من هَدْيِ محمد صلى الله عليه وسلم (3) دينيات مفيدة

10- من هدي محمد صلى الله عليه وسلم في صوم رمضان أنه لا يدخل فيه إلا برؤية مُحَقَّقَةٍ أو بشهادةِ شاهدٍ وإلا أكمل عدَّةَ شعبان ثلاثين يوما ، ولم يكن يصُمْ يوم الإغمام ولا أمر به ، وكان خروجه من صيام رمضان بشهادة اثنين برؤيته فيفطر صباح الرؤية مفطرا ويصلي بالمسلمين العيد ، وكان يعجل الفطر ويحث عليه ، ويتسحَّر ويؤخر السحور ويرغب في تأخيره ، وكان إفطاره قبل أن يصلي على رطبات أو تمرات أو حسوات من ماء ، وكان يقول عند إفطاره : ذهب الظمأُ وابتلَّتْ العروقوثبت الأجرُ إن شاء الله تعالى ، وكان يكثر من أنواع العبادة في رمضان وكان جبريل عليه السلام يدارسه القرآن في رمضان ، وكان يخصه من العبادات بالصدقة والإحسان وتلاوة القرآن والذكر والاعتكاف .** نهى الصائم عن الرفث والصخب والسباب وجواب السباب وأمر أن يقول لمن سابه أحدٌ : إني صائم ، وسافر في رمضان فصام وأفطر وخير أصحابه بين الأمرين في المشقة ، وكان يأمرهم بالفطر إذا جَنَوا من العدو ، وكان يدركه الفجر وهو جنب من أهله فيغتسل بعد الفجر ويصوم ، وكان يقبل بعض أزواجه وهو صائم في رمضان ، ويستاك وهو صائم ، ويستنشق ويتمضمض وهو صائم ، ويُصبُّ على رأسه الماء وهو صائم ،وكان من هديه إسقاط القضاء عمن أكل أو شرب ناسيا ، ورخَّص للمريض والمسافر أن يفطرا ويقضيا ، والحامل والمرضع إذا خافتا على نفسهما كذلك . **وفي صيام التطوع يسهله على النفوس فكان يقال لا يفطر ، ويفطر حتى يقال : لايصوم وما استكمل شهرا صياما غير رمضان وأكثر صيامه في شعبان ولم يكن يخرج من شهر حتى يصوم منه ، ويكره تخصيص يوم الجمعة بالصيام ويتحرى الاثنين والخميس في صيامه ، ولا يفطر أيام البيض في حضر ولا سفر ويحض على صيامها ، وكان يصوم من غرة كل شهر ثلاثة أيام ، وقال في صيام ست من شوال : صيامها مع رمضان يعدل صيام الدهر ، ويتحرى صيام يوم عاشوراء ويقول : صومه يكفر السنة الماضية ، وفي صيام يوم عرفة : صيامه يكفر السنة الماضية والباقية لغير الحاج ، وكان من هديه إفطار يوم عرفة بعرفة ، ولم يكن من هديه صيام الدهر بل قال : من صام الدهر لا صام ولا أفطر .، وكان أحيانا ينوي صوم التطوع ثم يفطر ، وكان يدخل على أهله فيقول : هل عندكم شيء؟! فإن قالوا :لا قال : إني صائم **ومن هديه في الاعتكاف : أنه يعتكف العشرَ الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل ، وتركه مرة فقضاه في شوال واعتكف مرةً في العشر الأُول ثم الأوسط ثم العشر الأواخر يلتمس ليلة القدر فداوم عليها حتى لحق بربه عز وجل ، ولم يفعله إلا مع الصوم ، وكان يأمر بخباء فيضرب له في المسجد يخلو فيه وكان إذا أراد الاعتكاف صلى الفجر ثم دخل فيه وكان لا يدخل بيته إلا لحاجة الإنسان ، وكان بعض أزواجه تزوره وهو معتكف فإذا قامت تذهب قام معها يقبلها وكان ذلك ليلا ، ولم يكن يباشر امرأة من نسائه وهو معتكف لا بقبلة ولا بغيرها . وكان يعتكف عشرة أيام من كل سنة فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوما . 11- من هديه صلى الله عليه وسلم في الحج والعمرة : اعتمر عليه الصلاة والسلام أربع مراتٍ منها عمرة الحديبية ولما صده المشركون عن البيت نحر وحلق حيث صُدَّ وحلَّ ، والثانية عمرة القضاء حيث قضاها في العام المقبل ، والثالثة عمرته التي قرنها مع حجته ، والرابعة عمرته من الجعرانة ، وكانت كل عمراته داخلا إلى مكة لا خارجا منها .ولم يعتمر في سنة مرتين وكل عمراته في أشهر الحج ، وقال : ( عمرة في رمضان تعدل حجَّة ) أما هديه في حجه صلى الله عليه وسلم ، فقد بادر عند فرض الحج بحجته الواحدة التي أدَّاها من غير تأخير وحج قارنا ، وأهلَّ بالنسك بعد صلاة لظهر ثم لبى فقال : لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك أن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ) ورفع صوته بالتلبية حتى سمعها أصحابه وأمرهم بها فلزم تلبيته والناس يزيدون فيها وينقصون ولا ينكر عليهم ، وخيَّرَ أصحابه عند الإحرام بين الإنساك الثلاثة ثم ندبهم عند دنوهم من مكة إلى فسخ الحج والقران إلى العمرة لمن لم يكن معه هدي .وكان حجه صلى الله عليه وسلم على رحل وطعامه ومتاعه تحته ، فلما كان بمكة أمر أمرا حتما من لا هديَ معه أن يجعلها عمرة ويحل من إحرامه ومن معه هدي يقيم على إحرامه ثم نهض فنزل بذي طوى فبات بها ليلة الأحد لأربعٍ خَلَوْنَ من ذي الحجة وصلى بها الصبح ثم اغتسل من يومه ودخل مكة نهارامن أعلاها من الثنية العليا التي تشرف على الحجون ، فلما دخل المسجد عمد إلى البيت ولم يركع تحية المسجد فلما حاذى الحجر الأسود استلمه ولم يزاحم عليه ثم أخذ عن يمينه وجعل البيت عن يساره ولم يَدْعُ عند الباب بدعاء ولا تحت الميزاب ولا عند ظهر الكعبة وأركانها ، وحفظ عنه بين الركنين :( ربنا آتنا في الدنيا حسنةوفي الأخرة حسنة وقنا عذاب النار ) ، ورَمَلَ عليه الصلاة والسلام في طوافه هذا الثلاثة الأشواط الأول وكان يسرع في مشيه ويقارب بين خطاه ، واضطبع بردائه فجعل طرفيه على أحد كتفيه وأبدى كتفه الأخرى ومنكبه ، ولما حاذى الحجر الأسود أشار إليه أو استلمه بمحجنه وهو عصا محنية الرأس وقال : الله أكبر واستلم الركن اليماني ولم يقبله ولم يقبل يده عند استلامه ، فلما فرغ من طوافه جاء خلف المقام فقرأ ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ) فصل ى ركعتين والمقام بينه وبين البيت قرأ فيهما : الفاتحة بسورتي الإخلاص وهما ( قل يا أيها الكافرون ) و ( وقل هو الله أحد ) فلما فرغ من صلاته أقبل إلى الحجر الأسود فاستلمه ، ثم خرج إلى الصفا فلما قرب منه قرأ : (إن الصفا والمروة من شعائر الله ...) أبدأ بما بدأ به الله ) ثم رقى عليه حتى رأى البيت فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره وقال : لالإله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده )ثم دعا بين ذلك وقال مثل هذا ثلاث مرات ، ثم نزل إلى المروة يمشي فلما انصبت قدماه في بطن الوادي سعى حتى إذا جاوز الوادي وأصعد مشى بين الميلين الأخضرين وابتدأ سعيه ماشيا ثم أتمه راكبا لما كثر عليه الناس .وكان إذا وصل المروة رقى عليها واستقبل البيت وفعل كما فعل على الصفا ، فلما أكمل سعيه عند المروة أمر كل من لا هدي معه أن يحل الحِّل كله حتما ولا بد قارنا أو مفردا ، ولم يحل هو من أجل هديه وقال : لو استقبلتم من أمري ما استدبرت لما سقتُ الهدي ولجعلتها عمرة ، ودعا للمحلقين بالمغفرة ثلاثا وللمقصرين مرة ، وكان يصلي مدة مقامه بمكة إلى يوم التروية بمنزله بظاهر مكة بالمسلمين يقصر الصلاة ، فلما كان يوم التروية ضُحًى توجه بمن معه إلى مِنًى فأحرم بالحج من كان منهم أحلَّ من رحالهم ، فلما وصل إلى منىنزل بها الظهر والعصر وبات بها ، فلما طلعت الشمس سار منها إلى عرفة ومن أصحابه الملبي والمكبر وهو يسمع ذلك ولا ينكر على أحد ، فوجد القبة قد ضُرِبتْ له بنمرة بأمره ، ونمرة ليست من عرفة وهي قرية شرقي عرفة فنزل بها حتى إذا زالت الشمس أمر بناقته القصواء فرجلت ، ثم سار حتى أتى بطن الوادي من أرض عُرَنَة فخطب الناس وهو على راحلته خطبة واحدة عظيمة قرر فيها قواعد الإسلام وهدم فيها قواعد الشرك والجاهلية وقرر فيها تحريم المحرمات التي اتفقت الملل على تحريمها ووضع أمور الجاهلية ورِبَا الجاهلية تحت قدميه واوصاهم بالنساء خيرا وأوصى الأمة بالاعتصام بكتاب الله واستنطقهم واستشهد الله عليهم أنه قد بلغ وأدى ونصح . فلما أتم الخطبة أمر بلالا فأذَّنَ ثم أقام الصلاة ، فصلى الظهر ركعتين أسرَّ فيهما بالقراءة وكان يوم الجمعة ثم أقام فصلى العصر ركعتين ومعه أهل مكة ولم يأمرهم بالاتمام ولا بترك الجمع ، فلما فرغ من صلاته ركب حتى أتى الموقف ، ولما شك الناس في صيامه يوم عرفة أرسلت إليه ميمونة بحلاب وهو واقف في الموقف فشرب منه والناس ينظرون ووقف في ذيل الجبل عند الصخرات واستقبل القبلة وجعل حبل المشاة بين يديه وكان على بعيره فأخذ في الدعاء والتضرع والابتهال إلى غروب الشمس . وأمر الناس أن يرفعوا عن بطن عرنة وقال : ( وقفت ها هنا وعرفة كلها موقف ) وكان في دعائه رافعا يديه إلى صدره كاستطعام المسكين وقال : خير الدعاء دعاء عرفة ، وخير ما قلت أنا والنبيون قبلي : لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير )، فلما غربت الشمس وذهبت الصفرة أفاض من عرفة بالسكينة مردفا أسامة بن زيد خلفه ، وضم إلى زمام ناقته حتى إن راسها ليصيب طرف رحله وهو يقول : أيها الناس عليكم بالسكينة فإن البر ليس بالإبضاع أي ليس بالإسراع )وأفض من طريق المأزمين ودخل عرفة من طريق ضب ، ثم جعل يسير العنق وهو السير بينالسريع والبطيء فإذا وجد متسعا أسرع ، وكان يلبي في مسيره ولم يقطع التلبية ونزل أثناء الطريق وفبال وتوضأ وضوءً خفيفا ثم سار ولم يصل حتى أتى مزدلفة فتوضأ وضوء الصلاة ثم أمر بالأذان ثم أقام فصلى المغرب قبل حط الرحال وتبريك الجمال ، فلما أحطوا فلما أحطوا رحالهم أمر فأقيمت الصلاة ثم صلى العشاء بإقامة بلا أذان ولم يصل بينهما شيئا ثم نام حتى أصبح ولم يحي تلك الليلة ، وأذنَ لِضَعَفَةِ أهله أن يتقدموا إلى منى قبل طلوع الفجر ، وأمرهم ألا يرموا حتى تطلع الشمس . فلما طلع الفجر صلاها في أول الوقت بأذان وإقمة ، ثم ركب حتى أتى موقفه عند المشعر الحرام وأعلم الناس أن مزدلفة كلها موقف فاستقبل القبلة وأخذ في الدعاء والتضرع والتكبير والتهليل والذكر حتى أسفر جدا ، ثم سار من مزدلفة قبل طلوع الشمس مردفا للفضل بن عباس ، وفي طريقه أمر ابن عباس أن يلتقط له حصى الجمار سبع حصيات فجعل ينفضهن في كفه ويقول : بأمثال هؤلاء فارموا وإياكم والغلو في الدين ..)فلما أتى بطن محسر أسرع في السير وسلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى حتى أتى منى وهو يلبي حتى شرع في الرمي فرمى جمرة العقبة راكبا بعد طلوع الشمس من أسفل الوادي وجعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه يكبر مع كل حصاة ، ثم رجع منى فخطب بالناس خطبة بليغة أعلمهم فيها بحرمة يوم النحر وفضله وحرمة مكة وأمرهم بالسمع والطاعة لمن قادهم بكتاب الله وعلمهم مناسكهم ثم انصرف إلى المنحر بمنى فنحر ثلاثا وستين بدنة بيده وكان ينحرها قائمة معقولة يدها اليسرى ، ثم أمر عليا أن ينحر ما بقي من المائة ثم أمر عليا أن يتصدق بها على المساكين وألا يعطي الجزار في جزارتها شيئا منها وأعلمهم أن منى كلها منحر وفجاج مكة طريق ومنحر ، فلما استكمل نحره استدعى الحلاق فحلق رأسه فبدأ بالشق الأيمن فأعطاه أبا طلحة ثم الأيسر فدفع شعره إلى أبي طلحة وقال : اقسمه بين الناس ) ودعا للمحلقين والمقصرين وطيبته عائشة قبل أن يحل ، ثم أفاض إلى مكة قبل الظهر راكيا ، فطاف طواف الإفاضة ولم يطف غيره ولم يسع معه ولم يرمل فيه ولا في طواف الوداع وأنما رملَ في القدوم فقط ...ثم أتى زمزم بعد أن قضى طوافه وهم يسقون فناولوه الدلو فشرب وهو قائم ، ثم رجع إلى منى فبات بها واَخِتُلف أين صلى الظهر يومئذ ، فنقل ابن عمر أنه صلى الظهر بمنى ، وقال جابر وعائشة صلاهُ بمكة . فلما أصبح انتظر زوال الشمس فلما زالت مشى من رحله إلى الجمار ولم يركب فبدأ بالجمرة الأولى التي تلي مسجد الخيف ، فرماها بسبع حصيات ، يقول مع كل حصاة الله أكبر ، ثم تقدم على الجمرة أماها حتى أسهل فقام مستقبل القبلة ثم رفع يديه ودعا دعاء طويلا بقدر سورة البقرة ، ثم أتى إلى الجمرة الوسطى فرماها كذلك ثم انحدر ذات اليسار مما يلي الوادي فوقف مستقبل القبلة رافعا يديه قريبا من وقوفه الأول ، ثم أتى الجمرة الثالثة وهي العقبة فاستبطن الوادي واستعرض الجمرة فجعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه فرماها بسبع حصيات كذلك ، فلما أكمل الرمي رجع ولم يقف عندها ، وغالب الظن أنه كان يرمي قبل أن يصلي الظهر ثم يرجع فيصلي ، وأذن للعباس بالمبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته ، ولم يتعجل في يومين بل تأخر حتى أكمل رمي أيام التشريق الثلاثة وأفاض بعد الظهر إلى المحصب فصلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء ، ورقد رقدة ثم نهض إلى مكة فطاف طواف الوداع ليلا سحرا ، ولم يرمل في هذا الطواف ورخص لصفيَّةَ لما حاضت فلم تطف للوداع ، وأعمر عائشة تلك الليلة من التنعيم تطييبا لنفسها بصحبة أخيها عبد الرحمن فلما فرغت من عمرتها ليلا نادى بالرحيل في أصحابه فارتحل الناس . قال عليه الصلاة والسلام : ( خذوا عني مناسككم ... ) =========================== صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم الهادي البشير النذير وعلى آله وصحبه وسلم

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

تصريف الأفعال في اللغة الفارسية

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )