكم ، ويقول : بُعِثْتُ أنا والساعة كهاتين ، ويقرن بين السبَّابَة والوسطى ... ويقول : أما بعدُ ... فإن خيرَ الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشرُّ الأمور محدثاتها ، وكل محدثةٍ بِدعة وكل بدعة ضلالة ،وكل ضلالة في النار..) وكان يُعلم أصحابه خطبة الحاجة ؛ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهدِ الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله .)ثم يقرأ الآيات الثلاث : ( يا أيها الناس اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) 102 من آل عمران ، و ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدةٍ .....) 1 من النساء ، و :( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا .... ) 70 من الأحزاب .، وكان يعلمهم الاستخارة في الأمور كلها ، ويعلمهم السورة من القرآن فقال : إذا همَّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم لِيَقُلْ : ( اللهم إني استخيرك بعلمك ، وأستقدركَ بعلمك ، وأسألك من فضلك العظيم ، فإنك تقدر ولا تقدر ، وتعلم ولا أعلم ، أنت علام الغيوب ،اللهم إنْ كنتَ تعلم أن هذا الأمر ــ ويسمي حاجته ــ خيرٌ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري ــ أو قال : عاجلهِ وآجلهِ فاقدرْه لي ويسره لي ، ثم بارك لي فيه ، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري ــ أو قال : عاجله وآجله ــ فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم أرضني به ).
22- من هديه عليه الصلاة والسلام في النوم والاستيقاظ والرُّؤى ــ جمع رؤية ــ وهي الأحلام في النوم أو اليقظة ،أنه كان ينام على الفراش تارة ، وعلى النِّطعِ ــ وهو بساط من الجلد ــ تارة أخرى، وعلى الحصير تارة ، وعلى الأرض تارة ، وكان فراشه جلد مدبوغ ( أدم ) حشوهُ ليف وكذا وسادته ، ولم يكن يأخذ من النوم فوقَ القدر المحتاج إليه ، ولا يمنع نفسه من القدر المحتاج إليه ،وكان ينام أول الليل ويقوم آخره وربما سهر أول الليل في مصالح المسلمين ، وكان إذا عَرَّسَ والتعريس هو نزول المسافر آخر الليل للنوم والاستراحة يضطجع على شِقِّهِ الأيمن وإذا عرسَّ قبيل الصبح نصب ذراعه ووضع رأسه على كفه ، وإذا لم يقظوه حتى يكون هو الذي يستيقظ ، وكانت تنام عيناه ولا ينام قلبه ، وكان إذا أوى إلى فراشه للنوم قال : باسمك اللهم أحيا وأموت ، وكان يجمع كفيه وينفث فيهما ويقرأ المعوذتين والإخلاص ثم يمسح بهما مااستطاع من جسده يبدأ بهما على راسه ووجهه يفعل ذلك ثلاث مراتٍ .ويقول : اللهم قِني عذابك يوم تبعث عبادك ، وقال لبعض أصحابه : إذا أتيت مضطعكَ فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجعْ على شِقِّكَ الأيمن ثم قلْ : ( اللهم إني أسلمتُ نفسي إليك ، ووجهتُ وجهي إليك ، وفوضّْتُ أمري إليك ، وألجأتُ ظهري إليك ، رغبة ورهبةً إليك ، لا ملْجَأَ ولا مَنْجَى منكَ إلا أليكَ آمنتُ بكتابكَ الذي أنزلتَ وبنبيكَ الذي أرسلتَ واجعلهن آخر كلامك ، فإنْ مِتَّ منْ ليلتكَ مِتَّ على الفطرة .) . وكان صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل قال : اللهم ربَّ جبريل وميكائيل وإسرافيلَ فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة ، أنت تحكمٌ بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، اهدني لما اختُلِفَ فيه من الحق بإذنك ، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم )، وإذا انتبه من نومه قال : ( الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور ) ثم يتسوك وربما قرأ العشر آيات من آخر آل عمران ، وكان يستيقظ إذا صاح الصارخُ وهو الديك فيحمد الله ويكبره ويهلله ويدعوه ، وعن هديه في الرؤى قال : ( الرؤيا الصالحة من الله ، والحُلْم من الشيطان ، فمن رأى رؤيا يكره منها شيئا ، فلينفثن يساره ثلاثا ولِيَتَعَوَّذْ من الشيطان ؛ فإنها لاتضرُّهُ ، ولا يخبر بها أحدا ، وإن رأى رؤيا حسنة فليستشر ولا يخبر بها إلا من يحِبُّ ) وأمر من رأى ما يكره أن يتحول عن جنبه الذي كان عليه ، وأن يُصَلِّي .)
23- من هديه في الفطرة ، واللباس والهيئةِ والزينة :كان صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ التطيبَ ويحب الطيب ، ولا يرده ، وكان أحبَ الطيب إليه ( المسك ) ، وكان يحب السِّوَاك ، ويستاك مفطرا وصائما وعند الانتباه من النوم وعند الوضوء وعند الصلاة وعند دخول المنزل .وكان عليه الصلاة والسلام يكتحِلُ وقال : ( خيرُ أكحالكم الإثمد يجلو البصر وينبت الشّعر) ، وكان يُرَجِّلُ ــ والترجيل هو تسريح الرأس واللحية وتنظيفه وتحسينه ــ.
ولم يثبت عنه حلق رأسه إلا في النسك ، وكان شعره فوق الجُّمَّة ودون الوفرة وكانت جُمَّته تضرب شحمة أذنيه ، ونهى عن القزعِ وهو حلق بعض الراس ، وقال : خالفوا المشركين ، ووفروا اللحى واحفوا الشارب )، أما هديه في ملبسه صلى الله عليه وسلم فكان يلبس ما تيسر من اللباس من الصوف أو القطن أو الكتان وأحب اللباس إليه القميص ، ولبسَ البرود ( وهي الثياب المخططة ) جمع بُرْدٍ ، اليمانية ، والبرد الأخضر ، والجُبَّة ، ولبس صلى الله عليه وسلم ( القباء ) بفتح القاف والباء وهو : ثوب ضيق الكُمَّينِ والوسط مشقوق من خلفه ، وهو يلبس في السفر والحرب لأنه أعون على الحركة ولبس الخُّفَّ والنعل والعمامة ، وكان يجعل بعض العمامة تحت الحنك وهو ( التلحي ) وأرخى الذؤابة من خلفه تارة وتركها تارة ، ولبس الأسود ولبس حلةً حمراء وهي إزارٌ ورداء ، ولبس خاتما من فضة وكان يجعل فصَّهُ مما يلي باطن كفِّهِ ، وكان إذا استجد ثوبا سماه باسمه وقال : اللهم أنت كسوتني هذا القميص أو الرداء أو العمامة ؛ أسالك خيره وخير ما صنع له ، وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له .) وإذا لبس قميصه بدأ بميامينه فيعجبة التَّيَمُّنُ في تنعله وترجله وطهوره وأخذه وعطائه ، وكان إذا عطسَ وضعَ يدهُ أو ثوبهُ على فِيهِ وغَضَّبه صوتَه فقد كان عليه الصلاة والسلام أشدَّ حياءً من العذراءِ في خدرها ، وكان صلى الله عليه وسلم يضحك مما يُضحك منه ،ومعظم ضحكهِ التَّبَسُّم، فكان نهاية ضحكه أن تبدو نواجذه وكان بكاؤه من جنسِ ضحكه لم يكن بشهيق ورفعِ صوتٍ ولم يكن ضحكه قهقهة ، ولكن كانت عيناه تدمع ويسمعُ لصدره أزيز .... صلى الله عليه وسم في كل سكناته وأقواله وأفعاله يحب التوسط في كل شيء.
تعليقات